الحزب الشيوعي اللبناني: لمعارضة وطنية ديمقراطية
نعيش اليوم مرحلة تقوم على تطييف منهجي وغير مسبوق للحياة السياسية اللبنانية، واختصار مجمل العملية السياسية في البلد على أمراء الطوائف، المهيمنين على القرار السياسي والاقتصادي والمالي، والمسؤولين عما آلت أليه الأوضاع في لبنان، بحكم عجزهم عن إخراج البلد من أزمته. فالأزمة تكمن أساساً في النظام السياسي لا في الرئاسة، وما يجري اليوم على هذا الصعيد، ليس سوى محاولة جديدة لإنقاذ النظام الطائفي من الانهيار، ولإعادة تقاسم الحصص بين تلك القوى.
قد يكون انتخاب رئيس للجمهورية ضرورة لحماية السلم الأهلي وحاجة لملء الفراغ المستمر منذ سنتين ونصف السنة. لكن أن يكون التباكي على مصالح الناس والدولة، دافعاً لإنتاج تلك التسوية، فهو يفتقد إلى أي منطق. فالقوى السياسية نفسها التي تتباكى اليوم، هي من تتحمل الشلل في المؤسسات ومن عطّل هذا الاستحقاق، وهي أيضاً من عطّلت إقرار القوانين كافة المتعلقة بحياة المواطنين ومصالحهم، وأجهضت التشريع واقرار الحقوق المكتسبة لأكثرية الشعب اللبناني. إن الصفقة التي على أساسها تم الاتفاق واضحة المعالم والأهداف، وما التباين بين أطرافها إلّا محاولة لتعزيز ورفع سقف الحصص المطلوبة، ونخشى ونحذر من أن يكون أبرز ما اتفق عليه هو تطيير قانون الانتخابات النيابية لمصلحة قانون الستين والدخول مجدداً، وتحت مقولة سقف الميثاقية، في خطاب سياسي طائفي وصل إلى ذروته، ما قد يزيد الانقسام والتعطيل، ويختصر السلطة بترويكا متجددة تطيل أمد أزمة البلد ومعاناة اللبنانيين.
إن ما يجري يستوجب من القوى المتضررة كافة العمل للخروج من أزمة النظام السياسي القائم على اتفاق الطائف، المنتهي والساقط أصلاً، ومواجهة كل من يستميت اليوم للدفاع عنه ولإعادة إحيائه، والتمهيد لبديل تاريخي يتمثّل في اقامة الدولة الديمقراطية العلمانية المقاومة، والضغط لإقرار القوانين التي يفترض أن تشكّل الركائز الأساسية لبناء هذه الدولة المنشودة: قانون للانتخابات النيابية والبلدية قائم على النسبية وخارج القيد الطائفي، وقانون مدني للأحوال الشخصية، وقانون وطني وغير طائفي للأحزاب، فضلاً عن قانون ينظم موضوع الإقامة. وكذلك أيضاً لبناء دولة الرعاية الاجتماعية، ومدخله تغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المطالب النقابية والشعبية للقطعات كافة، وإقرار نظام ضريبي تصاعدي يطال الثروات وعائدات رأس المال، وتصحيح سياسات الإنفاق العام ومحاربة الهدر والفساد والإفساد ومعالجة مشكلة النفايات ووقف السطو على الأملاك العامة، وإقرار التغطية الصحية الشاملة، ووقف استخدام إدارة الدين العام كأداة للاستمرار في نهب الشعب اللبناني.
انطلاقاً من كل هذا، ومن موقع المعارضة الوطنية الديمقراطية، يدعو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني جميع القوى السياسية والعلمانية واليسارية والأهلية والشبابية والمدنية المتضررة، إلى منح صوتها في الاستحقاق الرئاسي لمصلحة تحقيق تلك القضايا، وإلى التوحد خلف برنامج إنقاذي، للرد على تلك المحاولات البائسة لإطالة عمر النظام الطائفي، ودفاعاً عن حقوق الشعب اللبناني وانتصاراً لنظام سياسي ديمقراطي بديل.
بيروت في 28/10/2016
المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
الوسومسياسة
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …