بخلاف ما يعتقد الكثيرون ، يبدو ان الاتفاق النووي الغربي ـ الايراني بحروفه الاولى لن يحمل الخير معه للبنان، وسط التسريبات المتصاعدة عن استعدادات اسرائيلية للرد تزامنا مع استعراضات القوة شبه اليومية من ادخال غواصة «دولفين» النووية الخدمة الفعلية، وصولا الى الاعلان عن نجاح منظومة «مقلاع داوود» المضادة للصواريخ.
فبين حدّي تهديد حزب الله ومن خلفه لبنان بالويل وعظائم الامور من جهة، وتطمين الداخل الاسرائيلي عبر تجديد الثقة بقدرات «تساحال» من جهة ثانية، تتجند الماكينة الاعلامية الاسرائيلية في استعراضات القوى التي اخرها الاستعدادات التي تجريها شعبة التخطيط بالتعاون مع قيادة الجبهة الداخلية، استعداداً للمناورة السنوية «نقطة تحول»، والتي انطلقت مع توزيع كتيب ارشادات للحرب المقبلة، وتوقعات مجرياتها، الذي وزّع على المؤسسات العامة والبلديات.
وقد سبب تسريب الكتيب وما تضمنه من توقعات حالة من الهلع والقلق الإسرائيليين، خاصة في المنطقة الشمالية والمستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، مع تصاعد التحليلات عن امكان اقتحام حزب الله لمنطقة الجليل والمخاوف من استهداف مستودعات «الأمونياك»، «الهيدروجين» و«الاثيلين» في حيفا، ما قد يؤدي إلى ما «يشبه انفجار قنبلة نووية» يمتد ضررها على مساحة عشرات الكيلومترات، رغم جزم رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، الجنرال غابي أشكنازي، بأن حزب الله «غير قادر على احتلال الجليل رغم كل القوة التي يملكها والتي لا تقاس حتى الساعة بقوة الجيش الإسرائيلي.
كلام سبقته تصريحات لوزير الدفاع موشيه يعالون، ركز فيه على أن إسرائيل ستواجه إطلاقاً واسعاً للصواريخ في اي مواجهة مقبلة، لافتاً إلى «أن الشمال «يشكل تحدياً كبيراً لجهة تلقي العدد الأكبر من هذه الصواريخ، الأمر الذي يوجب الاستعداد جيداً»، مضيفا «أن المكوّن الحاسم في الحرب المقبلة سيكون العمليات الهجومية التي ستدفع إلى وقف إطلاق النار»، ملمحا الى ان استراتيجية جيشه في هذا الاطار تقوم على تقصير أمد الحرب.
في المقابل، استعرض عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي الاستعدادات «غير المسبوقة» للحرب، حيث اعلن قائد لواء غولاني، العميد غسان عليان، إن التدريبات الأخيرة التي نفذها اللواء جاءت «في اطار برنامج التدريب الموضوع لمواجهة حزب الله ومعرفة اساليب عمله والتعرف إلى مناطقه وانتشاره واستعداداته»، فيما أكد قائد اللواء السابع المدرع العميد نداف لوتن، أن الجيش يستعد لحرب على الجبهة الشمالية «مع عدو لا يستهان به ، ساحتها الاكثر تعقيدا لبنان».
وفي الإطار نفسه، اكد قائد سلاح الجو الإسرائيلي، الجنرال أمير ايشل، في كلمة في الكلية العسكرية في تل أبيب، إن «نقلة نوعية انجزت على صعيد سلاح الجو،توازي التغييرات الجوهرية التي طرأت عند العدو، والتي يتابعها الجيش الاسرائيلي عن كثب، محبطا محاولات كسر المعادلات الاستراتيجية القائمة واللعب بتوازناتها، من خلال نقل العتاد النوعي من ايران عبر سوريا الى حزب الله «، رغم اعترافه بان خطرين اساسيين يهددان قواته ، الاول مدى صواريخ أرض ـ جو التي وصلت الى الحزب، وثانيها الاستهداف المدفعي والصاروخي لقواعد سلاح الجو في المواجهة المقبلة، في اطار استراتيجية حزب الله لشل حركة الجيش الاسرائيلي وحرمان القوات البرية من الغطاء الجوي».
بالعودة إلى تقديرات الحرب المقبلة، أشار ضابط رفيع لصحيفة «معاريف»، إلى أن في إمكان صواريخ حزب الله أن تصل إلى كل نقطة في إسرائيل، بدءاً من مستوطنة «دان» في أقصى الشمال، حتى مدينة إيلات في أقصى الجنوب، مضيفا أن «هذا التقدير ليس بسر، وليس مخفياً، والمنطقة الشمالية هي الأكثر خطورة. وإذا سألتموني إن كانت الجبهة المدنية هي جبهة فرعية في الحرب المقبلة، أؤكد لكم أنها ستكون الجبهة الأساسية في هذه الحرب» لافتا إلى أن الجهد الأساسي للجبهة الداخلية في الحرب مع حزب الله سيتركز على تأمين الخدمات وعمليات الإنقاذ وتقليص الأضرار الاقتصادية، مع العمل على تقصير أمد القتال وإنهاء الحرب سريعا».
وكان احد كبار ضباط الجبهة الشمالية كشف ان قواته تجري تدريبات مكثفة على الحرب القادمة مع لبنان، مؤكداً أن مثل هذه الحرب باتت حتمية، بدعوى تطورات الوضع في سوريا والمكانة القوية الثابتة لإيران في المنطقة، والإقتراب من توقيع تفاهمات غربية إيرانية، ستضع تل ابيب أمام وضع جديد يصبح فيه كل بيت إسرائيلي مهدداً.
وبحسب ما تسرب فان هذه التدريبات تتم في أكثر من منطقة، في الجولان، وفي منطقة تساءليم في النقب، حيث تم بناء قرية شبيهة بالقرى اللبنانية في كل واحدة منهما، وكذلك في عدد من القرى العربية في «إسرائيل»، حيث جرت مناورات مماثلة في قريتي «كفر مندا» في الناصرة، و«عيلبون» في طبريا، خلال الاسابيع الماضية. وفي نموذج القريتين اللبنانيتين تم بناء أنفاق لمواجهة احتمال أن يكون حزب الله قد أقام سلسلة أنفاق شبيهة بأنفاق قطاع غزة.
الاثنين القادم يطل امين عام حزب الله لاول مرة في مقابلة تلفزيونية عبر شاشة الاخبارية السورية، حيث يتوقع الكثيرون ان يرسم توازنات جديدة على الساحتين اللبنانية والسورية في مواجهة الهجمة الاسرائيلية المترافقة مع تقارير بالجملة عن الحرب القادمة والاستعدادات لها.