عماد مرمل
AM 02:19 2015-01-20
منذ حصول الاعتداء الإسرائيلي على موكب كوادر «حزب الله» في القنيطرة السورية، والذي كان يضم جهاد عماد مغنية بكل ما يحمله الإبن الشهيد من رمزية، تقدم سؤال كبير على كل الملفات اللبنانية الداخلية، وهو: ماذا بعد؟
اقتحم العامل الإسرائيلي مجدداً قلب المشهد اللبناني، وهذه المرة من نافذة الجولان، مطلقاً العنان لسيناريوهات واحتمالات شتى، لعل أكثرها تواضعاً، يؤشر الى ان المرحلة المقبلة ستكون على موعد مع عملية خلط أوراق.. وحدود.
وفيما كان الرئيس نبيه بري «يحتضن» الحوار بين «حزب الله» و»تيار المستقبل» في عين التينة لتحصين الوضع الداخلي و»تلقيحه» بشروط المناعة في مواجهة خطر الإرهاب والاحتقان المذهبي، متكئاً على رصيد الجلسات الناجحة حتى الآن.. جاءت الغارة الإسرائيلية لتثير قلق رئيس المجلس، خصوصاً أن «عصفها» عابر للحدود، وبالتالي يتعدى القنيطرة الى مدى أوسع.
ولئن كان الاعتداء الإسرائيلي يهدد بتداعيات متعددة الأبعاد، على أكثر من صعيد، إلا أنه في الوقت ذاته يشكل بالنسبة الى بري سبباً جديداً وحافزاً إضافياً للتمسك بالحوار الداخلي، كونه صمام الأمان، شبه الوحيد، في زمن انعدام الوزن وانفلاش المخاطر.
كان بري مستغرقاً في نشاطه المعتاد، عندما بلغه خبر استشهاد المقاومين الستة في القنيطرة، ومن بينهم، جهاد ابن الشهيد عماد مغنية.
على الفور، تغير مزاج رئيس المجلس الذي بدا متأثراً وحزيناً، لا سيما أنه يعرف جيداً الشهيد جهاد. يقول بري: سبق لي أن التقيت جهاد.. لقد كان شاباً واعداً، واستشهاده مع الآخرين مؤثر.
يصمت بري لبعض الوقت، في لحظات تأمل اختلطت فيها المشاعر والأفكار، قبل ان يكسر الصمت بقوله: ما يجري في سوريا مؤامرة حقيقية، وأخشى من أنها ستطول..
أما في لبنان، فإن بري يبدو مصمماً على تأمين كل عناصر النجاح للخطة الأمنية المرتقبة في البقاع الشمالي.
يؤكد رئيس المجلس ان الخطة ستنفذ بحزم، ولن تكون كسابقاتها، لافتاً الانتباه الى ان الامور ستختلف هذ المرة، والقوى الأمنية والعسكرية لن تذهب الى البقاع لتقوم بجولة عابرة ثم تعود، بل هي ستبقى في المنطقة، حيث لن يكون امام المطلوبين، وفق بري، سوى واحد من الخيارات الآتية: تسليم أنفسهم، الهروب الى خارج الحدود لأنه لن يبقى لهم ملاذ في البقاع، أو القبر.
ويشدد بري على عدم التساهل بتاتاً في تنفيذ الخطة الأمنية، مؤكداً أنه ما من ريشة او مظلة فوق رأس أحد. ويضيف: خذوها من ذقني.. الإجراءات المرتقبة ستكون مغايرة لكل ما سبق.
ويعتبر بري ان الخطة المنتظرة ستعيد تأكيد الوجه الحضاري للبقاع، والمعنى الحقيقي للعشيرة، مشيراً الى ان الأهالي هم أول المستفيدين منها، لأنهم يدفعون الثمن الأكبر لارتكابات مخالفي القانون والمخلين بالأمن. لكنه يشدد أيضاً على ضرورة ان تلي الخطة الأمنية خطة إنمائية، يجب ان تطال في الأولوية البقاع وعكار.
ولا يفوت بري ان يتطرق الى «الانطباعات الإيجابية» التي خرج بها من لقائه قبل يومين مع تيمور وليد جنبلاط، بحضور الوزيرين وائل ابو فاعور وعلي حسن خليل، وهي زيارة قام بها تيمور بناءً على طلب والده الذي نصحه بأن يجعل انطلاقته الرسمية في العمل السياسي من عين التينة.
على أساس هذه القاعدة، استقبل رئيس المجلس «وريث» المختارة تيمور، وليس تحضيراً لملاقاة استقالة قريبة مفترضة لوليد جنبلاط من مقعده النيابي تمهيداً لانتخابات فرعية في الشوف، إذ إن بري باق حتى إشعار آخر عند رأيه الذي أبلغه لجنبلاط حين فاتحه بعد التمديد برغبته في الاستقالة النيابية، وهو أنه يفضل تأجيل مثل هذه الخطوة، لأن الظرف غير ملائم لها، ولأن الأسباب ذاتها التي حالت دون إجراء الانتخابات العامة لا تسمح بتنظيم انتخابات فرعية الآن في الشوف وجزين، إضافة الى انتخابات في بلديات منحلة ومستحدثة.
لمس رئيس المجلس، خلال استقباله تيمور في عين التنية، أنه أمام شاب دمث، رزين، يحسن الاستماع، مقل في الكلام. ولما أراد إشراكه في عصارة تجربته، وجَّه له النصيحة الآتية: في السياسة، عليك أن تميز بين قلبك وعقلك.
المصدر: السفير