الخطبة الاولى: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السّرّ والعلن. أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله في فرائضه التي أمر عباده بتأديتها، لا لحاجةٍ منه إليهم، بل لكي يرتقوا إلى مواقع القرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو القويّ الغنيّ، وهو الرّحمن الرّحيم، وهو السَّتار للعيب، وهو الغافر للذّنب، وهو القابل للتَّوب.
عنوان عزَّة الإسلام
ومن تلك الفرائض، حجّ بيت الله الحرام؛ تلك الفريضة الّتي أرادها الله سبحانه عنواناً لعزّة الإسلام والمسلمين، وموقعاً لكي يختبر من خلالها طاعة المطيعين ومعصية العاصين، فقد تعبَّد الله سبحانه النّاس بحجارة لا تضرّ ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيت الله الحرام، وجعلها مثابة للنّاس وأمناً، وأراد للنّاس أن يأتوا إليه عندما ينادي المنادي بالحجّ، فأوحى إلى إبراهيم وإلى الأنبياء من بعده، وإلى نبيّنا(ص) أن يؤذّنوا للنّاس بالحجّ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحجّ: 27ـ 28].
المساواة في الحجّ
وفي الحجّ اختبار للإنسان، عندما يعيش كلّ ألوان الزَّهو في الحياة، وكلّ ألوان الغنى، وكلّ إحساس بالارتفاع عن النّاس، وربما بالارتفاع عن إرادة الله تعالى، فقد أراد الله للإنسان أن يتذلَّل من خلال الحجّ بين يديه، فليس هناك كبير ولا صغير، وليس هناك شريف ولا وضيع، وليس هناك إنسان رئيس أو ملك أو أمير أو قائد أو ما إلى ذلك، وأناس في أسفل الهرم الاجتماعيّ أو غير ذلك.
إنَّ النّاس كلّهم على صعيدٍ واحد، فكلّهم يطوفون ويهرولون، في مظهر يوحي للإنسان بالتذلّل بين يدي الله، لأنّه لا يصلح للإنسان أن يتكبّر بين يدي الله، ولا يصلح للإنسان أن يتعالى أمام إرادة الله، لأنّه بذلك يفقد إنسانيّته، فمعنى إنسانيّة الإنسان، أن يقترب من الله من خلال تحسّسه لمعنى عبوديّته بين يديه، وأن يشعر بأنه العبد الفقير فقراً مطلقاً إلى الله سبحانه وتعالى الإنسان مهما علا شأنه، وبأنّه المحتاج إلى عطف الله وإلى رحمته وإلى رعايته.
هذا هو منهج الحجّ، وهذا هو الّذي يريد الله سبحانه للإنسان أن يعيه عندما يذهب إلى حجّ بيت الله الحرام، وعندما ينطلق إلى تلك البقاع، أن لا يستغرق فقط في الشَّأن العباديّ للمنسك، بل أن يتأمَّل ويتفكَّر في معانيه، ليعود إلى بلده وقد تزوَّد بالكثير مما يرفع من مستواه إنسانيّاً، ومما يتقرّب به إلى الله سبحانه، ومما يجعله أقرب إلى خطّ الصّلاح منه إلى خطّ الفساد في الحياة.
ربما يغشّ التّاجر في تجارته، وربما يعيش الإنسان اللّفّ والدّوران في كثير من الأسباب الباطلة الّتي يأخذ بها ليحتال بها على النّاس، ليربح صوتاً هنا أو مالاً هناك، أو جاهاً، أو ما إلى ذلك، ولكنّه إذا ذهب إلى الحجّ، فعليه أن يفكّر فيما يقوم به، وأن لا يشعر بأنّ في إمكانه أن يطوف ببيوت الظّالمين، أو أن يلجأ إلى بيوت المنحرفين، أو أن يعيش كلّ حالة من الانحراف في سلوكه وأخلاقه وتجاراته، وفي أيّ مجال من المجالات.
معاني الحجّ
لقد جعل الله الطّواف حول البيت، لكي يوحي إلينا بأنّ من يطوف حول بيت الله، لا بدّ من أن يوحّد الله تعالى في طوافه حول أيّ من البيوت في هذه الحياة، فعندما أوحّد الله، يعني أنّني قبل أن أطرق أيّ باب من أبواب البيوت في الحياة الدّنيا، سواء كانت باب سياسيّ أو وجيه أو صاحب ثروة أو ما إلى ذلك، أن أفكّر قليلاً: هل يرضى الله سبحانه بأن أطرق هذا الباب أو لا؟ فإذا لم أحرز رضا الله تعالى، فدخولي إلى البيت أقلّ ما يمكن أن يقال فيه إنّه دخول شبهة، فقد يكون فيه الحرام وقد يكون فيه الحلال، وقد يكون دخولي إلى البيت نوعاً من الشّرك العمليّ بالله سبحانه وتعالى، لأنّ التّوحيد ليس توحيد العقيدة فحسب، وإنما هو توحيد الطّاعة أيضاً.
وعندما أنطلق في المسعى من الصَّفا إلى المروى، نجد أنَّه لا تعرّج في خطّ السّير، هناك ذهابٌ من نقطة أرادها الله، وهناك رجوع إلى تلك النّقطة أيضاً؛ هو مسارٌ واحد لا انحراف فيه ولا سبل فيه، في إيحاءٍ بأنَّ الإنسان عندما يريد أن يتحرَّك في الحياة ويسعى ليحقّق هدفاً هنا وهدفاً هناك، فإنّ عليه أن يتحرَّك في الصّراط المستقيم الّذي يطلب من الله سبحانه أن يهديه إليه في كلّ صلاة. ألا نقول اهدنا الصِّراط المستقيم؟! هذا طريق بين نقطة أرادها الله وبين الهدف الّذي نريد أن نحقِّقه.. لا يمكن لمن يطوف بالصّفا والمروى أن يتحرّك في خطوط منحرفة في الحياة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: 153].
مظهر وحدة الأمّة
ولأهميَّة هذا الحجّ، كانت وصيَّة إمامنا عليّ(ع) وهو في حالة الاحتضار: “الله الله في بيت ربِّكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنّه إن تُرك لم تُناظروا”، لأنَّه مظهر من مظاهر وحدة الأمَّة، ولأنَّه شكل من أشكال تماسك الأمَّة، ولأنّه عنوان من عناوين عزّة هذه الأمَّة.
ولذلك تجد أنَّ المستكبرين والضالّين يلجأون إلى أن ينزعوا عن الأمّة هذه المواقع الّتي هي مواقع العزّة والقوّة والمنعة، لكي يفتّتوا هذا العضد الإسلاميّ، فيفرّقوا بين مذهب هنا ومذهب هناك، وبين خطّ وهنا وخطّ هناك، حتّى إذا اجتمع المسلمون في ذلك الموقع، اجتمعوا شكلاً، وغفلوا عن أن يجتمعوا في المبدأ وفي المضمون وعلى كثير من قضاياهم، ومع ذلك، فإنّ الشّكل في حدّ ذاته، هذه الصّورة الّتي تنقلها شاشات العالم اليوم، هي صورة عزّة للإسلام والمسلمين، لا بدّ من أن يحُافَظ عليها، لا بدّ من أن تبقى وتستمرّ، لأنّها إن تُركت، ستصبح الأمّة فاقدة لأدنى مستويات هذه الوحدة وهذه العزّة وهذا التّماسك وهذا التّقارب.
وحتّى لو كانت هناك أمراض، وحتّى لو كان هناك تحدّيات، الأصل أن يبقى هذا الحجّ، لا يمكن أن يُخلى بيت الله أبداً، حتّى إنّ الفقهاء يفتون أنَّه عندما لا يوجد مستطيع للحجّ، فلا بدَّ لوليّ الأمر من أن يرسل من يحجّ ولو من بيت مال المسلمين، لأنّه لا يمكن لهذا البيت أن يخلو، وهو بيت الله العالميّ الّذي تتّجه إليه كلّ الأفئدة وكلّ القلوب.
ومع ذلك، مع كلّ ما ذكره الله سبحانه وتعالى، قد يستثقل البعض منَّا أن يحجّ، قد يشعر بأنَّه سيصرف شيئاً من ماله الّذي تعب في جنيه وادّخاره، حتى إنَّ البعض قد يستنكف عن أداء بعض مناسك الحجّ، لأنّه لم يعتد أن يعيش هذا النَّوع من الاختلاط بالنَّاس، وفيه ما فيه مما ربما ينفر منه الإنسان بطبيعة حياته العاديَّة.
قد يشعر الإنسان بأنَّه سيفتقر عندما يذهب إلى الحجّ، ولكنَّنا نجد أنَّ شيئاً مما أكَّده الله تعالى في كتابه، هو أنَّ الحاجّ يشهد في الحجّ منافع له، ليس فقط في مسألة التّجارة وما أشبه ذلك، بل منافع خفيَّة جعلها الله سبحانه وتعالى لعباده وتلطَّف بهم من خلالها، فهو يعطيهم من حيث لا يحتسبون، حتَّى ورد في الحديث عن رسول الله(ص): “حجّوا تستغنوا”، بل ورد في بعض الأحاديث أنَّ: “من حجّ ثلاث حجج لم يفتقر أبداً”.
وفي حديثٍ عن الإمام الصَّادق(ع): سأله أحد أصحابه، وهو إسحاق بن عمار، يقول له: إنّي قد وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي إذا كنت قادراً، أو برجل من أهل بيتي بمالي، فيقول له الإمام(ع): “وقد عزمت على ذلك”، يقول هذا الرّاوي نعم، فيجيبه الإمام ويقول له: “فإن فعلت فأيقن بكثرة المال”…
إنَّ علينا أن نوازن أمورنا في حياتنا، وأن لا نتّكل فقط على الأسباب الّتي بين أيدينا للرّزق: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطّلاق: 3].. حتَّى إنّ بعض صحابة رسول الله(ص)، عندما نزلت هذه الآية، تروي الرّواية أنّهم جلسوا وقالوا قد كُفينا، نحن نتّقي الله، والله تكفّل بهذا الرّزق لنا، ولكنّ النبيّ(ص) قال لهم إنّ عليكم أن تتوكّلوا على الله، وأن تقوموا بما عليكم، ثمّ تتوكّلوا على الله..
في كلّ الأحوال، علينا أن نستشعر في أنفسنا أهميّة الحجّ، لأنّه يُخشى أن يطول علينا الأمد، وأن تأتينا الأمور الّتي تزيّن لنا ترك الحجّ، بحيث يزهد الإنسان بهذه الشّعيرة الأساسيّة في الإسلام… {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:28].
الخطبة الثّانية
تسويات تُكتَبُ بالدّم
في المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة، تزداد وتيرة العنف الدّامي، على وقع الحديث عن تسوياتٍ كُبرى يجري التّحضير لها، وهذه التّسويات تحتاجُ إلى لمساتٍ تُكتبُ بالدّم ـ مع الأسف ـ في دليلٍ على أنّه ليس للإنسان أيُّ قيمةٍ في حسابات المستكبرين ومن يتحرّك في فلكهم.. وهذا ما نشهدُه في سوريا الّتي يستمرّ فيها العنفُ المدمّرُ لكلّ مقدّرات هذا البلد، والتّفجيرات الجنونيّة الّتي ضربت العراق خلال الأيّام الماضية، وفي تصاعد العنف ضدّ المدنيّين في البحرين، ومصر وليبيا وتونس، وغيرها.. والعدوّ الصّهيوني يستفيد من كلّ ذلك، ليسابق الزّمن في تغيير الجغرافيا والتَّموضع السكّاني، بالمستوطناتِ والتّهجير والتّدمير والجرف والتّهويد، وتهديد المسجد الأقصى واستباحته.
وممّا يؤسفُ له، بعض ما يخرج به الإعلام، من أنَّ بعض العرب ينسّقُ في تل أبيب مسألة المواجهة مع إيران، ولا نجد لفلسطين والقدس أيّ اهتمامٍ عنده؛ لأنَّ الكثيرين قد استقالوا من فلسطين منذ زمنٍ بعيدٍ، وسلّموا مفاتيحها للاحتلال الصّهيوني، وهم ينتظرون أن يريحهم منها واقعيّاً.
شروط الحوار مع الغرب
وفي هذا الجوّ، يُطالعنا التّقارب الأمريكي الإيراني، والّذي ينبغي متابعته بحذرٍ، في الوقت الّذي ندرك أنّ الحوار ينبغي أن يتحرّك على قاعدة المبادئ الإنسانيّة والإسلاميّة، وأنّنا نحاور الآخرين عندما يقتربون من مبادئنا تلك، ولكي يكون الحوار من أجل تثبيت مواقع القوّة للإسلام والمسلمين، والّتي منها تثبيت حقّ شعوب المنطقة، وليس إيران فحسب، في إنتاج الطّاقة النوويّة للأغراض السلميَّة، العلميّة والتقنيّة والتنمية والتطوير، وكذلك لأجل وضع حدّ للعبث الاستكباريّ في دول المنطقة، وتغييرها من الخارج بما يخدم مصالح المستكبرين بدلاً من خدمة مصالح شعوب هذه المنطقة.
إنّنا نعتبر أنّ الحوار مع الغرب أمرٌ إيجابيّ، ولا سيَّما في ظلّ تراكم المتغيّرات الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة العالميّة الّتي جعلت الكثيرين يتواضعون أمام الأسقف العالية في مقاربة القضايا الكبرى والحسّاسة، بما بات يهدِّد السّلم العالميّ برمّته.
ولكنّ المطلوب إسلاميّاً في هذا المجال، بيان القواعد الفكريّة والشّرعيّة للسياسة الإسلاميّة، لئلا يقع في أذهان العامّة من النّاس، الاشتباهُ بين الأمور، أو أن يقع هؤلاء في فقدان الثّقة بالإسلام نفسه، عندما يتحوّل الخطاب بين ليلةٍ وضُحاها من الشّيطنة إلى اللّقاء والمصالحة.
والأهمّ من ذلك كلّه، أن لا يختلط على النّاس أنّ الحوار مع أمريكا، يمكن أن يعني أن يكون هناك أيّ حوار أو تلاقٍ مع كيان العدوّ؛ لأنّ المانع من الحوار مع العدوّ الصّهيونيّ مانعٌ ذاتيّ؛ لأنّه ليس من حوارٍ مع المغتصبين والمحتلّين والّذين يهدّدون الإسلام والمسلمين آنيّاً واستراتيجيّاً، ظاهراً وباطناً؛ حيث المطلوب من هؤلاء هو الخروج من الأرض، وعندئذٍ لن يكون لدينا مشكلة مع يهوديّتهم الّتي هي دينٌ سماويّ نحترمه؛ أمّا قبل ذلك فهم ظالمون، والله تعالى قال لنا: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسنُ إلا الّذين ظلموا منهم}.
ويهمّنا في هذا المجال أن نقول للغرب وإداراته: مشكلتكم هي أنّكم وضعتم كلّ رهاناتكم في سلّة إسرائيل، ولم تجرّبوا أن تنفتحوا على العالم العربي والإسلامي من موقع الاحترام، وآن الأوان لكي تجرّبوا التّفكير في خطّة بديلة، تُريحون فيها أنفسكم والعالم من عبء هذا الكيان، الّذي استكبر وتجبّر، حتّى ضرب كلّ المعايير العالميّة الّتي بتّم في أمسّ الحاجة إليها لحفظ دولكم وشعوبكم.
لبنان: قواعد العمل المفقودة
أمّا في لبنان، فينبغي أن يعي النّاس والسياسيّون، أنّ مسألة النّفط ليست قضيّة جزئيّة ترتبط بمرحلة أو بطبقة سياسيّة، بل هي متّصلة بمقدّرات البلد كلّه، وعلى مستوى المستقبل الكبير، ولذلك لا يمكن مقاربتها بعقليّة الزّواريب، وتسجيل النّقاط، ولا بذهنيّة المحاصصة، ولا الاستغراق في خصوصيّات المرحلة وتحدّياتها.
إنَّ المطلوب أن يكون لدى قادة البلد ذهنيّة منفتحة استشرافيّة، تتمكّن من التّمييز بين الهامشيّات والأساسيّات، وتضع لكلّ أمرٍ ما يناسبه من الجهد والمناكفات… إنّ ما نسمعه من تصاريح وحوارات على وسائل الإعلام في ما يخصّ القضايا الكبرى الّتي تهمّ لبنان، يوحي بأنَّنا نفتقر إلى قواعد للعمل السياسي الوطني، وأنَّ كثيراً ممّن يصلون إلى المواقع السياسيَّة، لا يرتقون إلى مستوى تطلّعات هذا الشّعب وهمومه ومشاكله، والّتي آخرها غرق العبَّارة الّتي تقل مستضعفين وفقراء ومساكين، استُغلّوا وخدعوا؛ لأنَّ كثيراً من السياسات أمعنت في المحافظة على بؤر الفقر والجهل غير واضحةٍ فيما يتَّصل بمصالح الوطن والمواطنين.