{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ} فكيف تنكرون الله، وهو الحاضر في وجودكم مع كل نعمة، في ما تفكرون وتبصرون، وفي ما تسمعون وتلمسون، أو تأكلون أو تشربون…
وكيف لا تشكرونه على ذلك كله؟
{إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} يغفر لكم ذنوبكم على الرغم من ذلك إذا رجعتم عن الخطأ، ويرحمكم إذا انتبهتم للانحراف وتحركتم في خط الاستقامة. وتستمر النعم الكثيرة، بالتساقط عليكم بالخير والرحمة والبركة كل صباحٍ ومساء، دون أن تنقطع لذنبٍ أذنبتموه، أو لخطأٍ ارتكبتموه. وماذا بعد ذلك؟ هل تستطيعون الاختباء من الله وراء الحواجز التي تحجبكم عن بعضكم البعض، وتؤمن لأسراركم الحماية من الآخرين، في ما يصدر عنكم من أخطاء ومشاكل وأوضاع،
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}، فهو الحاضر معكم في كل ساحةٍ من ساحات حياتكم الداخلية والخارجية، فكيف يمكن أن يكون كفركم وضلالكم وإنكاركم لله وشرككم به سراً عليه
{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وكيف يمكن أن تكون عبادتكم لمن لا يبتعد في مستواه عن أصغر مخلوق لله فضلاً عن عدم ارتفاعه إلى مقام الألوهية؟ فليس هذا إلا دليلاً على موت الفكر والقلب والضمير، نتيجة الغفلة المطبقة التي تحجب عن الإنسان رؤية الأشياء بحجمها الطبيعيّ، كما تمنعه من رؤية المصير كله.. إنه الموت الحقيقي، لأن الحياة تفقد معناها معه
{أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}، فهم يتحركون كما لو كانوا يسيرون في ظلام يطبق على الحياة كلها حتى يلغيها، فلا يعرفون الزمن الذي يستفيقون فيه ليواجهوا المسؤولية أمام الله الذي لا رب سواه