فشلوا فاستعروا

الاحساس بالفشل يُسعِّر المواقف الاميركية ضد سورية
امين محمد حطيط ..الثورة \دمشق..17\3\2014\
في توقيت يكاد يكون واحدا ، اتخذ الاخضرالابراهيمي المسمى وسيطا دوليا للبحث عن حل سلمي للازمة السورية ، و الناطقة باسمالخارجية الاميركية ،اتخذا مواقف تكاد تكون متطابقة لجهة انتقا امور تقوم بهاالدولة السورية و تقع في صلب اختصاصاتها و شؤونها الداخلية السيادية التي ليس لاحدان يتدخل فيها ، مواقف الطرفين جاءت ايضا بصلف و رعونة تثير الاسئلة حول دوافعها واسبابها الان ؟
قبلالاجابة نرى ان ذكر بان الابراهيمي لم يعين مبعوثا الى سورية باسم الامين العام للاممالمتحدة ، بسبب فرادة مزاياه و حنكته الدبلوماسية الفذة كما يحاول البعض ان يلصقبه مثل هذه الصفات ، خاصة و ان في العالم من هو اهم منه و اكثرنزاهة و تجردا و بشكل لا يقوم التفاضل بينهم. و لم يعين الابراهيمي وسيطا خلفالكوفي انان الذي استقال من وظيفته لانه لمس رفضا مضمرا لحل سلمي يحفظ لسوريةسيادتها و قرارها المستقل و حق شعبها في اختيار حكامه خلافا لما تريده اميركا وجبهة العدوان معها .
انما تم اختيار الابراهيمي من قبل الامين العامللامم المتحدة و انيطت به مهمة تستجيب لما ارادته اميركا من العدوان على سورية مهمةتبدأ باستبدال الحكم السيادي الاستقلالي الذي يقوده الرئيس بشار الاسد ، بحكم الدمىالتي تحركها اميركا و يتنازل لاسرائيل عن كل ما يطلبه الكيان المغتصب من اجلالتجذر في الشرق في سياق المشروع الصهيواميركي المسمى الشرق الاوسط الكبير الذييوضع فيه مال العرب و ثرواتهم و انسانهم بتصرف العقل الصهيوني كما قال يوما شمعونبيرس .
و هنا لا بد من التذكير بان المتغيراتالدولية التي بدلت خريطة القوى في مجلس الامن و افقدت اميركا سيطرتها على قرارالمجلس بشكل احادي منفرد ، لم تصل الىالامانة العامة للامم المتحدة التي لا زال يشغل منصب الامين العام فيها الشخص الذيتختاره اميركا و يكون تابعا لها منفذا لقراراتها و سياساتها كما لو انه موظف فيالخارجية الاميركية ، و هذا هو حال الامين العام الحالي بان كي مون الذي عينتهاميركا في منصبه بعد ان اختارته من كوريا الجنوبية الدولة التي تدور في فلكها بتبعية تامة و تمن عليها بانهاتؤمن لها الحماية و الدفاع ضد كورية الشمالية التي امتلكت القنبلة النووية و تصفها اميركا بانها احد اقطاب محور الشربالنسبة لها .
و لان هذا هو الواقع و حال الارتباط فقداختار بان كي مون ، الاخضر الابراهيميليكون مبعوثا له الى سورية لتنفيذ ماتريده اميركا و اسند اليه منصب المبعوث او الوسيط الاممي لحل الازمة السورية وفقاللعنوان الذي اعتمد له .و من جهة اخرى وحتى تكافأ اميركا ما يسمى الجامعة العربية على ما اتخذته من مواقف مشينة بحق سورية،فقد الصقت بالابراهيمي مهمة اضافيةتتماهى مع مهمته الاولى و تغرق فيها و هي تمثيل الجامعة ايضا للوساطة بحثا عن حلسلمي في سورية ، حدث ذلك عبر سلوك تسللي حذر، لان من قام بالتكليف يعلم ان سورية لنتقبل مبعوثا لتلك الجامعة التي تحولت الى جامعة نعاج تقوم مقام اداة عدوانية تستعملها اميركا في قيادتها للحرب الصهيو- اميركية عليها .
اذن كانت مهمة الابراهيمي واضحة المعالم منذاللحظة الاولى و لاجل ذلك اتخذت منها سورية موقفا مرنا حذرا يعطل الكثير منالافخاخ التي رافقت التعيين ، فهي لم ترفضاستقبال الابراهيمي حتى لا تعطي ذريعة لخبيث يقول بان سورية ترفض المساعي السلميةالتي تضطلع بها الامم المتحدة لحل الازمة، و هي لم ترم اوراقها و تنبطح مذعنة لما يريده الابراهيمي لانها تدرك الكثير من بواطن الامور وتعلم سياسة من ينفذ الابراهيمي ( طبعاالاميركية ) و هي لا يمكن ان تسلم رقبتها لاحد و لا يمكن ان تتنازل عن قرارهاالمستقل و سيادتها لاحد ، و بين هذين الحد رسمت سورية خط مسار العلاقات مع الابراهيمي، بشكل كانت توجه اليه ما يجب قوله عندما يتجاوز الحدود المرسومة ، و بهذا يفسرسلوك الرئيس الاسد عندما حاول الابراهيمي تسويق المطالب الاميركية بتنحي الرئيس .نذكر هذه الواقعة على سبيل المثال ، و يمكن ان يضاف اليها الكثير الكثير منالتصرفات الابراهيمي السلبية و المنحازة والردود السورية عليها التي كانت تعيده الى المنطقة بين الحدين المذكورين سواء فيتصرفاته في دمشق او مواقفه في القاهرة و نيويورك و اخيرا مناوراته في جنيف .
كان الابراهيمي يسكت لفترة من الزمن بعد كلصفعة يتلقاها لايقاظه من انحرافه و اعادته الى صلب مهمته المعلنة بعيدا عن مهمتهالخفية الحقيقية التي ذكرت ، و الان خرج الابراهيمي كالعادة بموقف تطاولي جديدينتقد فيه استعداد سورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في الاشهر الثلاثة المقبلة ،و يلمح بصورة او اخرى الى الميدان الذي يتهاوى فيه الارهابيون حيث يتساقطون كاوراقالخريف ، ثم تواكبه الخارجية الاميركية بموقف يحاكي موقفه و يتقاطع عند المواضيعذاتها و يبدي القلق ذاته ، و المثير للدهشة هنا ان اميركا تجيز لنفسها ان تناقش وتقر في الكونغرس مسألة تسليح الارهابيين في سورية ، و تنكر و تبدي القلق من قياممجلس الشعب السوري بمناقشة قانون الانتخاب في سورية ، و ينسى الابراهيمي هذهالواقعة و لا يتخذ منها موقفا لانه كما ذكرنا في توصيفه اميركي الهوى و المهمة ، وهنا يثار التساؤل عن سبب هذه المواقف الان و بهده الطريقة الصلفة و الوقحة ضدسورية ؟
بداية لا بد من التذكير بان سورية و منذ ان وقفت على حقيقة ما تتعرض لهمن عدوان و منذ ان ادركت حجم الحرب الكونية لتي تشن عليها و طبيعة ادوات العدوان واحجامها ، وضعت خطة المواجهة للسير على خطين ، يساند الواحد منها الاخر دون انيؤدي الاسناد المتبادل او لنقل التأثير المتابدل الى اقفال اي مسار بالمراهنة علىالاخر و طرحت سورية منذ البدء المسار السلمي للحل و دعت للحوار بين السوريين برعايةالدولة و على ارضها ، حوار يكون من اجل تطوير الدولة و نظامها السياسي و تفعيلدورها في المنظومة الاقليمية و الدولية ، و مسار امني يقضي باستعادة الامن والاستقرار الى ربوع البلاد مهما اقتضى ذلك من تضحيات و مواجهات ميدانية ضد الجماعاتالارهابية المسلحة .
لقداستجابت سورية بكل حسن نية و صدق انفتاح لكلمبادرة ترمي لحل الازمة و بهذا المنطق تعاونت مع الابراهيمي ، كما انها نظمتمعركتها الدفاعية بشكل مكنها من تحقيق الانجازات الكبرى في الميدان الى الحد الذيجعل الغرب يوقن في داخله بان عدوانه فشل و على من انخرط فيه ان يعتاد على فكرة استمرار الرئيس الاسد على رأس الدولة عملاً بقرار الشعب السوري ،و ان سورية ستبقى في موقعها الاستراتيجي الذي ينسجم مع طبيعتها و مزاج شعبها .
و هنا نسأل اذا كانت الحقيقة التي تدركها اميركاباتت كما ذكرنا فلماذا الاستمرار في المكابرة و اتخاذ المواقف التي تمنع بناء جسورالثقة مع سورية و تعدم فرص خروج المعتدي بشيء يحفظ ماء وجهه ؟ كما هو حال المواقفالاخيرة من التحضير للانتخابات الرئاسية التياتخذتها بشكل فظ يؤكد التدخل الوقح فيالشؤون الداخلية السورية ، في حين ان اميركا تمنع سفير سورية لدى الامم المتحدةمن التجول خارج مدينة نيويورك ؟!.
و بحثا عن سبب اضافي نعطفه على طبيعةاميركا العدوانية نرى ان الهستيرياالجديدة ترتبط الان بشكل اساسي بتسارعالاحداث على المسارين السياسي و العسكري لمصلحة سورية ، حيث ادركت اميركا ان استمرار التطور بهذا الاتجاه سيؤدي فيالمستقبل القريب الى تجريدها من اي ورقة يمكن ان تلعبها ضد سورية ، دون ان تبقيبيدها ما يحفظ ماء وجهها و يحدد خسائرها ، حيث يسجل:
1) فيالميدان : يقترب الجيش العربي السوري من انجاز تطهير القوس المحيط بالحدود اللبنانية الشمالية، و الشرقية بعد ان طهرت الزارة و سقطت قلعة الحصنعسكريا و ضمت المنطقة بعد تنظيفها او عزلها الى ما سبقها في حمص و القصير و قارة ودير عطية و النبك و اليوم يبرود و غدا رنكوس و عسال الورد . انجاز سيضع حداللاسناد المتبادل الذي ينفذه الارهابيون عبر الحدود اللبنانية .و سيحول القوس الذيكان بالنسبة للبنان و سورية “قوس موت و ارهاب ” الى قوس امان و استقرارما سيعطل ورقة لبنان كليا و يريح سورية كما انه سيريح لبنان و مجتمع المقاومة .
2) في السياسة ، تستمر الحكومة السورية في مسارهابما يحفظ لها حقوقها و سيادتها ،حيث تقوم بالتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة وفقاللدستور ، و تستمر في عقد المصالحات الممكنة في اطار من “العدالة الانتقالية” التي يلجأ اليها دوليا في مثل هذه الظروف و تتمسك بجهوزيتها لاستئناف العملية السلميةالتي تزعم الامم المتحدة انها تعمل لها بوساطة الاخضر الابراهيمي لكن ضمن الضوابطالتي وضعتها سورية .
و عليه يرد الانفعال الاممي- الاميركي برأينا الى تحسساميركا بالخسارة الاكيدة في سورية و خشيتها من تجريدها مما تبقى بيدها من اوراق الابتزاز و التدخل ، لذلك جاءت بهذهالمواقف المسعورة على حد قول الخارجية السورية ، لتعبر عن هذا الشعور ، مؤملة بتهويل يمنعسورية من صنع المزيد من الانجازات على طريق انهاء الازمة ، متناسية ان التهويل لاينفع مع سورية و هي جربت ذلك اكثر من مرة و فشلت .

العميد د. امين محمد حطيط

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …