هذه القضية الشائكة التي اختلفت فيها آراء العلماء وربما تطرق البعض فيها الى حد وصفها بالغلو وهي من المسائل الغير قديمة بل هي من المسائل التي بحثت عند المتأخرين.
السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله تعالى عليه قد بحث هذه المسأله من جوانبها المتعددة وأصدر فيها كتيب تحت عنوان (نظرة في الولاية التكونية) ونحن سنبدأ مع فقرات هذا الكتيب لنشرحه ولنقف عند كل جزئية من جزئياته حتى نفهم المسالة التي كثر اللغطـ فيها. وكثر ايضا السباب والشتائم على منكريها تارة وعلى القائلين بها اخرى وكثرت الكلمات الغير مسؤولة حول هذه المسألة.
السيد في كتابه رضوان الله تعالى عليه يمهد تمهيدا. يقول (يتصور بعض العلماء ان الله تعالى جعل لانبيائه ورسله ولاية تكوينية)
اولا ما معنى ولاية تكوينية بمعنى ولاية التكوين بمقابل ولاية التشريع وذلك بمعنى ان الرسول (ص) او الانبياء والأئمة او من لهم ولاية على التشريع صلوات الله عليهم يستطيعون ان يشرعوا احكام الله سبحانه وتعالى في الدوائر التي رسمها الله سبحانه وتعالى فيها اما بالنسبه للولاية على الكون يعني ماهو تكويننا.
لقد جعله الله سبحانه وتعالى في هذا الكون بحيث هل لهم حق التصرف في هذا الكون تكوينا اي في اصل خلقته وبقوانينه واسبابه الطبيعية التي اودعها الله في هذه المخلوقات او الموجودات.
يقول سماحته (يتصور بعض العلماء بأن الله تعالى جعل لانبيائه ورسله ولايه تكونية يتصرفون من خلالها في الكون فيغيرون الاشياء وينقلونها من حال الى حال) يعني يستطيعون مثلا ان يوقفوا الرياح وحركتها يستطيعون بحسب هذه النظره ان لهم سيطرة وولايه مثلا على الشمس ان يجعلوها تشرق من المغرب بدل ان تشرق من المشرق
وهكذا الامور الاخرى (يستطيعون ان يغيروا الاشياء وينقلوها من حال الى حال. يجمدون الاسباب ويصنعون اسباب جديدة للاشياء) بمعنى انهم يجمدون الاسباب يعني انهم يغيرون ماقدره الله من سبب يجري عليه هذا المخلوق التكويني. مثلا الله سبحانه وتعالى جعل حر للارض او جعل حر للرياح وجعلها باسبابها وهكذا في كل امر وتفصيل من تفصيلات الكون فهم يستطيعون ان يغيروا هذا السبب بما جعله الله لهم من ولاية عليه تكوينا.
وليس أنهم يغيرون السبب فقط وانما يوجدون اسباب جديدة ان ارادوا ذلك وطبعا كل هذا يربطونه في النهاية بكلمه بإذن الله لان الأسباب انما هي بيد الله تعالى وليست بيد المخلوقين لكن هذا من الأقدار للتصرف في الأمور التكوينية أو المخلوقات والموجودات بحيث يغيرون اسبابها او يعطلون الاسباب التي كانت جار عليها وهذا كله انما يكون باذن الله.
هكذا طبعا يتصور بعض العلماء كما يقول السيد رضوان الله تعالى عليه من خلال ما أعطاهم الله سبحانه وتعالى من سلطة على الكون في حركه التكوين كما اعطاهم السلطه الشرعية في ادارهة شؤون الناس.
يعني هذه الاراده التكوينية انما هي ضرب اقدار من الله سبحانه وتعالى لانبيائه كما يتصور بعض العلماء او لاوليائه سلطة يعطيها الله لانبيائه واوليائه بحيث يتصرفون بحركة الكون في حركه الرياح والشمس والقمر في حركة الكواكب والارض والبراكين واهتزاز الارض وبأي شيء من هذه الاسباب التي جعلها الله تعالى في الدنيا.
أعطاهم يعني يعطيهم هذه السلطه على التكوين كما اعطاهم السلطه على التشريع في اداره شؤون الناس وحكمهم وإدارة سياستهم ودفع المضار عنهم والاعداء عنهم. وتشريع ماهو لصالحهم. فكما يعطيهم سلطة على التشريع وتنفيذ هذا التشريع وفض المسائل كالنزاعات والخصومات بين الناس والولاية على القاصرين وما إلى ذلك، فإنه أعطاهم الولاية على التكوين في ادا شؤون الناس وحكمهم وتكوين الشريعة بينهم وهدايتهم لدينه.
(وقد اخذت نظرية الولاية التكوينية بعدا عقائديا حاسما متنوعا) يعني هذه المسالهةالتي بحثها عدد من العلماء خصوصا من المتأخرين واخذ بها الكثير ممن ينتسبون الى اهل العلم ربما من غير ان يفهموا بعض تفاصيلها وجوانبها كما سنبين في الحلقات الآتية.
#سماحة #العلّامة و #المفكر #الإسلامي #الشيخ #ياسر #عودة