أنّ الإمَام العسَكري(ع) عاش كما عاش آباؤهُ من أئمة أهل البيت(ع) في مَوقع الإمامة من أجل فتح عقول النّاس وقلوبهم على الإسَلام الأصيل الّذي أنطلق به رسول الله(ص)، وسار فيه أئمة أهل البيت(ع)، بأعتبار أنّهم أمناء الله على الرسَالة، ولأنهم خلفاؤه سبحانه في أرضه وحُججَه على عباده.. وقد تتلمذ علَيه الكثيرون من الرواة والعلماء، وأثّر في مجتمعه بالرغم من حَداثة سنه تأثيراً كبيراً جدّاً، حتى أنَّ أعداءه كانوا يشَهدون له بما يشهد له به أولياؤه. وكما ذكرنا، فإنَّه بالرغَم من أنَّه كان أصَغر الأئمة عمراً، لكنّه أسَتطاع أنّ يستولي على ثقة المجتمع كلِّه، وكان يُقَدَّم على شَيوخ بني هاشم، والمُجتمع كلُّه يقدّمه ويثقُ به ويتحرّك باتجاه علمه وإمامته ، وفي سَيرته(ع) أنَّه بلغ عدد الرواة عنه 149 حدّثوا عنه بلا واسطة مع الاختلاف فَي وثاقتهم ومنازلهم، ما يدلُّ على أهَتمام المُجتمع الثقافي آنذاك بالمَكانة العلميّة التي يمثّلها الإمام الحسَن العسكري(ع)، لأنَّ الرواة ليسَوا مُجرّد أشخاص يسألون، بل كانوا يمثّلون أسَاتذة المُجتمع في الثقافة الإسلاميّة، ومواقع المعرفة فيه.
وإنَّ أعداءه أنفسَهُم دانوا له بالفضل، وأمتلك أمتداداً من التعظيم والإجَلال في مواقع المجتمع كلِّها، بما في ذلك الوزراء والثوّار وطبقات المجتمع ، فالإنسان الّذي يَلتقي أعداؤه وأولياؤه علَى تعظيمه ومَدحه والثناء عليه، هو إنسَانٌ أسَتطاع أنّ يقتَحم عُقول الناس وقلوبهَم بَكلِّ ما يرفع ثقافتهَم، وما يؤكّد الخيرَ والعلم والعدلَ في حياتَهِم كُلّها، لأنَّه لا يمكن أنّ يلتقي الناس على شَخص إلاَّ إذا أستطاع أنّ يفَرض نفسه عليهم بكلّ الطاقات العلمية والروحية والأخلاقية التي تتمثّل فيه. وهكذا كان الإمام العسكريُّ (عليه السّلام )
المصدر: بينات