والتي ألقاها سماحة السيد محمد علي فضل الله في المسجد الكبير في بنت جبيل
الجمعة 21 رمضان 1435هـ الموافق 18 تموز 2014م
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ، وَأفَضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى أشْرَفِ خَلْقِ اللهِ وأعزِّ المُرسَلينَ سَيِّدِنَا وحَبيبِنَا مُحَمَّدٍ رسولِ اللهِ وعلى آلهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَأصحَابِهِ الأخيَارِ المُنْتَجَبين.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابِهِ الكريم: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ {البقرة:207}.
جاءَ في أمَالي الشَّيخِ الصَّدوقِ أنَّ رَسول اللهِ(ص) خَطَبَ النَّاس في آخِرِ جُمعَةٍ مِن شَهرِ شَعبانَ، وذكَرَ لَهُم فَضلَ شَهرِ رَمَضانَ، وأرشَدَهُم فيهَا إلَى مَحَاسِنِ الأعمَالِ فيه، فلمَّا بَلَغَ آخِرَ خِطبَتِه قامَ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ(ع) فَقالَ: يَا رَسولَ اللهِ، مَا أَفضَلُ الأعمَالِ في هَذا الشَّهرِ؟ فَقَالَ(ص): يا أبَا الحَسَنِ، أَفضَلُ الأعمَالِ في هَذا الشَّهرِ الوُرَعُ عَن مَحَارِمِ اللهِ عزّ وجلّ. ثمَّ بَكَى(ص)، فَقَالَ عَليٌّ(ع): يَا رَسولَ اللهِ مَا يُبكِيكَ؟ فَقَالَ(ص): يَا عَليُّ، أَبكِي لِمَا يُستَحلُّ مِنكَ فِي هَذا الشَّهرِ، كَأنِّي بِكَ وأنتَ تُصلِّي لِربِّكَ، وَقَد انبَعَثَ أشْقَى الأوَّلِينَ والآخِرِينَ، شقيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ، فَضَرَبَكَ ضَرْبَةً عَلى قَرنِكَ فَخَضَّبَ مِنهَا لِحيَتَك، فقالَ(ع): يَا رَسُولَ اللهِ، وذَلكَ في سَلامَةٍ مِن دِيني؟ فقالَ(ص): [نعم] في سَلامَةٍ مِن دِينِكَ.
نَلتَقي في شَهرِ رَمَضَانَ مَعَ مَعَانيَ عَديدَةٍ، فَكَمَا أنَّهُ شَهرُ العِبادَةِ والتَّوبَةِ والرَّحمَةِ، فإنَّه كَذلَكَ شَهرُ الجِهادِ والنَّصرِ والشَّهادَة، وهَذا مَا نَستَوحِيهِ مِن خِلالِ بَعضِ المُنَاسَبَاتِ المُهِمَّةِ الَّتي جَرَت فِيهِ. فَفي السَّابِعِ عَشَرَ مِنهُ في السَّنةِ الثَّانيةِ من الهجرة، كَانت مَعرَكَةُ بَدرِ الكُبرى، وفي العشرينَ منه في السَّنةِ الثَّامنةِ منَ الهجرةِ كانَ فَتحُ مَكة، وفي الواحِدِ والعِشرينَ مِنهُ في السَّنَةِ الأربَعينَ مِنَ الهِجرَةِ المُبَارَكَة، كانَ مَوعِدُ الإمامِ عليٍّ(ع) مَعَ الشَّهادَةِ الَّتي أخبَرَهُ بِهَا رَسُولُ الله(ص) حيثُ استُشهِدَ(ع) متأثِّراً بجِراحِهِ بعدَ أن ضرَبَه أَشقَاهَا، -اللَّعينُ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ مُلجَم– على أمِّ رأسِه، في التاسعِ عَشَرَ مِن شَهرِ رَمَضَان، بسيفٍ مَنقوعٍ بالسُّمِّ، حينَ كانَ(ع) ساجداً في مِحرابِه في صَلاةَ الفَجر.
وَمِن هُنَا نُطِلُّ علَى حياةِ أميرِ المُؤمنينَ(ع) الّتي كانَت مسيرةَ جِهَادٍ مستمرٍّ بَدَأت في بَيتِ اللهِ الحَرام وتوِّجت بالشهادَةِ في بيتٍ من بيوتِ الله.
ونحن حينما نستحضِرُ عليًّا(ع) في ذكرى شَهادَتِه، فإنَّنَا لا نريدُ بذلكَ أن نغرقَ في العصبيَّاتِ المذهبيَّةِ الضَّيِّقةِ، بل نُريدُ أن نحلِّقَ في فضاءات عليٍّ(ع) الَّذي باعَ نفسَه للهِ، وبذلَها في سَبيلِ رِسَالَتِه، عليٍّ الَّذي كانَ أوَّلَ النَّاس إسلاماً، والَّذي كانَ الفدائيَّ الأوَّلَ في الإسلامِ، والَّذي كانَت مَسيرَتُهُ الجِهاديَّةُ مسيرةَ رسالةِ الإسلام، في انطلاقاتِها وفي العَقَبَاتِ والتَّحدِّياتِ الكُبرَى الَّتي واجَهَتهَا في حَياةِ رَسولِ اللهِ(ص) وبَعدَ وفَاتِه.
لَقَد كانَ أميرُ المُؤمنين(ع) بطلَ مَعَاركِ الإسلامِ الكُبرَى، حتَّى كانَ لهُ في هَذهِ المَعَاركِ مِنَ مَنَاقِبِ البُطُولَةِ والشَّجاعَةِ والإقدَامِ، وشدَّةِ البَأسِ والصَّلابَةِ في القِتَالِ مَا لَم يُروَ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَة، وشَهِدَ مع رسولِ كلَّ معاركِ الإسلامِ في مُواجَهَةِ الشِّركِ، سِوى مَعرَكَةِ تَبوكَ عِندَمَا استَخلَفَهُ رَسُولُ اللهِ علَى المَدينَةِ لأنّ المَعرَكةَ كَانَت مَعَ الرُّومِ في مَكَانٍ بَعيدٍ عَنها، وكانَ رسولُ اللهِ يُريدُ أن يَترُكَ فيها مَن يَقدِرُ عَلى النُّهوضِ بَأعبَاءِ القِيادَةِ في غِيابِه، ولذلكَ حينَ سألَ عليٌّ(ع) النَّبيَّ(ص) عَن سرِّ عَدَمِ اصطِحَابِه في هذه المَعرَكَةِ مَعَهُ قال(ص): أمَا تَرضَى أن تَكونَ منِّي بمنزِلَةِ هَارونَ مِن مُوسَى إلَّا أنَّهُ لا نَبيَّ بَعدِي.
ففي مَعركَةِ بدرٍ الكبرى الَّتي كَانَت أوَّلَ مَعرَكَةٍ فَاصِلَةٍ بَينَ الإسلامِ والشِّركِ، كَتَبَ اللهُ النَّصرَ للمُسلِمينَ -رغم قِلَّتهم- عَلَى المُشرِكينَ -رَغمَ كَثرَتِهِم-، وقَد كَانَ للإمَامِ عليٍّ(ع) دَورٌ بَارِز ٌفي هذا النَّصر على الرَّغمِ حَدَاثَةِ سِنِّه، حَيثُ تَذكُرُ الرِّوايَاتُ أنَّه قَتَلَ نِصفَ قَتلَى المُشرِكِينَ الَّذي بَلَغَ سَبعينَ قَتيلاً، وشَرَكَ في النِّصفِ الآخَر.
وفي معركةِ أُحُدَ، كانت له مواقف مشهودة في اللحظات الصَّعبة من المعركة، كذلك في معركة الخندق حين بارز عمرو بن عبد ود العامريّ و صَرَعَه بعد أن جَبُنَ المسلمون عن مواجهته حتَّى قال رسول الله(ص): ضربة علي يوم الخندق تعدل عمل الثقلين إلى يوم القيامة.
وفي خيبر، عندما كانت المعركة الأخيرة مع اليهود الَّذين تحصَّنوا في حصونهم المنيعة، ظلَّ قادة الجيش الإسلامي يرجعون بالفشل والخيبة، إلى أن قال رسول الله(ص): لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحب اللهَ ورسولُه ويحبُّه اللهُ ورسولُه، كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه، وهكذا كان، وتمَّ الفَتحُ على يدَي عليٍّ عندما قَتلَ عمرو بنَ عبدِ وِدّ العامريِّ، ثمَّ اقتلعَ بابَ الحِصنِ فعَبَرَ المُسلمُونَ إلى دَاخِلِ الحِصن وتمَّ النصر.
وفي فَتحِ مكَّةَ أعطَاهُ الرَّسولُ رايَةَ المُهَاجرينَ ثُمَّ جَمَعَ لَه مَعَهَا رَايَةَ الأنصَارِ عندَ دُخولِ جَيشِ المُسلمينَ إلى مَكَّةَ، وبعدَما تمَّ الفَتحُ المُبينُ، أصعَدَهُ الرَّسولُ(ص) علَى كَتِفَيه الشَّريفَينِ لِيُساعِدَهُ على تَسلُّقِ الكَعبَةِ، حتَّى يُحَطِّمَ الأصنَامَ الَّتي كَانَت عَلى ظَهرِهَا.
وفي حُنَينَ كانَ عليٌّ على رأس القلَّة الَّتي ثَبتَت مَعَ رَسُولِ اللهِ (ص)، بَعدَما انهَزَمَ المُسلمُونَ وَوَلَّوا الأدبَارَ، وتفرَّقوا عنه(ص)، وبهذ كان لعليٍّ(ع) الدورُ الكبيرُ في حِمايَةِ النبي(ص) وفي تحويلِ الهَزيمةِ إلى نَصرِ.
وبعد وفَاةِ رَسولِ اللهِ(ص) وانتِقَالِه إلى الرَّفيقِ الأعلَى، اشتَعَلَ الخِلافُ حَولَ مَسألَةِ الخِلافَةِ، وعَلى الرُّغمِ مِن أنَّ الإمامَ عَليّاً(ع) كانَ الخَليفَةَ الشَّرعيَّ الَّذي عَيّنَهُ رَسولُ الله(ص)، إلَّا أنَّه(ع) وَقفَ مَوقِفَ النَّاصِحِ، وموقفَ المُشيرِ؛ لأنَّه(ع) كانَ يَرى في ذَلِكَ حِفظاً للإسلامِ مِنَ التَّفكُّكِ الَّذي يُمكِنُ أن يُصيبَه، ونَحنُ نَسمَعُ جَميعاً بِكلِمَتِه الشَّهيرةِ الَّتي قَالَ فيها: فَخشيتُ إن أنَا لَم أنصُر الإسلامَ وأهلَه أن أرَى فِيهِ ثَلماً أو هَدماً تَكونُ بِه المُصيبَةُ عَلَيَّ أعظمَ -أصعبَ- من فَوتِ -خسارة- ولايتكم هذه الَّتي إنما هي متاع أيَّام قلائل.
ونحن نَجِدُ -أيُّها الإخوةُ- أنَّ الكثيرَ مِن المُتربِّصينَ كانُوا يُريدونَ أن تَنشُبَ الحَربُ في الصِّراعِ على الخِلافَة، وكانَ عليٌّ(ع) يعرِفُ سُوءَ نَوايا هؤلاءِ، ولذلكَ قالَ لأبي سُفيانَ حينَمَا عَرَضَ علَيه أن يُحارِبَ معه لاستردَادِ الخِلافَةِ لصَالحِه(ع): ارجِع يَا أبَا سُفيان، فواللهِ مَا تُريدُ اللهَ بما تَقولُ –فكلامك ليسَ قُربةً إلى اللهتعالى، ولا تنفيذًا لأمرِ رسولِ الله(ص) في نصب عليٍّ إماماً وخليفةً للمسلمين- ومَا زِلتَ تَكيدُ الإسلامَ وأهلَه -بسبب بغضِكَ له وعدمِ إيمانِكَ به إيماناً صادقًا-.
وهكذا كانَ الإمام(ع)، يَعمَلُ للحِفاظِ علَى الإسلامِ في كُلِّ حرَكَتِه لأنَّه كَانَ القرآنَ النَّاطِقَ، حيث كانَ(ع) يُشيرُ إلَى القُرآنِ ويقُولُ: هذا القرآنُ الصَّامتُ وأنَا القرآنُ النَّاطِقُ. ولهذا كانت علاقته مع الخلفاء تتحرك في خط رعاية مصلحة الإسلام العليا ومصلحة المسلمين فكان نِعمَ النَّاصحِ والمشيرِ والموجِّهِ لهم في كل المواقع الَّتي تفرضُ فيها مسؤوليَّتُه عن الأمَّة وعن الإسلام ذلك. وهذا أحد وجوه عظمة الإمام عليِّ(ع)، لأنَّه صبرَ على الظُّلمِ الَّذي لحِقَ به بشكلٍ خاصٍ ولحِقَ بالأمة الَّتي حُرِمت من وجودِه على رأسِ الخلافةِ والدَّولةِ الإسلاميَّةِ كلَّ تلكَ الفترةِ من خلال اغتصاب الخلافة منه، فلم يتعامل معَ هذا الأمرِ تعاملاً ذاتيًّا انفعاليًّا ثأريًّا، لأنَّه(ع) كانَ إنسانَ الإسلام الَّذي يتحرَّكُ من خلالِ مصلحةِ الإسلامِ ومصلحةِ الأمَّةِ وليسَ من خلالِ مصلحتِه الشَّخصيَّةِ وانفعالاتِه الذَّاتيَّة.
وهكذا نَرى أنَّه بعدَ مَقتلِ الخَليفَةِ الثَّالثِ عُثمانَ بنُ عفَّانَ، جَاءَ النَّاسُ إلى الإمامِ(ع)، وبَايعُوهُ بالخِلافَة، رَغمَ أنَّه كانَ يرفُضُها ولا يريدُها، لأنَّه كانَ يعلمُ أنَّ النَّاسَ وأنَّ الطبقَةَ السِّياسيَّةَ الموجودةَ في ذلكَ الوَقتِ لم تَكُن قَادِرةً على احتِمالِ اصلاحَاتِه وتَطبيقَهُ للإسلامِ بِحَذَافيرِهِ مِن دُونِ مُراعَاةِ مَصَالِحِهِمُ الخَاصَّةِ، ولذلكَ كَثُرَت في عهده الحُروبُ الدَّاخليَّة؛ لأنَّه حَمَلَ النَّاس وقَادَهُم علَى المَحَجَّةِ البَيضَاءَ. ورَغمَ الحَربِ الطَّاحِنَةِ الَّتي قَامَت بَينَهُ وبَينَ مُعاويةَ، فإنَّه(ع) عِندَمَا سَمِعَ بِنِيَّةِ الرُّومِ غَزوَ بِلادِ المُسلمِينَ قَالَ: لَو فَعَلَها ابنُ الأصفَرِ –أي ملك الرُّوم- لَكُنتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَيهِ.
أيُّهَا الإخوَة المؤمنون.
إنَّنا نُريدُ أن نَستَلهِمَ هَذِهِ البُطُولاتِ، وهذا التَّاريخَ وهذه المَسيرةَ الجِهاديَّةَ في مُواجَهَة الخَطَرِ الَّذي يَتَهدَّدُنَا والّذي يَتهدَّدُ الإسلامَ اليومَ، وهو الإستكبار العالمي وإسرائيل، التي تواصل عدوانها على غزَّة، حيث يسقط في كل يوم، المزيد من الضحايا الأبرياء، حتى فاق عدد الشهداء والجرحى الألفين من النساء والشيوخ والأطفال، الذين باتوا الهدف المُفَضَّل للصواريخ الصهيونية، التي تستهدفُ المدنيين عن عمد، من أجل الضغط على المقاومة، ومن أجل التغطية على عجزها عن كسر صمود المقاومين.
ومن المُلفت أنه رغم كلِّ هذا الدم البريء الذي يسفك، فإن الأنظمة العربية التي تتدخل بشكل يومي في سوريا والعراق لتأجيج نيران الفتنة، تقف موقفَ المتفرِّج على الإجرام الصهيوني في غزّة، بل إنّها تتواطأ معه وتدعمه في كثيرٍ من الأحيان، حتى يواصل عدوانه وجرائمه وقتله للفلسطينيين.
إن الردَّ الأهم الذي تقوم به المقاومة الفلسطينية على هذا العدوان، يتمَثَّل في إعادة التأكيد على التمسك بخيار المقاومة كخيارٍ استراتيجي لا مساومةَ عليه، بعيداً عن الإنزلاق إلى مستنقعات الفتن المنتشرة في أنحاء الأمَّة، والتي تهدف بشكل أساسي الى تضييع البوصلة عن الصراع مع العدو الصهيوني، وإلى ضرب محور المقاومة لما يُمثِّله من خطرٍ على الكيان الغاصب ومصالح الإستكبار.
إن الحرب المفتوحة على غزة، أثبتت من جديد، أن الذي يقف مع قضايا الأمة، هم أطراف محور المقاومة، في حين ينشغل الآخرون بنشر الفتن من خلال مشروع صهيوني – تكفيري يهدف إلى إسقاط المقاومة وكل من يدعمها..
إن مواجهة الاحتلال الصهيوني، تتطلب مزيداً من الإلتزام بالوحدة والمقاومة، لأن ذلك كفيلٌ بتحقيق الإنتصار؛ فها هي صواريخ المقاومة تُغَطّي كل مساحة فلسطين المحتلَّة من شمالها إلى جنوبها، لتُسقط أسطورة القبة الحديدية التي فشلت في أكثر من إختبار أمام هذه الصواريخ التي تنهمر على حيفا وتل أبيب والنقب وبئر السبع وديمونا.
كما إن صمود المقاومين في غزّة، الذين يستلهمون صمود المقاومة في لبنان وانتصارها عام 2006 ، سوف يُرسي معادلات جديدة، لتخرج المقاومة الفلسطينية من هذه الجولة بمكاسب كبيرة تزيد في مأزق العدو.
لكن المُشينْ أن تأتي المبادرة المصرية لتُشكِّل طوق إنقاذٍ للعدو، بدل أن تنحاز إلى الفلسطينيين، الذين يتعرَّضون لكل أنواع الارهاب الصهيوني، الأمر الذي يعطي صورةً سلبيةً عن النظام المصري الذي فشل في أول اختبار حقيقي في إثبات إستقلاليّته، ليبقى في دائرةِ التبعيّة لأمريكا وإسرائيل.
إن أيَّ تسوية تقوم على نزع سلاح المقاومة ستكون أمراً مرفوضاً وخيانةً لدماء الشهداء، كما أن أيَّ وقفٍ لإطلاق النار لن يتمَّ إلا بشروط المقاومة وإرادتها، حيث أن صمودها جعل العدو في موقع العجز، إلاَّ عن قتل الأطفال، في حين يتخوف جنرالاته من الإجتياح البريّ، لأنهم يعلمونَ أنَّ كِلفته ستكون عاليةً جداً عليهم، وهذا ما لا يُطيقه كيان العدو، لأنَّ عدوانه لن يلقى إلاّ الفشل والخُسران، بفعل جهاد المقاومين وصمود الشعب في غزة، رغم تمادي الإرهاب الصهيوني في جرائمه.
أما في لبنان، فتَتكشَّف من جديد، خلفيَّات الجماعات التكفيرية، التي تتحرك بالتزامن مع العدوان الصهيوني في غزّة، لتحاول مهاجمة القرى والبلدات اللبنانية الآمنة المُتاخمة للحدود السورية، في عمليات يائسة لفك الحصار عن هذه الجماعات المهزومة.
لكن المقاومة أثبتت أنها ستبقى جاهزةً لضرب هذه المجموعات واستئصالِ خطرها، وستكون حاضرةً على كل الجبهات لصدِّ أي عدوانٍ صهيوني، أو إرهابٍ تكفيري، مهما غلَت التضحيات والأثمان التي تُقدّمها من أجل حماية أرضها وشعبها وأمتها.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا {الطًّارق:15-16-17}
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ {التوبة:105}
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.