الدببة الطائرة والإنقلاب لإستراتيجي

A+A-نبيه البرجي –
الدببة الطائرة (او الدببة المجنحة) في سماء الشرق الاوسط. انقلاب استراتيجي. كيف حدث ذلك؟
وراء الضؤ، يحكى ان اجتماعاً خطيرا عقد بين اواخر آب واوائل ايلول في اسطنبول. ضم ضباطا كباراً اتراكاً وعرباً، اضافة الى مسؤولين من اجهزة الاستخبارات، وكان العنوان: اسقاط نظام بشار الاسد قبل نهاية عام 2015…
وبحسب المعلومات، فإن الفريق التركي الذي صارح الآخرين بأن خطوطه مع تنظيم الدولة الاسلامية مفتوحة لان هذا هو الخيار الوحيد امام بلاده للحيلولة دون قيام كردستان الكبرى، وبما تعنيه من زعزعة للدولة التركية وربما انهيارها، فوجىء بأن هناك بين «الآخرين» من يتبنى الطرح الخاص بالتنسيق او بالتعاون التكتيكي مع التنظيم، شرط تعديل سياساته وخططه حيال دول، او انظمة، عربية معينة…
اكثر من عشرة مليارات دولار رصدت لعملية الاربعين يوما، وقيل الاربعين ساعة، ما دامت الطائرات والدبابات ستنطلق في وقت واحد ومن نقاط مختلفة تركية واردنية وعلى نحو صاعق يدمر المفاصل العسكرية والسياسية الاساسية للنظام..
الآراء كانت متطابقة في ما يتعلق بموقف موسكو، فالرئيس فلاديمير بوتين، الغارق في المشكلات الاقتصادية، لن يغامر بالتدخل المباشر في سوريا ما دامت اللعنة الافغانية تلاحق الجنرالات الروس. اما الايرانيون الذين « تنازلوا الى حدود المستحيل» من اجل التوصل الى اتفاق فيينا والذين يراهنون على الفورة الاقتصادية (ثقافة الالدورادو تبعا لتعبير ديفيد اغناثيوس)، فلن ينزلوا الى الارض بل سيمضون في القتال عبر «حزب الله» اللبناني والعناصر الافغانية والباكستانية التي تولوا تجنيدها…
الاستخبارات الروسية لم تكن بعيدة عن رصد «حادثة» اللقاء. كانت لها خيوطها التي قد تقف عند الباب، لكنها حصلت من جهاز استخبارات اوروبي فاعل، ومؤثر، على تفاصيل مثيرة حول ما حدث في الداخل. احد المشاركين لم يتورع عن القول ان العملية الصاعقة لن تؤدي فحسب الى تقويض النظام في سوريا، وعودة «حزب الله» الى لبنان مثخناً بالجراح ليلفظ انفاسه الاخيرة، بل انها ستفضي الى انهيار كل العمليات الجيوسياسية الايرانية في المنطقة.
بالتالي يدرك الروس ان وجودهم في قاعدة طرطوس لن يعود له اي معنى، على المستوى الاستراتيجي. لا مجال للدببة القطبية لان ترقص على ضفاف البحر الابيض المتوسط…
كل تلك الاستعدادات العملانية واللوجيستية سقطت في لحظة واحدة. قرار الكرملين «كل روسيا في كل سوريا». ولطالما قال الجنرالات الروس ان ما يقوم به الاميركيون، وحلفاؤهم، في سوريا والعراق هو ككرنفال جوي، ولو كانت هناك جدية في التعاطي مع «داعش» لتمكنت الغارات، وقد بلغت التسعة الاف، من حصر التنظيم في مناطق او مدن معينة لا بد ان يختنق فيها اذا ما تم احكام الحصار اللوجيستي وقطعت طرق، ووسائل، الامداد..

وينقل ديبلوماسي روسي عن احد الجنرالات انه لو استخدم الاميركيون القاذفات التي استخدمت ابان الحرب العالمية الثانية في ضرب القوافل العسكرية لكان باستطاعتهم تدمير البنية العملانية لجحافل ابي بكر البغدادي التي كانت تقطع عشرات الكيلومترات، واحيانا مئات الكيلومترات،في العراء. ما بالك اذاً بالقاذفات الهائلة التي كما لو انها اعدت لضرب كائنات من كواكب اخرى؟

الجنرال وصل الى حد القول ان تلك الجحافل بدت كما لو انها تتمدد في كل الاتجاهات تحت المظلة الاميركية…

الروس يعتبرون ان الاميركيين كانوا واضحين جدا منذ بدايات القرن وحتى منذ نهايات القرن الفائت. هم من اطلقوا مصطلح «الفوضى الخلاقة»، ويتولون بدقة هذه السياسة لتبقى الدول، ولتبقى الانظمة، على حافة الهاوية…

لا احد كان يتوقع ان يكون هكذا عاصفا، وصاعقا، وصاخبا، رد فعل الدببة التي طالما عرفت ببلادتها، وببقائها وراء الثلوج. نوعية الطائرات التي ارسلت وسترسل الى سوريا (سوخوي-24- وسوخوي-25، وسوخوي-30، وسوخوي-34) لا تدع مجالا للشك في ان الكرملين لا يزمع فقط على تغيير قواعد اللعبة في سوريا و انما تغيير قواعد اللعبة في الشرق الاوسط…

الروس يقولون ان الذين يراهنون على التجربة الافغانية، ويحاولون انتشال جثة اسامة بن لادن من قاع المحيط ، لا يتقنون القراءة ولا يتقنون المقارنة، ودون ان تقتصر العملية على الغارات الجوية. التنسيق في ذروته بين موسكو وطهران التي قررت ان تنزل، بدورها، على الارض…ث

الآن، مرحلة جديدة (وهائلة) في سوريا. مائة يوم تكفي لاحداث تغييرات دراماتيكية على الارض. ما هو رد الاخرين؟ الصراخ على الشاشات!

الديار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …