الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله
هجّاه كلمة كلمة، وبيده توقف عند كلّ منها بإشارة تنبيه، إنّه “البلاغ” التحذيري الذي وجّهه السيّد حسن نصرالله إلى من يهمه الأمر في احتفال تكريم “أبناء الشهداء” الذي أقيم الفائت الفائت والذي قال فيه: “نحذر من الفراغ أو نحذر من أخذ البلد إلى فراغ لأنّه يعني أخذ البلد إلى المجهول. هذه لعبة خطرة، ضعوا خطين تحت كلمة خطرة”.
إذاً هو تحذير مشدّد مقرون بعدّة إشارات في اتجاهات متعدّدة يمكن تلخيصها بثلاث نقاط وهي :
النقطة الأولى: لا مخرج قريب للفراغ الرئاسي وعلى الحكومة الإستمرار و”العمل من سكات”، وفق قواعد الحوار ومراعاة مصالح مكوناتها بشكل متوازن، مع عدم المراهنة على الأوضاع الإقليمية والدولية وعدم المراهنة أيضاً أو ثقة بعض مكوناتها بحلفائهم، “فكم مرّة باعوهم وخذلوهم وتركوهم ولم يسألوا عنهم هذا إذا كانوا يضعوهم في الجو أساساً”، وفق ما جاء على لسان السيد نصرالله، لاسيّما أن “الجو” الذي يجري اليوم نسجه خارجيّاً يأتي في إطار ترجمة ملحقات الإتفاق النووي الذي أبصر النور مؤخراً، من خلال ترتيب أولويات “العُقد”، والسعي لتأمين ضمانات واضحة من جهات معينة لفكفكتها خلال 90 يوم قبل دخول الإتفاق حيز التنفيذ، ومنها المسعى الروسي الاخير للدفع بالسعودية وتشجيعها على المراهنة عليه في الملفين السوري واليمني حيث لفت مراقبون إلى أنّ الرئيس الروسي عرض أمام ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الذي زار سان بطرسبورغ في 19 حزيران الماضي- أي قبل عشرة أيّام من لقاء بوتين بالوفد السوري الرسمي الذي قاده الوزير وليد المعلم- عرض عليه مقاربة تقضي بإنشاء تحالف ضد الارهاب يضم كل من السعودية وسوريا وتركيا والأردن .
النقطة الثانية: تحذير من يهمه الأمر بعدم المغامرة بالحكومة اللبنانية بقصد حشر حزب الله داخليا واضعاف ظهره في مواجهته للتنظيمات الارهابية في سوريا على قاعدة ” نتغدى بهم قبل ان يتعشوا بنا “، فالاقدام على هذه الخطوة لن يغيير في المعادلة الخارجية بشيء ولا حتى في المعادلة الداخلية طالما مرجوعهم في النهاية الى “الليموناضة”، وإن اي تهور في هذا الاتجاه سيكلف اثمان باهظة تتجاوز حدود المجهول، الى مكان يصعب فيه حتى الرجعة الى زمن “الطائف” او حتى “الدوحة”، وهذا ان حصل هم وحدهم من سيتحمل مسؤوليته.
النقطة الثالثة: هي أن من يظن أنّ الإتفاق النووي أجهز على ملفات المنطقة العالقة وعلى رأسها الملف السوري فهو “واهم”، فمازال الملف السوري يتقدم سلم أولويات إيران وهي “لن تتركها، بغض النظر عما اذا کانت المفاوضات النووية ستصل في النهاية الی نتیجة أم لا فإن إیران متمسكة بأولویاتها تجاه دول المنطقة والجوار ومحور المقاومة “وهذا ما أكّده مؤخراً مساعد وزير الخارجية الإيراني حسین أمیر عبداللهیان في حديث صحافي أجراه بالأمس، الامر الذي يشير الى أن لا حلّ في ايٍّ من ملفات المنطقة العالقة ما لم يتم وضع سوريا أوّلاً على سكة الحل.
بكلّ حال السباق الدبلوماسي الناشط الذي يشهده الملف السوري مؤخرا خير برهان على هذا التوجه حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالامس بأنه سيزور الدوحة في أوائل آب القادم، حيث سيلتقي وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، ويبحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ملفي سوريا وإيران، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن التحضير لعقد مؤتمر “جنيف3” بين ممثلين عن الحكومة السورية وممثلين عن المعارضة بدعوة من المبعوث الأممي إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا” وبرعاية دولية، وفي هذا السياق عقد لقاء في طهران الاسبوع الماضي جمع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بـ “”دي ميستورا ” الذي صرح بان التعاون مع دول لها تأثير على ما يجري في سوريا من ضمنها إيران، ضرورياً لحل أزمتها، لافتاً إلى أن الحل يستوجب مبادرات جادة عبر قنوات سياسية راسما أساسيات الحل السياسي فيها وهي “حماية وحدة الأراضي السورية، وخروج المقاتلين الأجانب منها، واحترام حقوق جميع الفئات الإجتماعية”.
(ميرفت ملحم – محام بالإستئناف)