PM 11:48 2015-12-17 من المتوقع أن يسعى حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران روح الله الموسوي الخميني، إلى انتخابه أوائل العام المقبل عضواً في المجلس الذي يختار المرشد الأعلى، حيث يقال إنه يحظى بمباركة متحفظة من المرشد الحالي علي خامنئي.
وافتتح، اليوم الخميس، التسجيل لهذه الانتخابات التي من المرجح أن تشهد اختبار أول عضو في عائلة قائد الثورة الإيرانية لشعبيته في صناديق الاقتراع.
وأثار احتمال ترشيح حسن الخميني في انتخابات مجلس الخبراء في شباط المقبل، مجادلات ساخنة بالفعل بين المتشددين والمعتدين لأن عضوية المجلس ستجعله في قمة المؤسسة السياسية في إيران. ويقول البعض إنه يتطلع في نهاية المطاف إلى شغل منصب المرشد الأعلى.
والخميني الحفيد رجل دين معتدل سياسياً عمره 43 عاماً، وقال أصدقاء الأسرة ومصادر قريبة منه لوكالة “رويترز” إنه يعتزم ترشيح نفسه في الأيام المقبلة.
ونظراً لأنه يحظى بتأييد أنصار أقوياء فإنه في موقف جيد للفوز بمقعد في مجلس الخبراء المؤلف من 88 عضواً.
ومع وفاة أبناء الخميني الآن، فإن حسن الخميني الذي تربطه صلات وثيقة بالإصلاحيين يعتبر الوريث الرئيسي للأسرة. وقد أضفى قراره دخول الساحة السياسية كثيراً من الصخب والحيوية على عالم السياسة في طهران.
وقال مصدر مقرب من الخميني إنه حظي بمباركة المرشد الحالي خامنئي في اجتماع عقد الأسبوع الماضي، حيث قال خامنئي لحسن الخميني: “لا مانع (من ترشيحك) ولكن احذر أن تسئ إلى سمعة الخميني واحترامه”.
وخامنئي عمره 76 عاماً، ولذا من المتوقع أن يضطلع المجلس الجديد بدور مهم في اختيار من يخلفه لأن أعضاء المجلس لا ينتخبون إلا كل عشر سنوات.
وحسن مقرب من الرئيس الوسطي حسن روحاني، الذي زادت شعبيته بفضل الاتفاق النووي الذي توصلت إليه حكومته مع القوى العالمية في تموز.
ويأمل روحاني وحليفه القوي أكبر هاشمي رفسنجاني استغلال تلك الشعبية في مساعدة سياسيين ذوي عقلية مماثلة في كسب غالبية في مجلس الخبراء، وفي الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في اليوم نفسه.
ويأمل روحاني ورفسنجاني (وهما من الأعضاء المخضرمين لمجلس الخبراء) أن يؤدي تحالف يبدو أنهما يعملان على تشكيله مع الخميني الصغير إلى ضخ حيوية جديدة في معسكرهم.
وقال أحد الأصدقاء المقربين من حسن الخميني لوكالة “رويترز” طالباً ألا ينشر اسمه، إن حسن “رجل دين تقدمي لاسيما حينما يتصل الأمر بالموسيقى وحقوق النساء والحرية الاجتماعية”، مضيفاً “إنه يتابع عن كثب الاتجاهات السائدة على وسائل التواصل الاجتماعي ويقرأ الصحف. وهو مهتم بالفلسفة الغربية بقدر ما يهتم بالدراسات الإسلامية”.
وقال الصديق إن حسن الخميني قضى بعض الوقت في ماليزيا لتحسين مهارته باللغة الإنكليزية. وفي الداخل اعتاد أن يجلس في المقاعد العادية في مباريات كرة القدم بدلاً من مقاعد كبار الشخصيات.
خميني إصلاحي
في العام الماضي ظهر حسن الخميني في حدث نادر في أكثر برامج كرة القدم شعبية على شاشة التلفزيون الحكومي وأظهر معرفته الواسعة بدوري كرة القدم الإيراني. وكان لاعباً متحمساً لكرة القدم حتى سن 21 عاماً، حينما أصر جده على أن يذهب إلى مدينة قم لتلقي الدراسات الدينية الإسلامية.
وقال الأسبوع الماضي أثناء لقائه لاعبين إيرانيين كباراً لكرة القدم في مكتبه: “كنت أجيد اللعب في خط الدفاع ولو واصلت اللعب في كرة القدم فلربما حققت شيئاً”.
ولحسن الخميني أربعة أبناء وأصبح ابنه أحمد من مشاهير موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام” في إيران، إذ يبلغ عدد متابعيه نحو 200 ألف. والصور الخاصة بشكل غير عادي التي ينشرها على الموقع تُظهر الصداقة الوثيقة لأبيه مع الإصلاحيين، لاسيما الرئيس السابق محمد خاتمي الذي لا يحظى الآن بقبول لدى خامنئي.
كان خاتمي انحاز إلى المحتجين الذين قاموا بتظاهرات لم يسبقها مثيل في الشوارع في أعقاب انتخابات متنازع عليه في العام 2009.
ولا ينحاز حسن الخميني علانية الى الإصلاحيين، لكن في تحد لموجة الاعتقالات التي أعقبت الاحتجاجات التقى بالسجينين السياسيين علي رضا بهشتي، ومحمد رضا جلالي بور، بعد الإفراج عنهما بيومين في العام 2010.
وقال ناشط سياسي مقرب للاثنين لـ”رويترز” إن “لعائلة الخميني روابط وثيقة بالإصلاحيين من خلال عدة زيجات. وكانت تربط حسن الخميني وخاتمي صداقة وثيقة وقتاً طويلاً. كانا يتريضان معاً ويسبحان معاً”.
ورفض حسن الخميني طلب بعض الإصلاحيين أن يصبح مرشحاً للرئاسة في العام 2012 ، لكن ترشيحه المتوقع الآن لعضوية مجلس الخبراء ينبئ بأن طموحاته السياسية تتركز على اكتساب نفوذ على مستوى عال. ولم يمكن الوصول إلى الخميني لسؤاله التعقيب.
وقال سياسي طلب ألا ينشر اسمه: “ما نراه هو تنافس واضح بين حسن الخميني ومجتبى خامنئي ابن الزعيم الأعلى الحالي”.
وأضاف “كلاهما يريد أن يخلف آية الله خامنئي ولذلك بدأ الاثنان تدريس بحوث (الخارج) في الفقه ودورات متقدمة في الفقه الإسلامي تعتبر ضرورية لمن يريد أن يصبح آية الله”.
ومجتبى خامنئي، وهو أيضاً في العقد الخامس من العمر مقرب من المحافظين والحرس الثوري. ويعتقد كثيرون أن له دوراً كبيراً في الصعود المفاجئ لمحمود أحمدي نجاد للرئاسة في العام 2005 وإعادة انتخابه التي كانت مثاراً للطعن والانتقاد في العام 2009.
ليس متشدداً
وبعد مرور 26 عاماً على وفاته لا تزال كلمات آية الله الخميني، تعتبر في الواقع الدستور الثاني لإيران وقد يكون السجن مآل من يتندر بها.
ولا يتوقع أنصار حسن الخميني منه أن ينتقد ميراث جده، لكنهم يأملون أن يحيي الجوانب المنسية لأبي الثورة.
وقال حسن الخميني لصحيفة “شهروند” الأسبوعية في العام 2008 : “من يزعمون الولاء للإمام الخميني عليهم اتباع أمره بأن يبتعد الجيش عن الحياة السياسية”.
واعتبرت كلماته تلك هجوماً مباشراً على الحرس الثوري، وهم قوة عسكرية ذات نفوذ سياسي هائل في البلاد.
وقال ياسر ميردامادي الباحث في الفلسفة والدراسات الدينية الذي أجرى دراسة متعمقة لمحاضراته، ان “حسن الخميني يروج للجانب العصري والديموقراطي لميراث جده، لكنه يلزم الصمت عن الجانب التسلطي المظلم”.
وأضاف ميردامادي “إنه يريد أن يثبت أن الخميني الحق هو من يحترم حقوق كل الفئات وأن الجانب التسلطي كان ضرورة وقتية في السنوات الأولى للثورة”.
ويعتقد ميردامادي أن المتشددين الذين يبجلون الخميني المتشدد المعادي للغرب سيرفضون ما يرون أنه التفسير الانتقائي لميراثه من قبل حفيده، محذرين من ظهور ما سموه “الخميني ضد الخميني”.
وفي هجوم غير مباشر على رجل الدين قالت صحيفة “كيهان” القريبة من خامنئي الأسبوع الماضي إن ترشيح حسن الخميني “حركة تكتيكية لإخفاء التحريفية الجديدة” في إيران التي تريد أن “تستحوذ على جزء من أسرة الإمام الخميني واستغلاله فيما يناقض الطريق الحق للخميني”.
وهون صديق مقرب من شأن الآراء التي ذهبت إلى القول بأن انتخاب حسن الخميني سيزيد التوتر بينه وبين المتشددين. وقال إن شخصية حسن تتسم بالهدوء والواقعية وعدم الميل إلى الصدام.
وأضاف ان “حسن الخميني ليس متشدداً وثورياً بالقدر الذي كان عليه جده. وهذا هو موطن قوته”.
(رويترز)