بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
أما بعد، فيعود بنا الحديث إلى قرة أعيننا بنت جبيل لها مني السلام. هي هذه المدينة الصابرة المحتسبة الحية والمنتشرة على البسيطة من خلال أبنائها وفلذات أكبادها.
هي بنت جبيل الحرة الثائرة التي تحضن الحق وتتسع له كما يتسع قلب المؤمن لله الأعظم والأكبر.
هي بنت جبيل الوفية لمن ضحوا في سبيل قوتها وحريتها. تحضنهم كلهم وتثور إذا ما حاول أحدهم أن يمننها بما قدمه أبناؤها لها.
هي بنت جبيل الطيبة الحنونة والكريمة إذا ما قصدها طالب حرية وثورة ودماء مجاهدين ومناضلين وثوار.
التاريخ الحديث كان شاهدا على تمردك ومنعتك يا حبيبة القلب يا بنت جبيل. كلنا يذكر يوم حاول الإحتلال أن يدخلك من خلال كرامك وأهل العزة فيكي. يومها فضل أهل الشهامة فيكي أن ينسلخوا عن أرضك حتى لا يتلوثوا بدنس العمالة والخيانة لك ولأرضك ودينك والقضية.
ولما حاول الإحتلال أن يدخلك من خلال أهل الذل والرذيلة. مرضتي وتعذبتي يا نور عيني. أصابتكي حمى وذبلتي لسنين ولم تموتي حتى إجتثثتي بعض الأطراف المعتلة وكل ذلك بفضل وهمة خيرة بنيك يا حبيبة القلب.
أما اليوم فهناك من جاء يبيعك الكلام يا سيدة المدن. ينمقونه ويزينونه بإسم القائد والشهيد والبطل حتى تربح تجارتهم. يغذون شطرا من شطور عصبيتهم ويمنعون الخير عن أوردة تغذي قلبك الكبير يا منارة المدائن.
أما حال لسان القائد والشهيد والبطل في حق هؤلاء فهو قول أمير البلاغة في حق من مالأه يوماً، القائد والشهيد والبطل هم أقل مما قلت وأكبر مما في نفسك من هدف تجاري رخيص.
إذا هو متجر كلام. يستقوي زورا براية وقائد وزعيم وشهيد وبطل. عينه على بخس تجارة في منصب وجاه وسلطة. يحمي مصالحه ومصالح جماعته. ويظلم السواد الأعم من أبنائك يا أمنا الحنون.
حسبنا أنك بنت جبيل الثائرة المتمردة التي طالما نفضت عن ثوبها عت الوصولية والتملق. وحسبنا أن فينا ولاة أمر واعين فاهمين متفهمين سوف ينصفونك يوم الفصل أمام كل هذا الغبن والنفاق والرياء.
وغد لناظره قريب!