أبو متعب قرر بأن لا حوار

فجّرت الرياض الحوار العتيد بين حزب الله وتيار المستقبل حتى من قبل أن يبدأ فعلياً. الدعوة السعودية لوضع الحزب على لائحة الارهاب تهدّد بعودة التوتر بين الطرفين بعد تهدئة إعلامية غير معلنة لم تدم أكثر من أيام

وفيق قانصوه

هل هناك سياسة سعودية، وتالياً خليجية، ثابتة حيال لبنان؟ وهل هذه الدول حريصة فعلاً على استقرار هذا البلد، كما تعلن، في وقت لا تترك مناسبة من دون أن تزيد في انقساماته؟ تطرح هذه الأسئلة وغيرها بعد التصعيد السعودي الجديد ضد حزب الله، والذي يرجّح أن يزيد في تعقيدات الوضع في لبنان والمنطقة. فقد دعا مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، إلى إدراج الحزب على «قائمة المنظمات الإرهابية».

وفي جلسة خاصة لمناقشة الإرهاب، طالب المعلمي بمعاقبة حزب الله وتنظيمات عدة من بينها «لواء أبي الفضل العباس» و«عصائب أهل الحق» وغيرها من «التنظيمات الإرهابية التي تقاتل في سوريا».
وفيما علمت «الأخبار» انه نتيجة الموقف السعودي الجديد، يتوقع حصول اتصالات مع الرياض في غضون الايام المقبلة لاحتواء ردود الفعل، حذّرت مصادر مطلعة من انعكاسات سلبية لهذا الموقف على «مقدّمات الحوار» الذي يجري الحديث عنه بين حزب الله وتيار المستقبل. وأعربت عن خشيتها من أن يعني هذا الموقف انتهاء التهدئة التي بدأت منذ اعلان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في عاشوراء ترحيبه بالحوار مع التيار. وقالت المصادر لـ «الأخبار» إن الدعوة السعودية هذه، معطوفة على تحريك المحكمة الدولية، بعد طول سبات، عبر استدعاء شهود سياسيين بما يوتّر الأجواء في البلد، يشيران الى رفض سعودي لمثل هذا الحوار، وربما يشكّلان ضوءاً أحمر أمام مضي التيار في أي حوار مع الحزب. وسألت المصادر: «كيف يفسّر السعوديون موقفهم هذا فيما لم يمض شهران على احتفال سفيرهم في بيروت علي عواض العسيري بالعيد الوطني لبلاده محاطاً بنواب من حزب الله. ولماذا تأتي هذه الدعوة بعد يومين من اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي، وإدراج الامارات العربية المتحدة التي تتأثر الى حد كبير بموقف الرياض منظمات على لائحة الارهاب لم يكن حزب الله من بينها؟».
خشية من انتهاء التهدئة الاعلامية واتصالات لاحتواء
ردود الفعل
وخلصت الى انه يبدو أن السياسة السعودية ليست جاهزة بعد لاستعادة توازنها في لبنان والمنطقة. كما تساءلت عن «التقاطع» السعودي ـــ الاسرائيلي في محاولة تشويه صورة الحزب كحركة مقاومة وربطه بالارهاب، وهو ما سعت اليه تل أبيب طويلاً.
ووصفت المصادر خطاب المعلمي بأنه «فقاعة صوتية» لن يكون لها أي نتائج، مذكّرة بإعلان نصرالله بـ «اننا سنكون حيث يجب أن نكون» في سوريا. وقالت إن الدعوة «تظهر خيبة أمل حقيقية لدى القيادة السعودية من فشل مشروعها في سوريا، ما جعلها في موقع المتخبط الذي يُطلق الاتهامات يُمنةً ويُسرة». ولفتت الى أن المندوب السعودي أعطى في كلمته تبريرات لظهور تنظيمات ارهابية كـ «داعش» وغيرها، إذ قرن ظهورها بـ «ممارسات النظام السوري» و«السياسات الطائفية لبعض الدول»، وليس بالدعم السعودي والخليجي لهذا التنظيم وغيره. «علماً أن السعودية هي من أولى الدول الداعمة للحركات التكفيرية الإرهابية في سوريا وأكثرها تأثيراً في هذا المجال، ولذلك فإن حديثها عن مكافحة الإرهاب لا يحمل أي مستوى من الجدية». وربطت الموقف السعودي بـ «قلق متنام لدى القيادة السعودية من المفاوضات الدائرة حول الملف النووي الإيراني، وبخوف حقيقي من إمكان الوصول إلى اتفاق في المفاوضات يحطم آمال هذه القيادة في تشديد الحصار على إيران».
واستبعدت المصادر أي تأثير عملي للموقف السعودي في ظلّ موازين القوى الحالي في الساحة الدولية، وفي ضوء الردود التي سمعها المندوب السعودي على دعوته.
وكان مندوب ايران في الأمم المتحدة غلام حسين دهقاني ردّ على المعلمي بالدعوة إلى التمييز بين المقاومة المشروعة والإرهاب مؤكداً ضرورة دعم المقاومة. وانتقد «تقاعس الدول الإقليمية عن تطبيق أقوالها»، ورأى أن «حكومات قليلة في المنطقة تأخذ هذا الخطر على محمل الجد، وهي لم تضبط حدودها ولم توقف التجنيد في داعش أو تمنع الدعم المالي عن هذه المجموعات الإجرامية».
ومن جهته اتهم مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الرياض بالوقوف وراء الإرهاب في المنطقة، مستهجناً التضارب في تشخيص أصول الإرهاب. واعتبر «أن تنظيم القاعدة وأخواته ومشتقاته كلها نمت بفضل رعاية السعودية للإرهاب في أفغانستان» مضيفاً أن «من يقوم بالذبح الآن في سوريا وراءه السعودية وقطر». ولفت المندوب السوري إلى توجيه 72 شيخاً سعودياً نداء للذهاب إلى سوريا من أجل «الجهاد»، متسائلاً «ما إذا كانت الحكومة السعودية جادة في محاربة الإرهاب».

الأخبار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …