بيان الشيوعي حول “التفاهم النفطي” :
تحاصص طائفي وانتفاع انتخابي لصالح أطراف السلطة على حساب حقوق الشعب اللبناني
يعتبر الحزب الشيوعي اللبناني ان “التفاهم النفطي” الذي أعلن عنه بين عين التينة والرابية والذي يفتح المجال أمام اقرار المراسيم النفطية وتثبيت شمول البلوكات النفطية الواقعة في أقصى الجنوب اللبناني ضمن أي عملية تلزيم فعلية لاحقة، ما هو إلا شكل من أشكال محاولة التحاصص الطائفي الذي يتخطى مؤسسات الدولة ويعكس رغبة التشكيلات الطائفية المتنفذّة التي لم تخف نواياها الفعلية – منذ الإعلان الأول عن احتمال وجود مكامن للغاز على السواحل اللبنانية –للانتفاع الزبائني والتحاصصي من استثمار هذه الثروة الوطنية.
ان الحزب الشيوعي اللبناني يرى أيضاً في توقيت هذا الإعلان اليوم ، وفي هذا الظرف بالذات ، محاولة لتلميع صورة القوى الطائفية المتهالكة التي بدأت تفقد تدريجيا شرعيتها التمثيلية على أبواب الانتخابات البرلمانية، وكذلك للايحاء بأن هذه القوى هي الرافعة للاقتصاد اللبناني ولتحقيق رفاه الشعب وخلق الوظائف وما الى ما هنالك من وعود فارغة ومجانية تستعملها هذه القوى للإنتفاع الانتخابي عشية حملاتها الانتخابية النيابية المقبلة.
كما يعتبر الحزب ان هذه الثروة النفطية هي ملك للشعب اللبناني وعلى الدولة اللبنانية اتخاذ الاجراءات التي تحفظ هذه الثروة وحقّ الدولة والشعب والأجيال القادمة في الاستفادة منها وذلك على اسس وطنية واقتصادية واجتماعية سليمة بدلا من اخضاعها لنفس منطق التحاصص والتوزيع الطائفي والمذهبي الذي طبع اسلوب التعاطي مع القضايا السياسية الاقتصادية والاجتماعية منذ اتفاق الطائف والذي اوصل البلاد الى حافة الانهيار التي نعيشها الآن.ان الحزب يرى ان اتباع سياسة وطنية لادارة الثروة الطبيعية يجب ان يتمحور حول اسس ثلاثة:
أولاً: ضرورة ايلاء مصلحة الشعب اللبناني الأولوية في المفاوضات الاقتصادية مع الشركات العالمية المستخرجة، وذلك عبر إنشاء “شركة وطنية للنفط والغاز” أسوة بما هو قائم في جميع البلدان المنتجة للنفط والغاز، كي تضطلع بموقع فاعل في ضمان الشفافية والرقابة الصارمة في جميع المراحل من التلزيم وصولا الى الانتاج. وفي هذا الاطار يرتدي تعظيم ايرادات لبنان المالية المباشرة من هذه الثروة اهمية كبرى.
وهذا يجب ان يتم عبر فرض التوليفة الافضل للبنان – بخلاف ما يسرب من توليفات رسمية ملتبسة وهجينة – بحيث تشمل نظام تقاسم الانتاج كبديل لنظام تقاسم الأرباح، وفرض “معدل أتاوات” مرتفع بحسب ما هو سائد في التجارب الدولية المحققة، اضافة الى إقرار نظام ضريبي تصاعدي على الأرباح البترولية والغازية المحققة بما يوفّر للدولة ايرادات وازنة من استثمار هذه الموارد.
ثانياً: تعظيم المنافع العامة من استثمار العائدات، عبر إنشاء صندوق سيادي مستقل للحفاظ على مصالح الأجيال القادمة من اللبنانيين يذهب اليه جزء من الواردات، وفي الوقت عينه استعمال الجزء الآخر، في تأمين متطلبات التنمية الشاملة وبخاصة في الريف والمناطق المدينية المحرومة، وتلبية مطالب بلدياتها؛ وفي بناء وتطوير شبكات البنى التحتية الأساسية وبالأخص الكهرباء؛ وفي تجهيز الجيش اللبناني والقوى الأمنية باحدث المعدات العسكرية؛ وفي تعزيز الإنفاق الاجتماعي بما يشمل زيادة حصة الرتب والرواتب والأجور وتحسين نوعية التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية؛ وتعزيز الحق في السكن والتغطية الصحية الشاملة وضمان الشيخوخة والحق بالتقاعد ومكافحة البطالة والهجرة والقضاء على الفقر.
ثالثاً: التعامل مع الثروة النفطية والغازية، لا بصفتها مورداً مالياً وريعياً فقط، بل كرافعة أساسية للتنمية الاقتصادية، وبخاصة الصناعية منها، وكأداة فعلية للتنمية الاجتماعية ولتوطين واستيعاب التكنولوجيا بدل الاكتفاء باستيرادها واستهلاكها. وذلك يتم عبر اتباع سياسات اقتصادية تخفف من الوقع السلبي لما يعرف ب “لعنة الموارد” التي تصيب الدول التي تكتشف النفط والغاز حديثا والتي تحولها الى مجتمعات مستهلكة وتقضي على صناعتها وزراعتها. وهذا الأمر يرتدي أهمية كبرى في لبنان نتيجة ضمور هذه القطاعات أصلاً في العشرين سنة الماضية.
ان الحزب الشيوعي يدعو اللبنانيين الى الإنخراط الواسع في معركة الحفاظ على ثرواتهم الطبيعية وذلك من أجل ضمان استعمالها في بناء الاقتصاد الوطني وضمان الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لأبنائه جميعاً بدلاً من وقوعها، هي أيضاً، لقمة سائغة في أيدي الذين أوصلوا البلاد إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي نعيشها اليوم.
بيروت في 7 تموز 2016
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي اللبناني