لندن: كمال قبيسي
يقولون ان اسم بلدة بنت جبيل، المعروفة بعاصمة المقاومة والمعقل الرئيسي لحزب الله في الجنوب اللبناني، كان جبيل فقط، أي بيت صناعة الخزف والفخار بلغة الآراميين، لكن احدى أميرات العهد التنوخي نزحت اليها قبل 300 عام، هاربة في ظروف غامضة من تاريخ لبنان القديم، فتغير باقامتها اسم القرية وأصبح مع الزمن بنت جبيل. وهي تبعد عن بيروت 120 كيلومترا وتعلو 770 مترا عن سطح البحر، وتقع على طرف القطاع الغربي من جنوب لبنان. يكتبون عن بنت جبيل أن سكانها قبل العدوان الاسرائيلي الأخير كانوا 4 آلاف نسمة، أي تقريبا 10 بالمائة من سكانها الأصليين، البالغ عددهم 44 ألفا، منهم 30 ألفا مهاجرين في أميركا وأستراليا وأفريقيا وبعض الدول العربية والأوروبية، فيما يقيم 5 أو 6 آلاف منهم في بيروت وبعض المناطق اللبنانية. وتضم بنت جبيل 80 عائلة تقريبا، أكبرها عددا عائلة بزي، بينما عائلة قصير هي الأقدم سكنا في البلدة، الى جانب عائلات بيضون وشرارة وسعد وجمعة وفرج والحوراني وبوصي والصغير والشامي ودباجة وحراجلي والزين وحمقة، وغيرها من العائلات المقيمة فيها منذ مئات السنين. وكانت المدينة مركز المقاطعة في زمن الأمراء المعروفين بآل علي الصغير المنافسين لآل سودون ومشطاح وشامي، الذين قضى والي نابلس على معظمهم عام 1478. بعدها برزت عائلة بزي، وعلى رأسها صالح آغا بزي، عام 1729 بسبب مواقفه السياسية، فقد استقبل في داره جنود ضاهر العمر وناصيف النصار اللذين تصدوا للأمراء الشهابيين حكام جبل لبنان آنذاك. وولي الولد الاكبر لصالح، ويدعى سلمان، جباية الضرائب من قبل جمال باشا، المعروف بالجزار، في القسم الجنوبي من جبل عامل، لكن الجزار أعدمه في منطقة عكار بعد وشاية به. ومن بعده برز في 1839 الشيخ حسين السلمان الذي بنى سرايا وجعلها دار الامارة وحظي بمناصرة المصريين له. وورث عنه ابنه تامر بك السلطة وتعرض لكثير من المضايقات الخارجية وتوفي عام 1877 ودفن في ميس الجبل.
كانت بنت جبيل في العهد العثماني مركز مقاطعة هونين، وأصبحت تابعة لقضاء مرجعيون عند تأسيس ولاية بيروت، ثم أصبحت خلال الانتداب الفرنسي مديرية في قضاء صور شملت 39 قرية. وعام 1925 الغيت المديرية لتصبح البلدة عام 1953 قضاء مستقلا يضم 70 قرية خفض عددها بعد عام الى 40، ثم الى 36 قرية.
ومع مجيء الاحتلال الفرنسي للبنان، تشكلت فيها فرق مقاومة، فعرفت فرقة المقاوم محمود أحمد بزي، على غرار فرقتي أدهم خنجر وصادق حمزة. وضمت الفرقة عبد الأمير بيضون ونعيم ظاهر أيوب ويوسف محمود بزي ونمر حمودي بزي، اضافة الى 9 عناصر من خارج البلدة، فواجههم الفرنسيون بطرق عدة، منها اشعال الفتن بين سكان القرى، فأحدث شرخا في التعايش الاسلامي ـ المسيحي بين بنت جبيل وجارتها عين ابل، فكانت بين سكان البلدتين هجومات أدت الى تدمير بنت جبيل وسقوط قتلى وجرحى، فهاجر معظم سكان البلدة الى قرى وبلدات مجاورة، أما من بقي فيها فتمرد على الاحتلال، فاعتقل الفرنسيون، داخل سرايا البلدة نفسها، الحاج علي بيضون، ومعه علي بزي، وهو نائب ووزير سابق، وموسى الزين شرارة وأنيس الايراني