سفير البداوة متوتر

جدّد سفير السعودية في لبنان علي عوّاض عسيري تأييد بلده للحوار الدائر حاليّاً بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، وقال في حوار مع «السفير»، أمس، «إن القيادة السعودية شديدة الحرص على وحدة الصف اللبناني ومتشبثة باستقرار لبنان ودعمه. وإذا كان الحوار الجاري بنّاء ويدعم الاستقرار اللبناني ويسهم في تقريب وجهات النّظر بين اللبنانيين، فلا يمكننا الاعتراض عليه».
وأوضح عسيري نقاطاً عدّة تتعلق بتداعيات إصداره بياناً ردّ فيه على خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، واستدراجه ردّاً من سفير إيران في بيروت محمد فتحعلي، ثمّ رفعه دعوى على الزميلة «الأخبار» وانتقاده لبثّ «تلفزيون لبنان» مقابلة مباشرة أجراها نصرالله مع محطّة «الإخبارية السورية»، ثمّ استضافته أمس الأول في دارته في اليرزة لسفراء دول «التحالف».
يقول عسيري «أنا لم أجمع السادة السفراء، بل دعوتهم الى غداء تقديراً لما عبّروا عنه من تضامن شخصي معي ومن دعم دولهم للمملكة».
وعن سبب الدعوة، يجيب: «التقى السادة السفراء في دارة السعوديّة، ومن حقي دعوة مَن أشاء من أية جهة كانت. ليست المرّة الأولى التي أدعو فيها الزملاء السفراء ولن تكون الأخيرة».
لبنان واليمن
وعن دعوة نائب وزير الخارجية الإيراني مرتضى سرمدي لبنان الى الإسهام في تجميد غارات التحالف ضدّ اليمن، قال عسيري: «أنا أكتفي بالموقف الذي أدلى به رئيس الوزراء اللبناني تمّام سلام في القمّة العربية في شرم الشيخ أمام قادة الدول العربية، وهو ظهّر بوضوح الموقف اللبناني ونحن نحترم وجهة نظره».
وعن سبب الانخراط مؤخراً في سجال مع أكثر من جهة لبنانية، يقول عسيري: «أولاً، أنا أحترم لبنان وخصوصيته وأقدّر القوى السياسية كافّة، كما أنني أتفهم الأوضاع السياسية التي يعيشها لبنان في ظلّ احتقان سياسي وظروف صعبة إقليميّاً. هذا مسلكي في حياتي الديبلوماسية. لكن عندما يأتي الهجوم على بلدي وقياداته من قيادات سياسية في لبنان، فأقلّ واجبي كسفير أن أدافع عنه بالحق. لم أتفوّه بأمر غير حقيقي، بل أجبرت على اتخاذ إجراء، فحن لسنا من هواة المنابر ولا نحبّذ توجيه اتهامات لأحد. أنا ضيف في لبنان أمارس عملي الديبلوماسي بمهنية، وأحاول جمع الشمل لا تفرقة الناس، والجميع يشهد لي بذلك. منذ قدومي الى لبنان وأنا أسعى لعلاقات طيبة وحسنة مع الجميع، خصوصاً أن المملكة تضمّ الأماكن المقدّسة، ونحن نحاول أن نخدم المسلمين بفئاتهم كافة، والأمر سيان بالنسبة للعلاقة مع المسيحيين وجميع الأطياف. لكنني فوجئت بجهات معينة تهاجم المملكة وقياداتها وتنتقد سياستها، وأنا أسأل: مَن هي هذه الجهات؟ ولماذا تنتقد المملكة؟ ولماذا تعتمد هذا الأسلوب وهذه اللغة غير اللائقة؟ وبالتالي لم يكن أمامي من خيار إلا الرّدّ بهذه الطريقة».
وأضاف: «بالنسبة لردّ السفير الإيراني محمد فتحعلي، فهو زميل وعندما يشعر أنه يجب أن يردّ على أمر ما، فهذا من حقّه».
اليمن و «حزب الله»
وعن سبب إصدار بيان بعد خطاب السيد نصرالله ودخوله في سجال مع حزب لبناني، قال عسيري: «أولاً، من حقي أن أردّ على أمور تتعرّض لبلدي ولقياداته، خصوصاً عندما نرى تجاوزاً لحدود اللغة المعقولة، ثانياً أنا لا أرى أنّ اليمن هو من شأن حزب الله».
يستطرد: «حزب الله في بلده وليس في اليمن الذي له رجالاته وخصوصيته. أنا أرى تدخل حزب الله في اليمن، كما سمعنا في وسائل الإعلام ودعمه الحوثيين علناً، ثمّ تسخيره إعلامه للحرب الدائرة في اليمن، أمر غير مقبول».
وعمّا إذا نسفت حرب اليمن جسور التقارب مع إيران قال عسيري: «أتمنى كديبلوماسي أن تكون علاقة حسن جوار مع إيران وعلاقة ديبلوماسية طيبة واحترام وعدم تدخل في الشؤون السعودية واليمنية والخليجية، لأن ذلك سيفتح الباب لحوار بنّاء يريح المنطقة برمّتـها. لكنّ التدخّل الإيراني السافر في بلد مجاور للمملكة أمر غير مقبول». ويضيف: «منذ العام 1979 وإيران تصدّر الثورة بوسائل شتى، هل هذا ما تريد عمله في اليمن؟ نحن لن نسمح بذلك. اليمن هو جارٌ للمملكة وبلد عزيز، ولكن لن نسمح بأن تُخلق فئة معادية لنا وتوضع على أبوابنا وهي مدعومة من بلد لا علاقة له باليمن».
ولكنّ الحوثيين هم يمنيون أيضاً، يجيب عسيري: «بالطبع، ونحن ننظر إليهم كيمنيين وهم على الرحب والسعة، وكلّ يمني هو جار عزيز، ولم تعامله المملكة إلا كمواطن يمني، الى أن أتت إيران وحاولت تسليح فئة معينة، في حين أن المملكة تصدّر الخير والإغاثة والأدوية وتدعم الاقتصاد في البلدان، ولبنان خير شاهد».
وعن إثارته حساسية في الأوساط الإعلامية والسياسية اللبنانية بسبب اعتراضه على نقل مقابلة السيد نصرالله عبر «تلفزيون لبنان»، يوضح عسيري: «أنا أحترم خصوصية لبنان، وأحترم تلفزيون لبنان كمحطّة حكومية، وليس لي أن أعترض إن توجّه نصرالله الى اللبنانيين فهذا شأنه معهم، وليس لي أن أعترض إن خاطب إسرائيل، أو مَن أراد. أما أن يستخدم محطّة حكومية منبراً لإيصال رسائل سلبية والنيل من قيادات المملكة، فأعتقد بأن الأمر لا يجوز البتّة».
«عاصفة الحزم»
والنووي الإيراني
وعمّا إذا كانت عملية «عاصفة الحزم» تشكل تطويقاً خليجياً لتفاهم لوزان الأولي حول الملف النووي الإيراني، يجيب عسيري: «شأن إيران يخصّها ولا يعني المملكة. اليمن بلد جارٍ والمملكة تعاملت مع أوضاعه كي لا يتسبب بأي تهديد لها، وبعد أن اتضح لها وجود نية مبيتة بالهجوم على بعض مدنها القريبة من اليمن. لذا شعرت أنه آن الأوان لاتخاذ إجراء لا تحبّذه أصلاً لكونها لا تهوى الحروب، لكن لم يكن لديها أي سبيل آخر. ونحن نتمنى ألا تطول هذه الحرب وأن يعود اليمنيون الى طاولة الحوار، وأن تحصل حلول يمنية يمنية وأن يبتعد الأشرار الذين يلعبون بمصير اليمن، وهم من داخل اليمن، فيخلوا الساحة السياسية ويتركوا اليمن لأهله فلا تكون أية مشاكل أو طائفية في اليمن».

وعن تزكية حرب اليمن للاستقطاب السني ـ الشيعي في المنطقة، قال عسيري: «ليست الحرب في اليمن بين سنّة وشيعة، وليس جيش علي عبد الله صالح من الحوثيين، بل هو الجيش الذي سلّحته المملكة ودعمته فوجّه بندقيته تجاهها، هذا واقع لا علاقة له بالسنّة أو بالشيعة، إنها خطط لطموحات شخصية من علي عبد الله صالح. ويجب أن يفهم الجميع أن الحرب اليمنية ليست طائفية، بل على مَن يهدّد أمن المملكة. وقد استغلّ الحوثيون من قبل علي عبد الله صالح، وهو استطاع أن يمرّر رسائل لهم ولمن يدعمهم، الى أن أصبح الوضع لا يُطاق».

المصدر: السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …