عندما ذهب الرئيس المرحوم شارل حلو برفقة زوجته للإطمئنان الى أرملة الرئيس المرحوم فؤاد شهاب، لاحظ الرئيس حلو ان هناك دمعة في عين رقيب من حرسه، وعندما سأله ماذا هناك، قال وهو يكاد ان يبكي: ألا ترى فخامة الرئيس فرش المقعد في الصالون ممزقا ؟ قبل ان يغادر متأثراً جداً، سأل الرئيس حلو زوجة شهاب بخفر وعلى كثير من الألم والضيق: ماذا استطيع ان افعل لك يا سيدتي، قالت: فقط لو تتكرموا بتسديد مبلغ 375 ليرة لبنانية، انا مدينة بها لدكان السمّان.
اخبرني الرئيس حلو شخصياً، كيف ظلّ يبكي في طريق عودته، ولكنني اليوم بعد كل ما فعله النصابون بهذا البلد الممزق، أدمع أيضاً ولا أجد فرقاً بين يتيم يبكي جوعاً في طرابلس أو أي بلدة من وطننا وبين دموع شارل حلو، يوم كان الرؤساء يعملون لبناء الوطن لا لسرقته .
لست أدري لماذا ذهبت بي الذكريات الى هناك، ونحن اليوم، وسط معمعة لا نهاية لها بين الذين نهبوا الدولة وبين الذين تأخذهم مثلي، إحلام تحلّق بعيداً في ان نتمكن فعلاً من المحافظة على لبنة أخيرة في البلد، ونحن ننكب على تحطيم الأنسان فيه قبل تحطيم الجدران واحلام الأطفال!
…وعندما يكون وزير المال بصدد مسح أملاك الدولة او ما تبقى منها، تمهيداً لبيعها ومعالجة الدين العام، والعالم في أسوأ ازمة مالية بما يعني ان الذين نهبوا مالية الدولة أمس سيشترون أملاكها غداً، ونحن الشعب مجرد ماشية في أراضيهم!
راجح خوري
النهار ٢٢/٤/٢٠٢٠