«كنا ننتظر بفارغ الصبر منذ بداية الثورة بدء عملياتنا الحربية ضد “اسرائيل” مباشرة والانخراط عمليا في تحرير فلسطين، وهاهو عدوان القنيطرة وشهادة الله دادي يأتي ليطلق شرارة بدء الانخراط الفعلي لايران في المواجهة المفتوحة لتحقيق تلك الرغبة و الارادة».
هذا الكلام قاله أحد أبرز المؤسسين للحرس الثوري الايراني وأول مسؤول قيادي تقلد منصب وزير الحرس الثوري – قبل ان يتم دمج الوزارتين فيما بعد في اطار وزارة الدفاع وقوات حرس الثورة – الحاج محسن رفيق دوست، وذلك على هامش مشاركته في تشييع الشهيد الله دادي. وزير الدفاع الايراني من جهته وهو يذكر بقرار تسليح الضفة الغربية الماضي على قدم وساق، منذ امر اليوم الذي اصدره القائد العام للقوات المسلحة الامام السيد علي خامنئي بعد وقف اطلاق النار في غزة، علق بدوره ايضا بان تحرير القدس قد اقترب..
من جهة أخرى فان قائد حرس الثورة الجنرال جعفري، وهو ينوه بتشكل جبهة مقاومة اقليمية ميدانية مشتركة ضد “اسرائيل” من خلال ما سماه تركيبة الشهداء السبعة فانه لم يتردد في توجيه تهديد مباشر لقادة الكيان الصهيوني الغاصب بالقول: انتظروا الصواعق المدمرة …
مجمل هذا الكلام يشي بامر واحد لا غير : لقد بدأ العد العكسي لتحرير اصبع الجليل، واقتربت ساعات المنازلة الكبرى.
لا احد يعرف متى وكيف وأين، ستبدأ شرارة الرد الصاعق ؟
لكن مقربين من مطبخ صناعة القرار الايراني يؤكدون بأن سيناريو تحرير الجليل الموضوع على طاولة غرفة عمليات المشهد الدمشقي الشهير الممتد من طهران مرورا بدمشق وصولا الى الضاحية الأبية منذ مدة، ولم يكن ينتظر الا خطأ استراتيجيا من هذا النوع يرتكبه نتنياهو، حتى يصبح قرار القيادة العليا المشتركة نافذ المفعول، وهاهو أصبح نافذ المفعول حقا، وعليه فان عام 2015 سيكون عام تحرير الجليل بدون تردد..
من جهة أخرى فان مصادر ايرانية متابعة لما جرى في مثلث شبعا- الجولان -القنيطرة، والذي ادى الى هذه الحماقة الاسرائيلية والارتباك الاسرائيلي الذي واكب العملية وما بعدها سواء في الفرح ابتداء، و من ثم في محاولة التملص من مسؤوليتهم في الاعتداء المباشر على طهران من خلال اغتيال عميد في الجيش الايراني هو الشهيد الله دادي، قالوا انهم لم يكونوا يعرفون عن وجوده في الموكب قد يكون سببه التالي:
تقول القراءة الاولية بان قيادة العدو كانت تبحث عمليا عن «السيدابوعلي» الطباطبائي القائد الممتاز والرفيع المستوى جدا في حزب الله والمسؤول عن وحدة العبور الى الجليل متواكبا مع وحدة صاروخية كبيرة يشرف عليها …
ولما كان الله دادي القيادي الايراني في الحرس الثوري الذي جاء الى سورية حديثا في مهمة استشارية لمساعدة إخوته في حزب الله والشعب السوري ، يحمل الاسم الحركي « ابوعلي رضا» فقد نقل لهم عملاؤهم بان الصيد الثمين والذي كانوا يسمونه بـ «اسد الجليل» صار بين يديكم … !
وهكذا اطلقوا العنان لمروحياتهم بقصف القافلة التي كانت على مقربة نحو ستة كيلومترات من الحدود مع فلسطين ..واعتقاد القيادة العليا في تل ابيب انها انجزت مهمة اقتناص اسد الجليل وانها حصلت على صيدها الثمين، وذلك في إطار عملية ظنتها وقائية ردعية ستربك الخصم وقد تؤخر عملية العبور الى الجليل المتوقعة من جانب حزب الله.
هللت القناة العاشرة الاسرائيلية للخبر واعتبرت ما حصل إنجازا كبيرا للاستخبارات ووحدة المعلومات الاسرائيلية الخاصة بالساحة السورية .. لكن القيادة الاسرائيلية سرعان ما اكتشفت ليس فقط مرارة الفشل في النيل من اسد الجليل باكتشافها ان «ابو علي» الذي استهدف هو ليس اسد الجليل بل وانها ارتكبت اضافة الى ذلك حماقة التورط في الخوض في دماء ايرانية تراق لاول مرة باسلحة اسرائيلية مباشرة على مقربة من حدود فلسطين.
وقد يكون هذا هو ما يفسر سبب تداركهم في تصريحات لاحقة بانهم لم يكونوا ينوون مهاجمة قائد ايراني في عملية القنيطرة….
وهكذا يبقى كابوس العبور الى فلسطين يلاحقهم وكذلك خيبة ان يظل اسد الجليل لهم بالمرصاد. أليس هو من يقول عنه القادة الأمنيون الاسرائيليون أكثر من يسلب النوم من عيوننا منذ أن أعلن نصر الله عن سيناريو الدخول الى فلسطين، انه الشبح الذي سيظل يلاحقهم ويميتهم في اليوم اكثر من مرة، أسد يحمل كل مواصفات ثلاثية المشهد الدمشقي : ايران ولبنان وسوريا…
فهو مولود شريف وكريم لأب ايراني وأم لبنانية ويقاتلهم من سوريا ويحرك بانامله الصواريخ المرتقبة ان تنهال عليه من مثلث شبعا ـ جبل الشيخ ـ الجولان صانعا جغرافيا المقاومة الموعودة وخريطة مشرق ما بعد “اسرائيل…..”
ايا يكن الامر، يبقى الحديث الاهم من الآن فصاعدا هو ما ينتظر الاسرائيليين بعد أن كسرت القيادة الحمقاء في تل ابيب توازنات الحرب المفتوحة وقواعد الاشتباك، واطلقت يد الايراني عمليا في فعل ما يراه مناسبا على كل الساحات التي يوجد فيها عدوان اسرائيلي بشكل مباشر او غير مباشر، وفي كل الساحات التي توجد فيها مقاومة لاسرائيل وسيدتها وراعيتها الاساسية الولايات المتحدة الامريكية، من سواحل البحر المتوسط الى سواحل البحر الاحمر، ومن مضيق هرمز الى باب المندب.
بعد القنيطرة ليس كما قبل القنيطرة بالتأكيد، بعد القنيطرة ايران باتت على حدود فلسطين المحتلة ولها الحق الدولي المشروع في الرد على قادة تل ابيب في أي بقعة من فلسطين وبالطريقة التي تراها مناسبة .
بعد القنيطرة ايران بات من حقها ان تلاحق القادة الاسرائيليين وجنرالاتهم في كل العالم وأن تقتل منهم ما شاءت ومن شاءت حيث تثقفهم، وبحق دولي مشروع .
محمد صادق الحسيني – القدس العربي
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …