بقلم الأستاذ علي إبراهيم طالب
المكان مدينة غربية كندية بعيدة .
الزمان الاثنين الخامس عشر من أذار 2010 الساعة تشير الى التاسعة والربع صباحاً .
أدار محرك سيارته وانطلق لإنجاز بعض الامور التي كان عليه أنجازها في هذا اليوم الأول ، من هذا الأسبوع الجديد في مسيرة الايام والأشهر والسنوات والعقود من حياته ، حيث تتسارع الايام وتتلاحق نحو المجهول الأكيد .
قبل ان يخرج من منزله هذا الصباح الباكر توجه الى مكتبته الصغيرة المتواضعة وقلب في صفحات ذلك الكتاب الذي يضم اجمل ما قيل من حكم وأقوال مأثورة ، توقف في تلك الصفحة من ذلك الكتاب وقرأ تلك الحكمة الهندية المأثورة التي تقول :
« تعلم من النمل أصول الكسب ، ومن الحية الحكمة ، ومن الحمام الوداعة ، ومن الجمل القناعة ، ومن الديك الإصباح المبكر ، ومن الزهر البشاشة ، ومن الأسد الشجاعة ، ومن الأغصان الرقة واللين ».
يعتقد الكائن البشري انه اقوى المخلوقات على سطح هذه الكرة الارضية ، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً ولا تشوبه اي شائبة ، ولكن هل هو الاحكم والاعدل ، أبدا !
أحياناً كثيراً تلامس تلك الحكمة الهندية كبد الحقيقة عندما تتحدث عن المنطق والحكمة عند بعض الحيوانات وبعض الاشجار اكثر منها عند الكائن البشري الذي يتمتع بالأحاسيس وهو كائن مكون من لحم ودم ومشاعر ايضا .
تصادف في حياتك اليومية وعلى مدار الساعة نماذج عديدة من أنواع البشر وأشكالها ، تختلف بطريقة التفكير واللباس والمنطق ولا سيما اذا كنت تعيش في بلاد غربية مفتوحة المجتمعات ويستطيع المرء فيها ان يفعل ما يشاء ويحلو له تحت شعار الحرية الشخصية التي وصلت في هذه البلاد تحديدا الى أقصى حدودها والفهم الحقيقي لمعانيها وكيفية ممارستها .
يقف الانسان عامة وبعض النظر عن البقعة الجغرافية التي يسكن فيها امام مفترق طرق متشعبة ويقف محتاراً أي الطرق في هذه الحياة يسلك فهناك طرق للخير والشر ، للفضيلة والرذيلة ، للحق والباطل ، للعدل والظلم ، والرذيلة للحق ، والباطل والعدل والظلم انها عشرات الطرق التي يقف المرء أمامها وعليه هو نفسه اختيار الطريق الذي عليه سلوكه والسير به في مسيرة الحياة عامة وعلى ضوء القرار الذي يتخذه الانسان نفسه تبدو الصورة الجلية الواضحة ويُبنى على الشيء مقتضاه .
كان عليه إنجاز الكثير من الامور والمواعيد المختلفة في هذا النهار الآخر من عمر غربته هذه ، أمور كثيرة ومتعددة كانت تتغير امام ناظريه وعلى مدار الساعة ولكن الشيء الواحد والثابت الذي لم ولن يحيد عنه هو إيمانه المطلق بالله تعالى وبالتالي شعوره ان الضمير والحق يقتضيان من كل كائن بشري ان يحافظ على ذلك السر الآلهي الذي وضعه الله تعالى في كل نفس بشرية وهو ان يكون العدل هو سيد كل قرار او كلمة تصدر عنها في هذه الحياة وان يكون الله تعالى موجوداً معنا في كل حركة من حركات حياتنا اليومية .
انها الحياة .