أشباه رجال أذناب سعوديون

منذ تراجع خيار الضربة العسكرية الاميركية ضد سوريا وترجيح كفة التسوية لملف السلاح الكيميائي، تتعالى اصوات لبنانية تبدي يأسها من المجتمع الدولي. لن يكون الرئيس سعد الحريري آخر من انتبه، أمس، الى أن «أسياد المجتمع الدولي يقيمون حسابا لكل المصالح وفي كل الاتجاهات، لكنهم مع الأسف لا يقيمون أي حساب للضحايا التي تتساقط كل يوم في أرجاء سوريا». ولم يكن الرئيس فؤاد السنيورة أول من ناشد الرئيس الاميركي باراك اوباما أن «تدخل في سوريا سيدي الرئيس (…) فإن تخاذلكم رسالة كارثية تبعثون بها الى جميع الطغاة على هذه الأرض بأن العالم سيقف مكتوف الايدي بينما يقومون هم بذبح مواطنيهم».
قبل أسابيع لا بل شهور، انتفت الحماسة العلنية لأي عمل عسكري خارجي ضد سوريا. أقلّه لم يبادر السياسيون المعارضون للنظام السوري إلى تسمية الأمور بأسمائها ولا الرغبات المضمرة. كان يتم اختيار الكلام بدقة متناهية. واللغة العربية حمّالة اجتهادات: «التدخل في سوريا». «دعم الثورة». «تحمّل المسؤولية المعنوية والأخلاقية». «انقاذ سوريا»… وغيرها من العبارات الحمّالة الأوجه والالتباسات.
ومع ايحاء الولايات المتحدة الأميركية بأنها جدّية في معاقبة النظام السوري، وأنها ذاهبة الى النهاية في قرارها ضرب مواقع تابعة للنظام السوري، تحررت الألسن. صارت صواريخ «التوماهوك» و«الكروز» حلما مشتهى ومطلبا تجاهر به قوى سياسية لبنانية معينة. هكذا توسعت المروحة: من «القوات اللبنانية» التي طالب رئيسها سمير جعجع في رسالة موجهة الى باراك اوباما «القيام بأمر ما في سوريا»، مرورا بقوى وشخصيات من «14 آذار»، كما عدد من «المستقلين»، وإن كانوا غير بعيدين تماما عن فلك «14 آذار».
تقول شخصية قريبة من «تيار المستقبل» إن «الحملة المطالبة بالتدخل العسكري الغربي، وتحديدا الاميركي في سوريا جرى طلبها وتنظيمها من قبل عدد من دول الخليج وفي طليعتها السعودية». تضيف» للمرة الاولى، سعت هذه الدول الى القيام بحملة ضغط في وسائل اعلام عربية وعالمية من أجل خلق لوبي ضاغط يدعم الضربة على سوريا للقضاء على النظام، أو في اقل تقدير اضعافه واعادة بعض التوازن في القوى بينه وبين المعارضة. لقد تم الطلب من احزاب وأفراد أن يرفعوا الصوت نصرة للشعب السوري وأن يتوجهوا الى الادارة الاميركية كما الى الشعوب في دول العالم الحر بهدف حضّهم على تنفيذ تهديدهم بقصف كل ما يستند اليه النظام لقتل شعبه».
وتؤكد هذه الشخصية أنه «طُلب من بعض القيادات المؤهلة التواصل بالانكليزية ومخاطبة العالم الغربي بلغته. وهو نقص ليس تفصيليا عند المعارضة السورية التي لم تنجح الى اليوم في تسويق شخصية تجمع بين سهولة التواصل مع الاعلام الغربي والتعبير عن هموم الشعب السوري ونضال المعارضة».
لا تجد الشخصية القريبة من «تيار المستقبل» أي حرج في الاشارة الى الطلب الخليجي. فـ«نحن اصلا مقتنعون بضرورة التدخل لانقاذ سوريا وشعبها من ديكتاتورية تقتل الناس بالكيميائي. واذا كان رفع اصواتنا يسهم في رفع الظلم والقتل عن الشعب السوري فهذا اضعف الايمان. ونحن نعتبر الطلب بمخاطبة الغرب، ادارات وشعوبا، من باب التنسيق بين الغيارى على سوريا وأهلها، وليس من باب الامر او الفرض».
وتتابع «ارتفعت أصوات السياسيين والكتّاب في الكثير من الدول العربية لتشجيع الولايات المتحدة والغرب على إنقاذ سوريا من براثن الاسد. بعضها منسق وبعضها عفوي، لكن مع الأسف، دماء السوريين ليست عزيزة بالقدر الكافي حيث تتقدم الحسابات والمصالح الدولية. لكننا ما زلنا نراهن ان الضغط والكلام وايصال واقع المعاناة في سوريا سيسهم في التأثير في الرأي العام الغربي، كما في الادارات السياسية في الدول الغربية».
لا تنفي الشخصية السياسية نفسها أن الكثير من قيادات «تيار المستقبل» وجمهوره، كما الكثير من «قوى 14 آذار» «يشعرون ببعض المرارة من كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع سوريا، خصوصا بعد مجزرة الغوطة. لكن الحملة لن تتوقف ولا بد من أن يعي الغرب أن بقاء هذا النظام يهدد السلام والاستقرار في العالم ويرسل اشارات الى كل الطغاة أن بامكانهم الافلات من أي عقاب شرط دفع الاثمان المناسبة. وهذا لن يمر».

20130915-092927.jpg

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …