كابوس المدرعات

تشكل الصواريخ المضادة للدروع نواة تشكيلات المشاة العسكرية، وقد اكتسب هذا النوع من الأسلحة أهمية كبرى، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية، حين احتك جنود المشاة بسلاح المدرعات على جبهات القتال مباشرة.
ومن هنا عملت المراكز المختصة بتطوير أسلحة المشاة ضمن الجيوش على تحديث فعالية هذا النوع من الأسلحة نظراً لما أثبت من أهمية في القتال البري، إذ باستطاعة مجموعة صغيرة ضمن تشكيلات كتائب المشاة صدّ تقدم كتيبة مدرعات بالكامل، إذا ما تم تجهيزها بالسلاح ذي الفعالية الملائمة.
ومن هنا، قد يشكل نوع السلاح المضاد للدروع أهمية كبرى خلال الاحتكاكات البرية، خاصة أن لاستخدام هذا النوع من الأسلحة تكتيكات تتلاءم مع مختلف ظروف المعركة، فقد استخدم جنود الاتحاد السوفياتي مثلا بندقية «مضادة للدبابات» من طراز «بي تي ار دي» من عيار 14.5 ميللمترا، وهو سلاح لعب دوراً بارزاً خلال الحرب العالمية الثانية، واستُخدم لمكافحة الدبابات الخفيفة والمتوسطة على مدى يصل إلى 600 متر. وسمحت قوة هذه البندقية.
ولكن التطور الأبرز لهذا النوع من الصواريخ بدأ مع ظهور أول نموذج من القاذف الروسي المضاد للدروع «أر بي جي-2» في العام 1952، إذ شكل نموذجاً فعالاً في ذلك الوقت وصل مداه إلى 100 متر تقريباً.
ولكن النموذج الأنجح كان «أر بي جي-7» الذي صنعه السوفيات في العام 1959، وقد أثبت هذا السلاح جدارة وفعالية كبيرتين.
إلا أن النموذج الأكثر تطورا وفعالية من هذا النوع من القذائف كان «أر بي جي 29- ن«، وهو قاذف صاروخي ذو رأس ثنائي (الأول للاختراق والثاني للتفجير) مصمم لتدمير الدبابات والعربات المدرعة والدشم المختلفة.
وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن معظم إصابات دبابات الـ«ميركافا» التي أحرقت في حرب تموز العام 2006 من قبل المقاومة في لبنان تمت بواسطة هذا القاذف المتطور الذي وصل عن «طريق سوريا إلى مقاتلي حزب الله». كما استخدمته المقاومة الفلسطينية خلال العملية العسكرية البرية التي قامت بها إسرائيل على قطاع غزة في العام 2009.
إلى ذلك، برزت أيضاً الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، منها صاروخ «9-كي-11 ماليوتكا» أو «ساغر-أ تي 3» روسي الصنع، وهو صاروخ يصنف من الجيل الأول «الموجه بالسلك» حيث يوجه الرامي الصاروخ ثم يتابعه ببصره حتى يتلاقى مع الهدف.
ولكن الصاروخ الأبرز المستخدم في هذا المجال والذي أثبتت العمليات العسكرية للمقاومة خلال حرب تموز العام 2006 وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة في العامين 2009 و2012 مدى فعاليته هو الصاروخ الروسي الموجه المضاد للدروع من طراز «كورنيت ـ 9 ام ـ 133».
وتم الإعلان الرسمي عن دخول هذا الصاروخ الخدمة في الجيش الروسي في العام 1994، بينما تم البدء في تطويره في العام 1988 كنظام أساسي في تسليح وحدات المشاة، وبإمكانه التعامل مع خليط من الأهداف البرية الثابتة والمتحركة كالدبابات وعربات القتال المدرعة والمخابئ والتحصينات، وذلك اعتمادا على نظام توجيه ليزري سهل الاستخدام.
وتفوق سرعة طيران الصاروخ نحو هدفه سرعة الصوت، ويتراوح مداه ما بين 100 متر و5500 متر أو (3500 متر ليلا)، ويعتمد على نظام دفع بالوقود الصلب بمخرجين للعادم بكل جانب من الصاروخ يمنحانه ميزة الدوران حول نفسه عند الانطلاق نحو هدفه، ما يزيد من استقراره خلال الطيران. ويمكن لهذا الصاروخ العمل في كل الظروف المناخية. ويحمل الصاروخ رأسا «ترادفيا» يسمى «تانديم» شديد الانفجار، ذو قدرة اختراق تدميرية تتراوح بين 1000 إلى 1200 ميليمتر في ما يخص الدروع التفاعلية المتفجرة.
وقد شكل عامل المفاجأة الذي اعتمدته المقاومة الفلسطينية من خلال إحاطة امتلاكها هذا النوع من الصواريخ بسرية تامة العامل الأبرز في المعارك، بالإضافة إلى استخدامه بأسلوب قتالي متقدم.

السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …