{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ}، وهذا هو الجانب الآخر من الصورة الاجتماعية للعلاقة مع الآخر، فهؤلاء لا يلتزمون بعهدهم الذي عاهدوا الله عليه بشكل مباشر، أو غير مباشرٍ، ويتراجعون عن التزامهم التعاقدي مع الناس بعد عهدهم الموثق معهم، لأنهم لا يملكون القاعدة الروحية التي تجعلهم يحترمون كلمتهم وعهدهم، وتجعلهم يخافون ربهم في ما يقومون به أو لا يقومون به. فهم يربكون بأعمالهم هذه حياتهم وحياة الناس من حولهم، ويعرضونها للاهتزاز بفعل جو انعدام الثقة الذي تخلقه تصرفاتهم بين الناس، لأنها تهز أسس التعامل في تنظيم العلاقات بين الناس.
{وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ}، من خلال ما يملكونه من إمكاناتٍ ومواقع وفرصٍ وامتيازاتٍ عامةٍ وخاصةٍ، يستغلونها في عملية إفساد الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، ليحصلوا من ورائها على أرباحٍ لحسابهم الخاص، أو لحساب من يتبعونهم من دون الله، بالإساءة إلى البلاد والعباد، فينصرون الظالم، ويخذلون العادل، ويشجعون المجرم، ويدعمون الخائن، ويضغطون على كل أعمال الخير ودعوات الإيمان، {أُوْلَـئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} التي تبعدهم عن رحمة الله ورضوانه بسبب أعمالهم التي أبعدتهم عنه، وجعلتهم يستحقون اللعنة، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} في نار جهنم التي لا تجد داراً أشد سوءاً منها، لما تشتمل عليه من عذاب وعقاب أبديّ خالد.