المقاومة تشهر جهوزيتها

حلمي موسى
AM 01:39 2014-10-09
بدت الصدمة كبيرة على وجوه الإسرائيليين جراء إعلان “حزب الله” مسؤوليته عن تفجير عبوتين ناسفتين في قوة إسرائيلية في مزارع شبعا. فقبل خمسة أيام فقط كان رئيس الأركان الجنرال بني غانتس قد أعلن أن “حزب الله لا يزال مرتدعاً”، ما يعني أن القيادة الإسرائيلية مصابة بسوء التقدير.
وعموماً، فإن إعلان الحزب مسؤوليته عن العملية أزال لدى باقي قيادة الجيش الإسرائيلي الشكوك حول ما يُسمى بقدرة الردع في مواجهة “حزب الله”. فإعلان المسؤولية هو إشهار تأكيد جاهزية الحزب، خلافاً للتقديرات السابقة، لمواجهة إسرائيل أيضاً برغم انشغاله بالمعركة في سوريا، ما يعني أيضاً انهيار مفهوم ساد منذ حرب لبنان الثانية.
وفي نظر يوسي يهوشع في “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فإن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله يواصل بلورة قواعد اللعبة على الحدود الشمالية.
وفي نظره “وضع نصر الله علامة استفهام كبيرة على قول رئيس الأركان بأن حزب الله يفهم ثمن الحرب، وهو مرتدع. وكان الجنرال غانتس قد أعلن أن تنظيماً إرهابياً مرتدعاً لا يجيز لنفسه أن يعمل تقريباً بحريّة ضد الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، كما يفعل حزب الله في العام الأخير وفي السنوات الأخيرة”.
واعتبر يهوشع أن توقيت ومكان زرع العبوتين اللتين أصابتا جنديين، باعتراف رسمي، “ليسا صدفة: بالضبط في الذكرى 14 لاختطاف الجنود الثلاثة في مزارع شبعا”. وأشار إلى أن هذا يحدث للمرة الأولى منذ العام 2006، ويبرر الحزب ذلك بأنه “رد على الاختراق المكثف لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي للأجواء اللبنانية”.
من جهته، لاحظ المعلق العسكري لـ”يديعوت” أليكس فيشمان أن التوقيت والمكان ليسا صدفة، وأن “حزب الله” خطط لتنفيذ عملية واسعة في المسار نفسه الذي سار عليه الجنود الثلاثة في العام 2000.
واعتبر أن “وزير التاريخ يذكرنا بأنه محظور علينا تكرار الأخطاء التي قادت إلى تدهور الوضع الأمني على الحدود إلى أن وقعت الحرب العام 2006”. واستذكر كل الأحداث التي وقعت في الشهور الأخيرة ليخلص إلى أن مزارع شبعا، التي كانت ميداناً تاريخياً للصراع مع فصائل المقاومة من أيام “فتح لاند”، تواصل كونها منطقة تهدد بالانفجار.
وأشار فيشمان إلى أن المعطيات تظهر أن لا إسرائيل ولا “حزب الله” ولا الحكومة اللبنانية معنية بإشعال الجبهة، لكن الخشية هي من فقدان السيطرة ما قد يقود إلى انفجار الوضع.
غير أن هذا ليس تفسير رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية الأسبق الجنرال عاموس يادلين، الذي كتب في موقع “القناة الثانية” تحليلاً، أساسه أن “حزب الله” يريد تصعيداً ولكن على نار هادئة.
وبحسب يادلين فإن مسارعة “حزب الله” إلى إعلان مسؤوليته تشهد على قناعته بأن هناك “حسابات مفتوحة” من اغتيال الشهيد عماد مغنية إلى اغتيال الشهيد حسن اللقيس. ويعتبر أن حزب الله الذي يتعرّض لإدانات لمشاركته في الحرب في سوريا معني بتصعيد مدروس لاستعادة مكانته كـ”مدافع عن لبنان ضد إسرائيل” وليس “المقاتل ضد السنة في سوريا”.
وفي نظر يادلين فإن “للعملية في مزارع شبعا مشروعية عالية جداً في لبنان”. وفي كل حال “حزب الله” غير معني بتدهور يقود إلى حرب شاملة، لأن الجبهة الأهم لديه هي في الشرق وليس في الجنوب، وهو يأمل في السيطرة على التصعيد وإبقائه على نار خافتة.
بدوره، رأى المعلق العسكري لـ”هآرتس” عاموس هارئيل أن التصعيد الاستثنائي نسبياً على الحدود بين إسرائيل ولبنان مرتبط بسيرورات أوسع تجري في المنطقة، بينها ما يجري في سوريا وتهريب الأسلحة لـ”حزب الله”، وهو ما عارضته إسرائيل على قاعدة معارضة كل ما “يخلّ بالتوازن”. ولكن التحول تم إثر عمليتين رأى فيهما “حزب الله” تصعيداً إسرائيلياً: اغتيال حسن اللقيس وبعدها قصف قافلة سلاح قرب جنتا.
وأشار هارئيل إلى أنه برغم تصريحات قادة إسرائيل عن نصرهم على حماس، إلا أن “حزب الله” ليس خائفاً إلى درجة تجنب تنفيذ عمليات. ويخلص إلى أن “الخط الأحمر الذي لا تسمح إسرائيل بتجاوزه في الشمال تفكك منذ زمن”. كما أن النظرية التي شاعت في العامين الأخيرين وقالت إن قوة “حزب الله” تتآكل جراء التورط في الحرب السورية تخلي مكانها لنظرية تقول بأن ما يجري أمر أشد تعقيداً: صحيح أن “حزب الله” ينشر قواته في أماكن متفرقة، لكن ذلك يكسبه خبرة كبيرة وثقة بالنفس.
واعتبر بن كسبيت في “معاريف الأسبوع” أن العبوتين الناسفتين في مزارع شبعا تعززان الانطباع بأن “حزب الله” بدأ في الخروج من المخبأ، حيث غدت استفزازاته يومية تقريباً ما دفع المعلقين العسكريين إلى البدء بالحديث عن “حرب لبنان الثالثة”.
وتساءل كسبيت كيف ستبدو هذه الحرب وأجاب: الشيء ذاته ولكن بشدة أكبر. فالصواريخ ستصل في صليات وستكون أثقل وأدق وأشد فتكاً. والقبة الحديدية لن توفر الرد الأنسب، و”حزب الله” سيحاول تنفيذ هجوم بري في الجليل، وسيسقط الكثير من القتلى على الجبهة وفي الداخل. وحرب غزة ستبدو كنزهة مقارنة مع ما سيحدث، وخلال أسبوع أو أسبوعين سنطلب من الأميركيين فتح مخازن الطوارئ هنا وإرسال سفن ذخائر وقطار جوي عاجل.
وفي “معاريف الأسبوع” أيضاً، يعتقد المعلق الأمني يوسي ميلمان أن “حزب الله” غير معني بالحرب مع إسرائيل، لكنه معني بخلق توازن ردع. واعتبر أن الرد الإسرائيلي على تفجير العبوتين قصد به احتواء الموقف وعدم ترك الوضع يتدهور. وفي نظره إسرائيل أيضاً غير معنية بالتصعيد خشية خروج الأمور عن السيطرة كما حدث في العام 2006 وكما حدث مؤخراً مع غزة.

وكتب أن “حزب الله” مقتنع بأن إسرائيل تستغل ما يُسمّى بـ”الربيع العربي” للتصرف كأزعر الحي. وأضاف أنه برغم انشغال الحزب بالمعركة في سوريا، إلا أنه لم يفقد ثقته بقدراته العسكرية.

السفير

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …