الدلدول في معانيه ومقاصده في بلاد العرب

فى العرف الشعبى المصري، هو ذلك الرجل الذى لاطعم له، ولا رأى، وإن كان بالبحث العميق يختلف عن الإمعة.. والإمعة هو من لارأى له، فإن مال الناس مال، وإن اعتدلوا اعتدل ، يقول رسولنا الكريم في حديث رواه الترمذى « لا يكون أحدكم إمَّعة يقول: إن أحسن الناس أحسننت، وإن ظلموا ظلمت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
وفى بحث للدكتور حنفى احمد بدوى على أستاذ العلوم اللغوية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن الألفاظ العامية في واحة الكٌفْرة الليبية، وعلاقتها باللغة العربية، سنجد المعنى الأقرب إلي عاميتنا، وسنكتشف أن لفظة «دلدول» عربية فصيحة .
يقول الباحث .. إن كلمة دلدول في لهجة الكفرة تعني الخاضع لأوامر الغير فى الحق والباطل، والمعنى المعجمى للجذر « دلدل « : دلدل، وتدلدل الشيء تحرك متدليا، والدلدلة : تحريك الرأس، والأعضاء فى المشى كالدلدال بالكسر، والاسم بالفتح، والدلدل والدلدول : القنفذ .
إذن الكلمة في استعمالها العامى أخذت صورة الاستعارة ؛حيث شبهت الإنسان منعدم الشخصية بالشيء المتدلى الذى يتحرك بلا إرادة منه، أو تشبيها له فى ضعفه بالقنفذ.
والدلدول في »المعجم الرائد« هو حيوان على ظهره شوك طويل يشبه القنفذ ودلدول،دلدل،دٌلدُل هو حيوان من القواضم،يعيش فى البقاع الحارة، مغطى بشوك طويل يشبه القنفذ، وفى مواضع أخري يقال إنه القنفذ.
وهنا نخلص إلى نتيجة مفادها أن المعنى العامى المستخدم في منطقة الكفرة هو ذاته المعنى الشعبى، أو العامى لكلمة الدلدول فى مصر، ليصبح معناها الرجل الخاضع لأوامر الغير فى الحق والباطل، والدلدول قد تجده على المسرح السياسى يسبب من الكوارث مالايستطيع أن يسببه أى نموذج آخر، وتشهد الساحة السياسية المصرى نموا متزايدا لنموذج الدلدول، لعل أكبرهم وأوفرهم حظا هو ذلك النوع الذى يخضع لسلطان زعيم غير شرعى يستمد قوته من تنظيم محظور.
والكارثة ليست فى الدلدول، وإنما في القوة التى تخضعه، وتجعله تابعا لها، فإن كانت جماعة شيطان، فإنه بلا شك سينطق باسم الشيطان، وإن كانت جماعة خير فإنه سيحدث خيرا فى المجتمع، والمصيبة الأكبر ليست فى كون المرء دلدولاً، وإنما أن يكون هذا الدلدول ذا منصب، أو صاحب مسئولية، أما الدلدول الصغير فإنه دلدول على نفسه، أو على أسرته، وبأقصى تقدير قد يكون دلدولا على قبيلته،أما أن يكون ذا شأن أكبر من هذا المحيط، فإنه يختطف هذاالمحيط، حسب هوى القوى المسيطرة عليه والخاضع لها.


والدلاديل أنواع، دلدول يخضع لأوامر رجل، ودلدول يخضع لأوامر غانية، ودلدول يخضع لأوامر عصابة، والنوع الأول ربما تجده زميلا فى عمل، أو فى مهنة أو نقابة، والنوع الثانى ستجده نموذجاً منتشراً فى أوساط الراقصات والغوانى، أما النوع الثالث فهو الأخطر علي الناس لأنه قد ينتشر فى أوساط الحكام، ويرتكب جرائم ضدالمجتمع لصالح عصابته التي يخضع لها.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …