ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:
الخطبة الأولى
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
في هذه السورة التي نقرأها بشكل يومي في صلواتنا، يقسم الله عز وجل بحتمية خسارة الانسان مشروطة ب “إلا”، يعني أن الإنسان إنما هو من الأخسرين حتماً إلا أن يكون من أصحاب إحدى هذه الخصال: الإيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق وبالتلازم معه التواصي بالصبر.
ولهذا التلازم دلالة، يجب أن لا يُمر عليها مرور الكرام. فطلب الحق والسعي إليه والصدع به مرتبط بالبلاء والإبتلاء مما يستوجب الصبر وتحمل الأذى الذي قد يكون ماديا ومعنويا أو قد يودي بحياة المرء.
ولكن الإشكالية التي تُطرح هنا هي: كيف نتبين الحق وكيف نتلمس طريقه حتى نتواصى به؟ لأنه يمكن ان تختلط علينا الأمور فيُشكل علينا تمييز الحق من الباطل، الذي تزينه أهواؤنا الفردية وأهواؤنا الجمعية. وفي الغالب الأعم يعتقد كل الناس أنهم على حق وانهم يعيشون طريق الحق، ويسوغون تحت هذا الإطار كل الأفعال كالسرقة والغش والكذب والخداع وحتى القتل والتفجير، وقد يستعمل البعض هذا الواقع ليميع الحق ويعطيه طابعاً نسبياً -الحق عندك غير الحق عندي- فيصبح الانسان لا أدريا لا يأبه لكل ما يجري حوله خارج إطار أكله وشربه ونومه ومصلحته، هذا ما لا يصح مع نهج الحق. وهذا ما يؤدي الى خلل في العلاقات وإلى فساد وافساد في الحياة. {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}
والإشكالية الأخرى المطروحة: هي بعد أن نتبين الحق ونتبع سبله ماذا نحن فاعلون؟ ألا تعاني مجتمعاتنا من الذين يعلمون الحق ولكنهم يتجنبون العمل به؟ هما إذا اشكاليتان كبيرتان تستحقان منا التوقف عند كل منهما بشكل مطول ومفصل ولكننا سنحاول في هذا المقام التوقف عند واحدة قدر الامكان وحسب ما يعيننا الوقت.
الاشكالية الأولى تتمثل بالسؤال: كيف نتبين الحق؟
والجواب أن الامر ليس سهلاً انما يحتاج من الانسان عدة أمور:
أولاً: أن ينتهج اسلوباً صارماً مع نفسه: يعتمد اسلوب الشك فيها، واتهامها، وعدم الركون إليها، كما ورد عن الإمام علي(ع): «رضاك عن نفسك من فساد عقلك، اتهموا عقولكم، فإنّه من الثقة بها يكون الخطأ» «إزراء الرجل عن نفسه. -أي اتهام الرجل لنفسه- برهان رزانة عقله». وفي قول للغزالي وهو أبرز علماء الصوفية والاخلاق وصاحب «إحياء علوم الدين»: «الحق كامن في النظر، من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يُبصر، ومن لم يُبصر بقي في العمى». وإطار الشك الذي نتحدث عنه ايها الاحبة يتعدى الفكر والعقيدة إلى الموقف من كل القضايا السياسية والاجتماعية والاسرية والعملية، في كل هذه الدوائر يحتاج الانسان الى ان يكون شكاكا بنفسه وبانطباعاته وبمواقفه وبأرائه وبنيته.
ثانياً: هي ضرورة أخذ مسافة، والإبتعاد عن الفكر الجمعي فلا يكون الانسان “إمّعة”: والإمّعة كما وصّفها رسول الله أن يقول المرء أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس. حتى ولو كان الناس على صواب على المرء أن يعي مكمن الصواب ولا يسير خلف الجمع عالعمياني. و”ما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غوية أرشد”.
وفي السياق ذاته، تنبثق ضرورة عدم وجود مسلمات، في نسبة الحق للاشخاص او الجهات، لانه كما قال أمير البلاغة “لا يعرف الحق بالرجال” -هو ليس حقاً لأن فلان قاله او عمل به فهذا ليس مقدساً انما العكس صحيح- انما يعرف الرجال بالحق وقالها عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية عندما تساءل في معركة الجمل: أيعقل أن يكون كل هؤلاء على باطل وهم من هم: “إن دين الله لا يُعرف بالرجال اعرف الحق تعرف اهله واعرف الباطل تعرف اهله”.
وهذه إشكالية كبرى في واقعنا ايها الاخوة والاخوات، حيث يصاب البعض بالعمى الارادي عندما يسيرون خلف الاشخاص او التوجهات، يتعصبون لهم، لا يرون اخطاءهم، ايمانا منهم وعلى براءتهم ان الشخص اذا كان على حق في يوم، معناها هو محق على مدى الزمن، وإذا صدق في موقف فهو صادق في كل المواقف، وهنا يكمن الخطأ، وعلينا الانتباه لأن الانسان يتبدل، وفي هذا التبدل يضيع المقياس وتضيع بوصلة الحق ولا يمكن للانسان ان يتبين الحق.
وللتحذير هذا اسلوب انتهجه الكثير من الاشخاص او الجهات الاعلامية ومرات الدول وهو اسلوب المخابرات بامتياز. تجاريك في بعض المواقف والآراء لفترة من الزمن حتى تطمئن لها واذا استوثقت منك دست لك السم في عسلها ومررت ما تريد تمريره وانت تظن انه الحق.
ثالثاً: ضرورة الرجوع إلى الأخلاق لتكون هي المرجعية ولا يغرنك احد بان هناك فتاوى واستثناءات للموضوع الاخلاقي الا ان يكون الهدف أخلاقياً أيضاً، مثل بسيط أن الكذب لا اخلاقي ولكن قد يُشرع كاستثناء لاجل الاصلاح لأن على قاعدة التزاحم قيمة الاصلاح هي أهم في هذا المجال.. إذا القاعدة أن لا استثناءات ابداً والمبدأ هو ما جاءت به الاخلاق كما هي متعارف عليها عند كل بني البشر: مثل وفضائل عليا، نقية، طاهرة خيرة، فمثلا السرقة الغش الرشوة و- القتل في غير إطار الحرب المشروعة- وكل ما يشكل عليك تمييزه اعرضه على الاخلاق ، ولا احد يختلط عليه معرفة الاخلاق من عدمها الكل يعرف وهي حالة فطرية زرعها الله في الخلق: فليكن السؤال دائماً: هل هذا الموقف او الرأي أو الفتوى او القرار، ينسجم مع الاخلاق؟ الاخلاق إذا هي القضية وهل الدين الا الاخلاق.
أيها الاحبة، ان تبيان الحق بات حاجة ملحة، لكثرة الفتن وكثرة اساليب الفساد والافساد ومع اتقان البشر لتزيين الفاسد وتجميله وتقبيح الحق وتجهيله.
اننا نحتاج ان نثير ضرورة التربية على كيفية تبين الحق، ان يدخل هذا في قاموسنا، في مناهجنا، في أولوياتنا.. فلتكن هذه المرحلة الحساسة التي نعيش هي مرحلة الوعي والتمييز، ان لا تبقى هذه التربية على السطح في خط المسميات ونكتفي بتمجيد الحق وتعظيمه وحبه من بعيد…والشيطان عادة ينزل الى الارض الى التفاصيل الى العمق والزوايا والاكواع .. لهذا نحتاج في التربية ان نعمق المنهج تجاه معرفة الحق والى مقاربة واقعية.. مثلا كيف نربي على عدم تقديس الاشخاص، وعلى التفكير المستقل الموضوعي، كيف نربي على التجرد عن الاهواء، على التخلي عن الافكار المسبقة والقوالب الجاهزة في الحكم على الامور والاهم من هذا كله كيف نربي جيلاً على قول الحق ولو على النفس والاهل والاقارب.. وبالمناسبة في القرآن إشارة تربوية رائعة في هذا المجال في سورة النساء تقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ..}.
اننا اذا تمكنا من انجاز ذلك فنحن نضمن ان هذا الجيل لن يضيع بوصلة الحق أبداً.
ويبقى أن نؤكد أننا أولاً واخيراً نحتاج كي نتبين الحق ان نرجع الى الجانب الروحي، ان يمن الله علينا بصفاء النفوس وطهارتها وتزكيتها والأهم هي النية. اخلاص النية والتوق لنور الحق والحقيقة والارتقاء بعيدا عمّا يثقلنا الى الارض من ذنوب تغشى القلوب وتعيق الابصار. نحتاج الى فسحة ايمانية متواصلة مع الله ليكون خير مبصر لنا سبيل الحق، ومنور لنا دروب معرفته ويعيننا وندعوه ونرجوه: «اللهم اجعلنا نرى الحق حقاً وارزقنا اتباعه، ونرى الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه» ويبقى أن نعرف كيف نتصرف إزاء تبين الحق ومعرفته هذه الاشكالية التي ان وفقنا الله اليها في خطبة قادمة. والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، والأخذ بالحقّ، والسَّير على هديه، فلا يُنال ما عند الله إلا بالحقّ، ولا نستطيع أن نحقّق الإنجازات ونواجه التّحدّيات إلا بالأخذ به. نعم، قد ينتصر الباطل في جولة أو جولات، ولكنّ انتصاره لن يكون الانتصار النّهائيّ، فالنّهاية السّعيدة لن تكون إلا للَّذين استناروا بهدي الله الَّذي خلق السَّماوات والأرض بالحقّ، فهذا منطق التاريخ. وقد ورد في الحديث: “مَن صارَعَ الحقَّ صُرِع”، وفي حديث آخر: “مَن يَطلُب العِزَّ بغيرِ حقٍّ يَذِلّ، ومَن عاند الحقَّ لَزِمه الوَهَن”.
لبنان
بهذه الروحيَّة نعيش مواقفنا، والبداية من لبنان، الَّذي يستمرّ فيه الكباش السّياسيّ على أشدّه، حيث لا يبدو في الأفق أي حلول لأزماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وصولاً إلى الملفات الحياتية التي تمسّ يوميات المواطن من ماء وكهرباء…
لقد أوصل الواقع السّياسيّ الإنسان إلى حدّ من الإحباط، جعله يرى أن لا فائدة حتى من التعبير عن وجعه، ويكفي دليلاً على ذلك، قلّة عدد الناس الّذين يخرجون للتعبير عن آلامهم وهواجسهم، وهذا ما نشهده في كل دعوات الاحتجاج على أداء الواقع السّياسيّ، أو الفساد، أو غياب أبسط المقومات الحياتية من ماء وكهرباء، وتفاقم أزمة النّفايات الّتي تكاد تتحوّل إلى كارثة وطنيّة.
إننا أمام هذا الواقع، نعيد التشديد على ضرورة أن يستعيد الشعب في هذا البلد قراره، وأن يرفع صوته، وأن يخرج من سياسة التوكيل التي كان يتبعها، إلى لعب دور الأصيل، حتى يشعر من هم في مواقع المسؤولية بأنهم أمام إنسان وشعب لم يعهدوه، إنسان وشعب لا يملكون القدرة على اللعب عليه من خلال إثارة غرائزه المذهبية والطائفية، أو تخويفه من الطوائف والمذاهب الأخرى، أو التنصّل من المسؤوليات وإلقائها على عاتق الآخرين، أو إطلاق الخطابات الرنانة التي لا تُسمن ولا تغني من جوع.
ووسط كلّ هذه المعاناة، تبقى هناك نقطة ضوء تتمثّل في الدّور الّذي تقوم به الأجهزة الأمنية، التي باتت هي التعبير الوحيد عن وجود دولة في نظر المواطنين، حيث لم تتوقّف عن أداء واجبها بحفظ الأمن في هذا البلد، وشلّ أيدي العابثين باستقراره ووحدته.
وهنا، لا بدّ من أن ننوّه بالإنجاز الأمني الذي تمثَّل بالقبض على واحد من الرموز التي لعبت في مرحلة سابقة وإلى لحظة توقيفها، دوراً محرضاً على إشعال الفتنة المذهبيّة، ودق إسفين بين صيدا ومحيطها، والاعتداء على الجيش اللبناني، والعبث بأمن البلد واستقراره، مستفيدةً من أجواء هيّأت لها الحضن وأمّنت لها التمويل..
لقد أكّد هذا الإنجاز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الأجهزة الأمنية وتقوم به، إن أُعطِيَت لها الصلاحيات، وتأمّن لها الغطاء السياسي، ولم تخضع لتدخّلات من هنا وهناك.. وقد قدّم هذا الإنجاز دليلاً إضافياً وواضحاً على رفض اللبنانيين جميعاً، والمسلمين بالخصوص، لدعوات الفتنة ولرموزها، وأكّد أنه لا يوجد مكان آمن لهؤلاء ولا حاضنة لهم..
إننا ندعو إلى إبقاء هذا الإنجاز الكبير في إطاره القضائي، وعدم إخضاعه لأي تدخلات سياسية، وإلى متابعة كل القضايا الأمنية الملحّة التي تهدّد أمن اللبنانيين وتشوِّه صورتهم، سواء في عمليات الخطف التي جرت وتجري، أو في ملاحقة المجرمين الفارّين من وجه العدالة.
ونبقى في الشّأن الداخليّ، حيث لا بدَّ من الإشارة إلى مسألة النفايات التي صارت عنوان هذا البلد، بعدما بات واضحاً عدم وجود حلول قريبة لها، ما يهدّد بكارثة وطنية إن لم تُعالج، ونحن ندعو إلى استنفار كلّ الجهود لمعالجتها على قاعدة صحيحة. وإلى أن يتحقّق ذلك، نعيد الدعوة التي أطلقناها سابقاً إلى ضرورة التّعاون بين البلديات والمجتمع الأهليّ والمدنيّ وكلّ المؤسَّسات المعنيَّة بالصحّة والبيئة، لإيجاد الحلول لها، ولخروج من هذا النفق المظلم والدامس الذي بات يدخل إلى كل بيت، فلا خيار أمام الجميع إلا المزيد من هذا التعاون.
سوريا
وإلى سوريا الّتي يستمرّ فيها نزيف البشر والحجر، حيث شهدت في الأيام الفائتة مجازر مروعة طاولت المئات من الأبرياء في أكثر من مدينة، والتي نخشى أن تكون سمة المرحلة القادمة، ما بات يستدعي من كلّ القوى المؤثّرة في القرار السّوريّ، الإسراع لإخراج هذا البلد من أتون الصراع، بعدما أصبح واضحاً أن لا حلّ عسكريّاً في سوريا، وأنَّ الاستمرار في هذا المسار لن يجني إلا القتل والدّمار لهذا الشّعب ولمسيرته ولإنجازاته، ولن يستفيد منه إلا العدوّ الصهيوني، الذي لا يتوانى، عن الدخول على خطّ الصراع الداخليّ، كلَّما سنحت له الفرصة، من خلال ممارسة عمليات عدوانيّة تحمل أكثر من رسالة، أهمّها الحرص على تسعير الفتنة، وتوسيع دائرة النّار، لإضعاف موقع سوريا ودورها إلى أبعد الحدود.
العراق
أما في العراق، فإنَّنا ننظر إلى متابعة مسيرة الإصلاح بعين الارتياح؛ هذه المسيرة التي أعلن عنها رئيس الحكومة العراقية مؤخراً، والتي قد تكون المدخل الوحيد لإخراج هذا البلد من الفساد المستشري، ولتقوية الجهة الداخلية في مواجهة الإرهاب.. وفي الوقت نفسه، فإننا نعيد الدعوة إلى ضرورة تلاحم الجهود الداخلية، ووقوف الشّعب العراقيّ بكلّ مكوّناته صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب.. وهنا نثمِّن أية مبادرة جدية تساهم في تحقيق الاستقرار لهذا البلد، حتى لا يكون حاضنة للإرهاب.
اليمن
وإلى اليمن، الَّذي لا يزال يكتوي بتدخّلات الخارج وحروب الداخل، وبالمجاعة التي تهدّد الكثير من أبنائه، وفقدان أبسط مقوِّمات الحياة الكريمة. إنّنا أمام هذا الواقع، نعيد الدعوة إلى الإسراع في تحقيق مصالحة داخليّة نرى أنّها السبيل لاستعادة الاستقرار والوحدة في اليمن، حيث لا استقرار ووحدة مع الغلبة لأي فريق، لأنَّ الغلبة في الداخل هي مشروع حرب وفتنة.
ذكرى احراق المسجد الأقصى
وأخيراً، لا بدَّ من أن نتوقَّف عند الذكرى السادسة والأربعين لإحراق المسجد الأقصى، والتي أظهرت حقد العدو على هذا المسجد، ونيّته العمل على إزالة معالمه. إنّ هذه الرغبة لم تتوقف، وإن كانت تأخذ أشكالاً مختلفة، والتي تتمثل بالاقتحامات المتكررة للمستوطنين للأقصى، وبالحفريات المستمرة التي تهدد أساسات هذا المسجد.. إننا أمام كلّ ذلك، ندعو الدول والشعوب العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين، لمنع هذا العدو من تنفيذ مخطّطاته والاستفادة مما يجري في البلاد العربيَّة من حروبٍ وفتن واقتتال داخلي.
وفي الوقت نفسه، لا بدَّ من الالتفات إلى معاناة الإنسان الفلسطينيّ، ولا سيما الأسرى، الَّذين أخذوا يواجهون ظلم العدو بالإضراب عن الطعام، واستعدادهم لتحمّل الموت بهدف فضح إجرامه وعنصريَّته، كما حصل مع الأسير علان، لنكون بذلك الأمة الجديرة بالحياة؛ الأمة التي لا تسمح لأعدائها بأن يمسّوا مقدساتها أو أن يتعرضوا لإنسانها، من دون أن يدفعوا الثمن.