عماد مرمل
تاريخ المقال: 13-05-2014 02:11 AM
هل بالإمكان فعلا “لبننة” الاستحقاق الرئاسي؟
هل هذا الطموح واقعي ام “رومانسي”؟
ما هي شروط “الصناعة الوطنية” لرئيس الجمهورية، والى اي حد تبدو ناضجة في الوقت الحاضر؟
أين اللبنانيون من هذا التحدي، وكيف يمكن لهم ان ينجحوا في كسبه، وسط تناقضاتهم العميقة وانقساماتهم الحادة التي تتيح لـ”الخارج” في كل مرة ان يكون الناخب الأكبر وصاحب الصوت المرجح؟
ما هو السقف الزمني لخيار “اللبننة”، والى اي درجة يمكن الافتراض أن مدى هذه الفرصة المفترضة ينتهي في 25 أيار المقبل، مع انتهاء المهلة الدستورية للانتخاب، وبداية حقبة الفراغ رسميا؟
هل انشغال عواصم القرار بأزمات ساخنة أكثر إلحاحا، من سوريا الى أوكرانيا، وما بينهما، يفيد لبنان ويسمح له بـ”اقتناص” رئيس من انتاج محلي، ام ان العكس هو صحيح، بحيث قد يؤدي وجود الملف اللبناني في اسفل سلم اولويات اللاعبين الكبار الى تمديد إقامة الاستحقاق الرئاسي على رصيف الانتظار، الى حين استخدامه في اللحظة المناسبة كورقة للمقايضة، ضمن صفقة كبرى، عابرة للحدود والمصالح؟
حتى الآن، لا مؤشرات حقيقية الى إمكان تسييل “شيك اللبننة” الذي يبدو بلا رصيد، مع تكرار جلسات الانتخاب، المفقودة النصاب، والتدحرج السريع نحو الفراغ، بينما لوحظ في المقابل ان منسوب تحرك السفراء آخذ في الارتفاع مع عودة السفير السعودي الى بيروت واتصال الرئيس الفرنسي بالنائب وليد جنبلاط ونشاط السفير الاميركي على الخطوط الداخلية وفي اتجاه السعودية.
وإذا كان خيار اللبننة، الكلية او الجزئية، يسمح للبنانيين برسم صورة الرئيس المقبل، أو على الاقل بالشراكة الفعلية في رسمها، فإن رئيس “الأنابيب” الذي تعتمد ولادته على “التلقيح” الخارجي، سيجعل القوى الاقليمية والدولية هي التي تتحكم بمواصفاته، وصولا الى فرضه على الاطراف المحلية.
وتميل مصادر سياسية مواكبة لكواليس الاستحقاق الرئاسي الى الاعتقاد أن كفة الهامش الداخلي ستظل راجحة على كفة العامل الخارجي، حتى يوم 25 أيار الذي سيشكل نقطة تحول في وجهة الاستحقاق، لافتة الانتباه الى ان المبادرة يمكن ان تبقى بأيدي اللبنانيين حتى ذلك الحين، وبعدها ستتغير قواعد اللعبة.. والانتخاب.
وتعتبر تلك المصادر ان تبادل الكرة سيستمر لغاية اليوم الاخير من المهلة الدستورية بين قوى “8 و14 آذار”، وبين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وبين الرئيس نبيه بري والمواعيد المتنقلة، مشددة على ان الاطراف الداخلية تستطيع ان تستعمل هذه المساحة الزمنية، إما لتقطيع الوقت في انتظار القضاء والقدر، وإما لـ”خطف” رئيس من قلب كومة “الشوك” الاقليمي والدولي.
وتنبه المصادر الى انه بعد 25 أيار سيُهمش دور اللاعبين المحليين الذين قد يجدون أنفسهم على مدرجات الجمهور، وسينتقل لبنان من أزمة المهلة الدستورية الى أزمة الفراغ التي ستكون مفتوحة على داخل هش وخارج معقد، ما يعني ان الاستحقاق الرئاسي سيدخل آنذاك في نفق المساومات الصعبة.
وتعرب المصادر عن اعتقادها أن الازمة الوطنية التي سيفرزها الفراغ ستستدعي التدخل الخارجي على نطاق واسع، على قاعدة ان اللبنانيين لم يحسنوا استثمار الفرصة التي أتيحت لهم، لصناعة رئيسهم بالمواد الاولية المحلية، ولا بد من رعاية متجددة لهم، لاسيما ان هناك قرارا “توافقيا” بإبقاء الوضع اللبناني تحت السيطرة، ومنع انفلاته.
وتشير المصادر الى ان الاستحقاق الرئاسي سيغدو مرتبطا، بدءا من 25 أيار، بمسارين خارجيين: مستقبل الحوار الاميركي – الايراني حول الملف النووي، والمنحى الذي ستسلكه العلاقة السعودية – الايرانية في المدى المنظور.
وتعتبر المصادر ان لبنان سيستفيد تلقائيا من “ريع” نجاح المفاوضات بين طهران وواشنطن، إذا تحقق، ومن “عائدات” التقاطع السعودي – الايراني، إذا تم، بشكل ينعكس توافقا إقليميا – دوليا على رئيس الجمهورية، تماما كما انه سيتضرر من اي إخفاق على مستوى هذين الخطين وسيدفع الثمن مزيدا من الانتظار الثقيل في صحراء الفراغ.
من هنا، ترى المصادر انه إذا اراد اللبنانيون ان يكونوا مقررين في الاستحقاق الرئاسي، وممسكين بمصيرهم لا مستوردين له، فيجب ان ينتخبوا رئيس جمهوريتهم قبل انقضاء المهلة الدستورية. اما كل يوم يمر بعد هذه المهلة، فسيشهد تناقصا سريعا في “دسم” اللبننة، وتوسعا كبيرا في مساحة العوامل الخارجية.
السفير