واشنطن تطمح للتعاون مع الحزب

الواضح من مصادر متابعة للمحادثات في جنيف من القوى اللبنانية الوازنة انه في الغرف المغلقة جرى تبادل «اطراف» الحديث حول لبنان وسوريا والعراق واليمن وساحات اخرى حتى اوكرانيا وافغانستان، لكن ما هو جلي ان الاميركي اقرّ مع حلفائه الدوليين بالدور الواضح للجمهورية الاسلامية الايرانية وحلفائها في هذه الدول، ولم يعد الاميركي والفرنسي والبريطاني ، غائب عن مجرى توازن القوى في هذه الساحات ، وبناء عليه يعيد قراءة الساحات وموازين القوى وتصرف هذه القوى ووتقييم اوضاعها ومواقفها.

الاميركي قال للبعض من اصدقائه في لبنان بحسب هذه المصادر المتابعة ان خصما يستمع الينا ويناقشنا ويعمل في موازين المصالح ، افضل بكثير من صديق « متعنّد» لا يريد ان يستمع الى المستجدات وتطورات الساحة. نحن الاميركيون يقول هؤلاء الاصدقاء بتنا مقتنعين ان لا حل في سوريا الا بالتعاون مع ايران وبشار الاسد، ولا حلّ في لبنان الا بالتعاون مع ايران وحزب الله وكذلك الامر في الساحتين اليمنية والعراقية، بحيث لم نعد نستطيع تجاهل صعود القوى الرئيسية التي استطاعت ان تفرض وجودها على حساب قوى كانت تتفرد بساحة القوى في هذه العواصم.

يقول هؤلاء الاصدقاء ممن يلتقون الاميركيين في لبنان وخارجه ، ان حزب الله وحركة امل وتيار العماد عون وحلفاءهم ، قوى اساسية في لبنان مقررة في الاستحقاقات الاساسية في لبنان ، كما باتت مقررة في التفاصيل الرئيسية الا ان عواصم عربية تعتقد انها تستطيع تجاوز هذه الاطراف، وهذا ليس صحيحاً ، هذا مع العلم ان هذه الاطراف قادرة على التعطيل الجزئي او الكلي، لذلك «نصحنا» يقول (الاميركيون) الحلفاء بفتح قنوات الاتصال مع هؤلاء للتوصل الى حلول لبنانية في مختلف الملفات الا ان هناك من العرب رفض لهذه النصحية من العرب الذين اوعزوا الى حلفائهم اللبنانيين بنصائح اخرى. لكننا لم نتدخل ، مما سبب تعطيلاً لجلسات مجلس النواب التشريعية ، كما تسبب بتعطيل امور عديدة في لبنان تهم الاستقرار المالي والاقتصادي.

وتضيف المصادر المتابعة هناك مشاورات خلف الاضواء اقليمية ودولية بخصوص لبنان ، وتحديداً حول الملف الرئاسي ، وقد جرى الحديث مع قوى اقليمية وازنة في هذا الملف وتبين وفق المصادر ان الجميع غير مستعجل لملء الفراغ الرئاسي حالياً في لبنان ، لذلك استغلت المملكة العربية السعودية «التأجيل» الاقليمي كي تشير الى تيار المستقبل ببعض المواقف ، ومن خلال الرئيس تمام سلام ، كي يعيد طرح مسألة مقاربة (آلية العمل في مجلس الوزراء) في محاولة مكشوفة «لإلقاء القبض» على صلاحيات رئيس الجمهورية» فتجري ممارسة اعراف لرئيس مجلس الوزارء يجري التذرع بها في المستقبل القريب، عند اللزوم في جملة امور، وكل ذلك بهدف مواجهة حزب الله وحلفائه الذين تعتبرهم المملكة الفريق « الايراني في لبنان» وتريد ان تمسك الساحة اللبنانية من خلال مواقف سلام.

وتقول مصادر سياسية: لا احد يستغرب هذه المعلومة، فالمشكلة التي تركت تتفاعل في قضية النفايات، كانت تهدف الى تأجيل او تعطيل ما كان جرى التوافق عليه في مجلس الوزراء ، لبحث مقاربة او هيكلية العمل في مجلس الوزراء، نعم ان الحقيقة هنا، وان اظهرت ازمة النفايات حقيقة ازمة الحكم في لبنان والقوى السياسية والحزبية على اختلافها، لكن لم تأت الازمة من فراغ ( من يريد ان يصدق فليصدق والا فهو حرّ) لذلك يمكن ملاحظة ان فريق حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما اصروا على بحث آلية عمل مجلس الوزراء رغم افتعال ازمة النفايات في توقيت البحث، لأن الفريق الاخر من «المستقبل» الى جنبلاط و«القوات» ارادوا حشر خصمهم السياسي الداخلي بزاوية ازمة النفايات لكن المحاولة لم تنجح ، هذا مع العلم ان مختلف القوى السياسية تعلم اننا سنصل الى هنا، لكن لله في خلقه شؤون ، وربما ما حصل كان لاظهار حقيقة كيفية ادارة الدولة ومصالح الناس وهذا امر لا يمكن استثناء اي طرف منه لا في 8 ولا في 14 اذار ، ليتأكد للمواطن اللبناني مجددا اي قوى سياسية ترعى مصالحه.

وتضيف المصادر: بالطبع هذه المعلومة قد لا تلفت نظر العديد لكنها حقيقة ومؤكدة ، ومع ذلك لم يكن من سبيل امام الاطراف السياسية المتخاصمة الا اللعب على صحة اللبنانيين ، وهنا يمكن العودة الى ان الملفات اللبنانية ، اذا ما اراد اللبنانيون التعامل معها ، فانهم يثبتون دائما انهم لم يبلغوا سن الرشد السياسي ، او انهم اعتادوا على الوصايات والاوامر ، التي يجري تخفيفها ، ويطلقون عليها تسمية النصائح .

وتتابع المصادر بالطبع حتى الملفات التفصيلية اللبنانية تجري مقاربتها بالمنظور الطائفي والمذهبي والمناطقي ، بعيداً عن المصالح الوطنية العامة او مصالح الناس ، من هنا وفق المصادر نفسها فإن القوى الداخلية عاجزة حتى الثمالة عن معالجة الملفات الصغيرة فكيف بالملفات الكبرى، التي هي محل خلاف وانقسام داخلي تبعاً لانقسام التمحور السياسي الاقليمي والدولي للافرقاء في لبنان.

المؤكد وفق المصادر ان مكتب لبنان في الخارجية الاميركية لم يعط لحلفائه الداخليين الضوء الاخضر، لأن الواقع هو عند الاميركيين، وعندما تضئ واشنطن الضوء الاخضر كل ما عدا ذلك من نصائح لن تعدو كونها «فقاعات» جارية، اذ كما حصل الاتفاق الكبير مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في الملف الاكبر ، وكما تجري المشاورات خلف الاضواء حول اليمن وسوريا ، عندما يحين وقت لبنان ، سيرى الجميع كم ان الامور سهلة. الا انه ما هو ممنوع على تمام سلام اميركياً « خبرية الاستقالة».

“الديار”

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …