سليم الحسني
هي أيام معدودات، تمر حزينة على الشيعة، تثير فيهم الذكرى المأساوية الكبرى لاستشهاد الإمام الحسين بكربلاء. مأساة مُفجعة لا نظير لها، سار اليها الحسين بأهل بيته، من المدينة الى مكة ثم الى كربلاء، يسعى لهدف واحد لا غير، أن يعيد سُنّة جده المصطفى الى حقيقتها، يزيل عنها التشويه والخرافة التي لحقتها بفعل الوضاعين بدفع من بني أمية، ومن قبلهم الخلفاء الثلاثة حين منعوا تدوين حديث الرسول، وأحرقوا ما كان مدوناً منه. فضاعت الكثير من حقائق الدين، وحلت محلها عقائد وأحكام لا صلة لها بما أنزله الله تعالى على خاتم النبيين.
كانت المهمة شاقة تتطلب أن يضحي الإمام بنفسه ليعيد النقاء الى الإسلام، وقد فعل ذلك يوم عاشوراء، وجاء من بعد اهلأئمة ينشرون سُنّة جدهم وسط شيعتهم، فيقابلهم الحكام بالتضييق والسجن والقتل.
لا يريد الحكّام وأعداء أهل البيت، لهذه المدرسة أن تقوم في الأمة، لأن قيامها يعني القضاء على الظلم والفساد واستعباد الناس. فعاشوراء الحسين تعني تقويض الحكومات الظالمة، بينما عاشوراء الخرافيين يعني بقاء الحكم الظالم مستمراً يتوارثه الظالمون جيلاً بعد جيل.
عجزت السلطات على مدى التاريخ أن تواجه الخط الحسيني، فقد كان له قادته وأنصاره الذين يعرفون معنى الحسين، ويعرفون كيف ينشرون نهجه وسط الأمة، يتحدون الموت والقتل والسجن والمطاردة والتشريد.
لكن وسيلةً ماكرةً انتجتها أدمغة الحكام، فقد أعادوا منهج بني أمية في التحريف والتشويه، حيث قرروا إدخاله الى الجو الشيعي، لتضيع ثورة الحسين وسط ضجيج الخرافة والتجهيل، ويتحول الحسين الثائر في العقول والقلوب الى حركات بليدة بالأعضاء والصراخ الطائش والممارسات المجنونة.
أجهر الحسينيون الصادقون برأيهم وتصدوا للخرافة وللانحراف عن نهج سيد الشهداء، وفي مقابلهم نشط الخرافيون وهم يتلبسون عنواناً زائفاً يوهمون به البسطاء بانه الحسين، تماماً مثلما فعل بنو أمية حين وضعوا الأحاديث والروايات المكذوبة واطلقوا عليها تسمية (السنة النبوية).
عاد الزمن الى دورته، الخرافة ضد الدين.. والتحريف ضد الأصالة. لكنها هذه المرة كانت أشد على مدرسة أهل البيت من أيام بني أمية وبني العباس ومن تلاهم من الحكام الظالمين. لأنها توغلت وسط قسم من المنتسبين للشيعة.
يتزايد اتجاه الخرافيين بفعل قدراتهم المالية الهائلة، ويعيش خط الحسين الأصيل المحاصرة والتضييق، وينتظر صرخة استنهاض قوية تدعم منهج الحسين لتحفظه من الضياع.
يبحث خط الحسين عن شخصيات تحمل همّ التشيع وشجاعة الخط الحسيني لتقول كلمتها. وبهذا الموقف يُعرف الحسينيون عن المعتاشين باسمه.