فِل

ابراهيم الأمين
ماذا يتوقع منّا ميشال سليمان؟
أن نشكره مثلاً؟ أن ننظّم مسيرة مليونية في اتجاه قصر بعبدا لنرجوه أن يبقى فوق رؤوسنا الى يوم الدين؟ أن نرفع اليافطات والصور العملاقة له ولحاكم الجزيرة العربية وللعنصري المختار رئيساً لفرنسا، ونركع على الأرض شاكرين على هذه المكرمة؟
ما الذي تفعله يا سليمان؟ هل حدثتنا أمس عن «إعلان بعبدا سعودية»؟
هل صرت ناطقاً باسم قمّة تجمع أكبر عدوّين للبنان وسوريا وفلسطين والعراق؟
هل تصدّق أنك نجحت، حيث فشل الآخرون، في إقناع فرنسا والسعودية بتوفير أموال وأسلحة ليقوم الجيش اللبناني بمواجهة المعتدين على سيادة البلد وكرامة أهله؟
هل تصدّق، وتريد لنا أن نصدّق، أن الجمعية الخيرية السعودية ــــ الفرنسية استفاقت على حاجة الجيش اللبناني الى دعم وتسليح للمحافظة على استقلال لبنان؟
هل تصدق أن السعودية تموّل صفقة تستهدف مواجهة الارهابيين الذين يحصلون منها على التمويل الفكري والتسليحي والمالي والاعلامي؟
كيف يستقيم أن تقوم فرنسا هولاند، الكارهة للعرب وللمسلمين ما عدا أتباعها، والتي تعمل كصبي غير موثوق عند الاميركيين، والتي تتولى رعاية قسم كبير من الاعمال الارهابية في سوريا، وتتخذ من سفارتها في لبنان مقراً لإدارة أعمال مشينة في حق الانسانية، وتنشط استخباراتها في كل مكان من لبنان وسوريا والاردن وتركيا، بواجهات متنوعة، من الباحثين والدارسين الى الدبلوماسيين والصحافيين، وتعمل على تخريب كل شيء، تريد فعلاً أن يكون جيش لبنان جاهزاً دائماً للقضاء على هذه العناصر عند الحدود مع لبنان وفي داخله؟
هل تريدنا، أيها الرئيس القوي، أن نصدق أن الملك شاهد رؤية في منامه، واستفاق رافعاً الصوت طالباً من مساعديه سؤال لبنان عن حاجاته العسكرية، ثم طلب من المتسوّل الفرنسي الواقف عند بابه أن يزيد من حجم «الطلبية» ويحسب حساب لبنان من ضمن صفقات الاسلحة المفترض أن تحصل عليها السعودية من فرنسا، بغية توطيد العلاقات في وجه الخصم المشترك، من إيران الى العراق وسوريا ولبنان، وأنه يفعل ذلك لأن سعد الحريري ينام عند باب غرفة نومه منذ مغادرته بيروت، راجياً ومصلياً أن يقرر الملك هذه المكرمة؟
يقول المثل: يا رايح كتّر الملايح؟
الأكيد أنك تتصرف على أساس أنك باق في منصبك. والأصح، أنك تتصرف لكي تبقى في منصبك. والأكيد أكثر أنك تقول لنا إنك مستعد لأي شيء، بما في ذلك أن تكون ناطقاً باسم خادم الحرمين وصديقه الصهيوني هولاند، كرمى لأن تبقى في منصبك. والأكيد الأكيد أنك تعرف أن عليك القيام بأمور كثيرة حتى يعلن عبدالله وهولاند، بصورة رسمية، دعوتهما اللبنانيين الى التمديد لك لولاية جديدة أو حتى لمدى الحياة.
هل تنكر أنك «بازرت» حزب الله، على وجه الخصوص، بأنك مستعد لإيجاد تسوية في شأن الحكومة إذا وافق على التمديد لك، وأنك اخترعت لنا بعبعاً اسمه «الغضب السعودي» في حال سارت الامور في لبنان على غير ما يريد. وتريد إقناعنا بأن إرضاء السعودية صار شرطاً للمحافظة على الاستقرار في لبنان؟
ما الذي تفعله أيها الرئيس المفدّى؟
هل أنت مسرور بالتعاون مع حاكم الجزيرة الذي لا يهتم لحياة عشرات الآلاف من السوريين الذين يُقتلون بتمويله وتسليحه وإرهابييه، وهو الذي يتكرّم عليك من أموال منهوبة من شعب يعاني ثلثه الفقر؟ أم أنت مسرور بهولاند، الدمية الاميركية، الذي منع برلمان فرنسا من الاجتماع للبحث في العدوان على سوريا، وقال لشعبه إنه ينتظر قرار البرلمان الأميركي؟ وهو الذي لا يعرف غير القتل في ليبيا وأفريقيا وسوريا منذ توليه منصبه خلفاً لمن صار الناس يترحّمون عليه، في فرنسا قبل غيرها؟
لنقل الكلام كما هو، وكما يجب أن يكون.
في آخر زيارة لك للرياض، قال لك صاحب المكرمة إن واجب الجيش هو مقاتلة حزب الله ومنعه من الدخول الى سوريا ونزع سلاحه. وقال لك إن دعم الجيش مشروط بهذا الدور. وفي آخر زيارة لك لفرنسا، قال لك هولاند إن هناك فرصة لجيش لبنان ضمن صفقة كبرى ستتم بين بلاده والسعودية، لكن عليك ـــ أنت ميشال سليمان ـــ أن تظهر الإشارات التي تطمئن السعودية الى مستقبل جماعتها في لبنان، وأن ترفع الصوت ضد حزب الله، وأن تضمن أن السلاح لن يستخدم في غير مكانه.
هل تشرح لنا أين يجب أن يستخدم، إلا إذا كنت تعتقد أنه يمكن تفريغ الغضب في صدور أبناء مخيم جديد في لبنان بعد مذبحة نهر البارد؟ هل تعتقد، فوق كل ذلك، أنك تضمن ألا يذهب هذا السلاح الى جهات مستعدة، أو يجري إعدادها، لتكون جاهزة لمواجهة مع المقاومة، أم أنك ستوافق على مشروع طلب سيصلك من قبل فريق 14 آذار بأن تحوّل قسماً من هذا السلاح لمصلحة قوى الأمن الداخلي؟
ليس من كلام مباشر لك في حالتك وأنت تشكر السعودية كأنك أحد رعاياها: ارحل الآن. اترك القصر والرئاسة!
والله (بكسر الهاء)، إن الفراغ في بعبدا أكثر فعالية من بقائك هناك.
يستر على عرضك… فِلْ!

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …