يريدون إسلامًا يسبِّح بحمد الاستكبار!

#مقال العلامة المرجع #السيد_محمد_حسين_فضل_الله

إنهم يريدون إسلاماً يسبِّح بحمد الاستكبار ويقدِّسه، يريدون إسلاماً لا ينطق بالحريّة والكرامة. ولهذا، فقد عبثوا بكلّ الواقع الإسلامي، فأثاروا فيه الفتن الطائفية والمذهبية والقومية والعرقية والإقليمية، حتى يشغلوا المسلمين عن أصالة إسلامهم، ليسقطوا تحت تأثير هذه الفتن المتحرّكة في الواقع.

لذلك، علينا أن نعمل على أساس مواجهة هذا الخطر الذي هو أخطر من السلاح، لأننا عندما نُغلب على أفكارنا، وتشوَّه صورة الإسلام في عقولنا، وعندما نتحرّك من موقع الحريّة التي أرادها الله لنا، إلى موقع العبودية للاستكبار وللظالمين، فإننا سنسقط في كلّ قضايانا.

علينا أن نهتمّ بالتربية الإسلامية الأصيلة التي أراد الله تعالى لنا أن نتربى عليها، وأن نؤسّس شخصيّتنا على أساسها، فالله تعالى يقول لنا: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، إن علينا أن نعيش الإسلام الحرية والعدالة والأصالة، والإسلام الذي يجمع المسلمين كأمّة واحدة، ليعتصموا بحبل الله جميعاً لئلا يتفرقوا، وليواجهوا الاستكبار من موقع قوّتهم التي أراد الله لهم أن يعدّوها في داخل أنفسهم وحياتهم.

إنّ الله تعالى يقول: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، لقد جعل الله تعالى أمرنا، من خلال ما أوكله إلينا في إرادتنا، بأيدينا، فقال لنا: ركزوا أفكاركم ومشاعركم وأحاسيسكم وعملكم في الخط المستقيم، وعند ذلك، سوف تحصلون من الله على كلّ خير، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ـ ولم يجعلوا هناك أرباباً من دون الله، أيّاً كان أولئك في مواقع الاستكبار ـ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.

وقد قالها رسول الله (ص): “يُحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة”. لذلك أخلصوا النيّات، أخلصوا الفكر وأصّلوه، لنكن المسلمين في أفكارنا وقلوبنا وحياتنا كلّها، حتى لا يخدعنا المستكبرون والكافرون والمنافقون عن إسلامنا الأصيل، بإسلام يصنعونه على قياس كفرهم وانحرافهم وضلالهم.

*من #أرشيف سماحة السيّد، خطب الجمعة العام 2001.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …