من يدعي حصرية تمثيل المذهب الجعفري؟

نشرت جريدة الدّيار اللبنانيَّة الخبر التالي:

“جاءنا من مؤسَّسة العلامة السيّد محمد حسين فضل الله التوضيح الآتي:

“ورد في جريدتكم الغراء بتاريخ 27/9/2013، بيان للحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية، تضمَّن رأياً لأحد رجال الدين حول فتاوى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله(رض) في هذا المضمار، فاقتضى التوضيح مراعاةً للإنصاف، وتعميماً للفائدة.

يطالعنا بين الحين والآخر من يستخفّون باجتهاد لفقهاء كبار، بحجَّة ندرة القول وشذوذه في مسألة ما، وينصّبون أنفسهم أولياء على الدين والمذهب، والأنكى من ذلك القول إن هذا الرأي الاجتهادي أو ذاك، لا يعبّر عن رأي المذهب الجعفري، بل هو رأي شخصي، فيا ترى من هو الذي يعبّر عن رأي المذهب الجعفري، ما دام باب الاجتهاد فيه مفتوحاً؟

أما اشتهار الرأي حول موضوع معيَّن، فقد بيَّن العلماء الكبار في أبحاثهم أنّه ليس حجة، بل الحجَّة ما دلَّ عليه الدّليل، وهذا ما يختلف الرأي فيه، فالأسلم هو الخروج من هذه الأقوال التي تدين أصحابها، والقول إنه ما دام باب الاجتهاد مفتوحاً ضمن أصوله ومبادئه، فإنَّ كلّ مجتهد اجتمعت فيه الشّروط المعتبرة، يحترم رأيه، ويمكن لمن يقلّده العمل به. ومع اختلاف تقليد المتنازعين، يرجع الحكم الفصل إلى القاضي الشَّرعي الَّذي قد يعمل بالمصالحة.
وفي هذا المقام، وفي بحث الحضانة وما يثار حوله من جدل، وللفائدة، فإنَّ فقه المذهب الجعفري يتنوَّع الرأي فيه بين عدة آراء، فيقول الرأي الأول: إنَّ حق الحضانة للأم سبع سنين مطلقاً، سواء كان الولد ذكراً أو أنثى.
الثاني: إنه الاستغناء عن الرضاع مطلقاً، أي مدة حولين، لكن الأولى عند الأنثى إلى سنّ السابعة.

الثالث: إنه في الذكر كمال الحولين، وفي الأنثى كمال السَّبع، وهذا هو رأي الإمام الخميني(رض).

الرابع: إنَّ الأم أحقّ بالولد مطلقاً ما لم تتزوَّج، وهو الَّذي ينسب إلى الشَّيخ الصَّدوق.

الخامس: إنَّ الأم أحقّ بالذكر إلى السنتين، وبالأنثى إلى التسع، وهو الذي يراه الشيخ المفيد، وتلميذه سلّار الديلمي.

السادس: وهو المنقول عن ابن الجنيد، واختاره الشيخ الطوسي في كتابه الخلاف، ويقول إنَّ الأم أحقّ بالأنثى ما لم تتزوج، وبالصبي حتى يبلغ سبع سنين.

السابع: إنَّ الأم أحق بالذكر إلى سبع سنين، وبالأنثى إلى تسع سنين، وهو ما يظهر من كلمات القاضي ابن البراج الطرابلسي.

الثامن: إنَّ الأب أحق بالذكر إلا في مدة الحولين إذا رضيت بما يرضى به غيرها، أو تبرعت، فإنها تصير حينئذ أحق، هذا إن وقع التشاجر والنزاع بين الأبوين في الحضانة، وإن لم يكن هناك تنازع بينهما، فالأم أحق به إلى سن السابعة ما لم تتزوج، وهو مختار المحقق البحراني صاحب الحدائق الناضرة.

والرأي الفقهي لسماحة المرجع الكبير والفقيه المجدّد السيد محمد حسين فضل الله(رض)، هو أن الأم أحق بحضانة الولد، ذكراً كان أو أنثى، إلى عمر سبع سنين، إلا إذا كانت الأم أقدر على حضانة الولد من الأب، لعدم قدرته على القيام بمسؤولياته، فإنه يعود ذلك إلى الأم، وهو الَّذي اختاره العديد من كبار فقهاء الشّيعة، كالمقدس الأردبيلي وتلميذه صاحب “المدارك”، وتبعه عليه المحقّق السبزواري في “الكفاية”، واختاره السيد محمد صادق الروحاني في “فقه الصادق”، وقال به السيد المجاهد الطباطائي في كتابه “المناهل”: “إنه أحوط بل في غاية القوة”، واختاره أيضاً الفقيه الكبير السيد محسن الحكيم(رض).

وفي هذا المجال، فإننا ندعو كلّ الَّذين يتحدَّثون عن رأي فقهي يتّبعونه، اجتهاداً أو تقليداً، أن لا يتنكَّروا للآراء الفقهيَّة الأخرى، إنصافاً للحقيقة ولتنوّع الرأي””.
مؤسسة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …