زوار من العالم فاضت دموعهم لرؤية أقدم رقائق القرآن
العربية : لندن- كمال قبيسي – Today 02:21
خطفت مخطوطة من القرآن، يعتبرونها بين أقدم ما تم العثور عليه للآن، مشاعر وأحاسيس، اختلجت في نفوس زوار أقبلوا من دول عدة لرؤيتها منذ بدأوا يوم الجمعة الماضي بعرضها في مدينة بريطانية، بعيدة 200 كيلومتر عن لندن، إلى درجة أن سعوديا أكد وهو يحدّث “العربية.نت”عن شعوره حين رآها، أن أعين بعض من هفت قلوبهم إليها “فاضت بالدمع تأثرا” كعينيه وهو يتأمل صفحتي الرقاقة الموضوعة بصندوق زجاجي يستمر عرضها فيه حتى 25 أكتوبر الجاري في مبنى تابع لجامعة برمنغهام الشهيرة.
خبر تلك المخطوطة، لمن يتذكره، طوى العالم بأسره يوم أعلنت الجامعة في يوليو الماضي أنها عثرت عليها ملحقة في مكتبتها عن طريق الخطأ بنسخة أحدث من القرآن، ثم اكتشفت أنها أقدم منها بكثير، ومتطابقة مع نسخ موجودة حاليا من القرآن، من دون أي تغيير أو تحريف، سوى تلف في حواف صفحتيها المحتويتين على آيات من نهاية “سورة مريم” وآيات من بداية “سورة طه” في الكتاب الكريم.
وأسرعت الجامعة إلى فحص رقاقتي الصفحتين بتقنية “الكوربون المشع” في جامعة أوكسفورد، لتتعرف إلى زمنهما، وأدهشتها النتيجة التي ذكرتها “العربية.نت” في تحقيق موسع عن المخطوطة ذلك الشهر، وأكدت بنسبة 95 % أنها رقائق من جلد غنم أو ماعز، تعود إلى الفترة بين 568 و645 بعد الميلاد، علماً أن السير النبوية تجمع بأن ولادة الرسول كانت عام 570 وبعثته بدأت في 610 ووفاته كانت عام 632 بالمدينة المنورة.
مبتعث سعودي وصف شعوره حين رأى المخطوطة
وأقبلت القلوب قبل الأعين لرؤيتها
أما الكتابة على الرقاقة الجلدية، فمال البحث إلى أنها بيد أحد أصحاب النبي، أو كان يعرفه شخصيا وعاصره، ودونها بخطه في زمنه، أو في وقت لم يكن مر على وفاة الرسول أكثر من 13 سنة، أي بزمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كحد أقصى، لذلك أقبلت القلوب قبل الأعين إلى معرض جامعة برمنغهام لتراها وتتأملها، وتستوحي منها كل خاطر جميل، بعد أن قررت الجامعة عرضها مجانا على العموم بدءا من 2 أكتوبر الجاري.
أقبلوا عشرات في اليوم الأول، وتضاعف العدد أمس السبت، لإلقاء نظرة عليها تحت قبة “مبنى الموسيقى” التابع للجامعة في مدينة برمنغهام. أما اليوم الأحد، وما بعده، فيتوقعون أن يضيق المكان بمئات، جاء بعضهم من دول في الخارج إلى معرض ألمت “العربية.نت” بتفاصيله من موقع صحيفة Birmingham Mail المحلية، وفيه الوارد أيضا بموقع الجامعة، من أنه يفتح أبوابه الساعة 10 صباحا حتى 5 بعد الظهر، فيما يستمر كل أربعاء إلى 7 مساء، ويغلق أبوابه يوم 17 الجاري للراحة، ليعيد فتحها للراغبين حتى آخر أيام المعرض في 25 أكتوبر.
جامعة برمنغهام والمبنى المعروضة فيه النسخة القرآنية ضمن صندوق زجاجي حتى 25 أكتوبر
“وهذا ما زاد من ايماني أكثر”
ممن رأوا المخطوطة، مبتعث سعودي يقيم في برمنغهام ويدرس بجامعتها “علم السرطان” سنة ثالثة، هو فادي صالح قشقري، المولود قبل 31 سنة بمكة، حيث نشأ وتشبع بموحيات روحية، تأتيه من مجاورته للحرم المكي، ومن “جبل النور” القريب، حيث “غار حراء” الذي شهد نزول أول وحي قرآني عام 610 للميلاد، فإذا بدورة الزمن تحمل إليه بعد أكثر من 1400 عام، رقاقة من ماض سحيق، كتب عليها أحد أصحاب الرسول، أو معاصر له، آيات من الوحي “وربما لمسها النبي بنفسه، وهذا ما زاد من إيماني أكثر” كما قال.
عبر الهاتف من برمنغهام، تحدث فادي قشقري إلى “العربية.نت” عن مزيد من شعوره أيضا حين رأى المخطوطة الجلدية في الصندوق الزجاجي، ولأول مرة في حياته، وقال: “شعرت بقشعريرة تتملكني بالكامل وأنا أقف أمامها أتأملها، وبقيت صامتا” وفق تعبيره.
ذكر أنه غاب للحظات وهو يتأمل الرقاقة “أنا بشكل خاص، لأني من مكة، ولأنها تحتوي على آيات من سورتين مكيتين، فرحت أتصور في لحظة ما أني أنظر إلى رقاقة قد تكون (وكرر “قد تكون” مرتين) هي نفسها التي قرأ فيها عمر بن الخطاب “سورة طه” في بيت شقيقته، فامتلأ قلبه سريعا بالإيمان، ومضى إلى دار الأرقم في جبل “الصفا” بمكة، وهناك أشهر إسلامه أمام النبي” ثم نصح قشقري كل من باستطاعته أن يزور المعرض ليشعر بالشيء نفسه، وربما أكثر.
وقال قشقري انه رأى بنفسه زوارا فاضت دموعهم وهم يتأملون الرقاقتين في الصندوق الزجاجي