هل شق السيد فضل الله صفوف المسلمين بفتوى علم الفلك؟

شبهة أخرى رُميت على فتوى المرجع السيد فضل الله، تمثلت هذه المرة بقولهم أن السيد بث الفرقة في صفوف المسلمين بفتواه في تحديد بداية الأشهر القمرية بواسطة علم الفلك.

بالنظر لظاهر هذه الشبهة، نجد انه يمكن لها ان تسلك طريقاً الى عقول وقلوب من يتعاطون بسطحية مع الأمور. فالسيد دائماً يفتي قبل الآخرين وبالتالي وفي معظم الأحيان لا يتوافق الآخرون مع فتواه فتقع الفرقة واختلاف الرأي.

ولكن لو نظرنا الى الزمان الذي سبق فتوى السيد في اعتماد علم الفلك وقيمنا واقع الأمة في تحديد الأشهر القمرية، نجد ما يلي.

فترة ما قبل ثورة الإعلام والتواصل، حيث كان نقل الخبر من ديار الى اخرى يتطلب عقلا ومنطقا اياما وأسابيع ان لم يكن اشهراً. وبالتالي كانت كل قبيلة تعتمد على نفسها في هذا الأمر وكانت وحدة الرأي مستحيلة!

في ايام وسائل التواصل ومع بروز أنظمة ودوّل مستقلة وتوجهات سياسية مختلفة، باتت مسألة تحديد بداية الأشهر القمرية سياسية سيادية بامتياز لمعظم الدول. يستثنى من هذه الدول الكبيرة دولاً اصغر كانت اما تخضع بكاملها لدول أخرى او ينقسم أهلها جماعات بتبعيات مختلفة. خير مثال على هذه الأخيرة بلدنا لبنان. ففي لبنان كانت التجمعات ولا زالت تتبع سياسات وتوجهات دول تدعمها بالمال والسياسة.

إذاً كانت الناس منقسمة في هذا الشأن بالطول والعرض وبعدد اختلاف المشارب والآراء والأهواء وما إلى ذلك. كل أولئك ربما كانوا معذورين لأن الكل كان يعتمد على الرؤية المتصلة مباشرة بمتابعة ظاهرة طبيعية تتفاوت تجلياتها باختلاف الأمصار والجغرافيا.

من هنا وفي جو هذا الإختلاف المبعثر وغير المنتظم والفوضوي تأتي فتوى السيد فضل الله لتزرع أملاً بالوحدة والتقارب. حسابات الفلك تعتمد على العلم والحسابات الرياضية الصحيحة التي يتفق عليها علماء الكوكب كلهم من مسلمين وغير مسلمين وبالتالي يبرز العلم كخشبة خلاص متميزة وممتازة لتوحيد توجهات الأمة.

امتلك السيد الجرأة وأفتى ونكاد نجزم ان الهدف هو الوحدة. فهل يأتي يوم وتتوحد فيه الأمة حول علم ويقين واحد موحِّد وموحَّد؟

نضال

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …