عبثاً حاول “سعد” استرجاع أمواله التي أقرضها الى رفيقه في العمل، ولما أعيته الحيلة وباءت كل محاولات الاقناع والتفاوض بالفشل، سدد له ضربة محكمة في رأسه كانت كافية لإزهاق روحه.. لم تقف جريمة القاتل عند هذا الحدّ، بل عمد الى طمر جثة الضحية داخل حرم الجامعة التي يعملان فيها سوية.
كادت فصول هذه الجريمة أن تبقى في علم الغيب، لو لم يتقدم شقيق المغدور بشكوى أمام النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان، يعلن فيها اختفاء أثر شقيقه “راغب” منذ نحو سنة من دون أن يعرف عنه شيئاً، وتحدث عن تلقيه معلومات قبل يومين تفيد بأن الأخوين “سعد. م” و”سليمان. م” أقدما على قتل أخيه ودفن جثته في منطقة الدبية.
على الفور باشرت الأجهزة الأمنية تحرياتها عن مكان تواجد الشقيقين المشتبه بهما، عثرت بداية على “سليمان”، الذي أقرّ بأن شقيقه “سعد” الذي يعمل في جامعة خاصة في منطقة الدبية، أخبره منذ سنة تقريبا أنّه أقدم على ضرب المغدور “راغب. ع” إثر خلاف مالي بينهما، ما أدى إلى وفاته ثم قام بمساعدة شخص آخر بدفنه.. لم تتأخر القوى الأمنية في توقيف “سعد” في مكان عمله وسوقه إلى مفرزة بعبدا القضائية.. فسارع الموقوف الى الإعتراف وسرد فصول جريمته.
وقال: “منذ 11 عشر شهرا، كنت أعمل مع “راغب” في إحدى الجامعات الخاصة في محلة الدبية، كان يواظب على استدانة المال مني الى أن وصل المبلغ المستحق لي في ذمته مليونين و300 ألف ليرة، وكلما طالبته بحقي يتبرّم ويحاول التهرب، الى أن انفجر الخلاف بيننا في حضور صديقنا المشترك “يوسف ن”، وبدل أن يكافأني بتسديد أموالي، راح يشتمني وتطور الأمر الى أن أقدم على ضربي على وجهي، وبدأ يوضب ثيابه ويعلمني بأنه سيغادر إلى سوريا ولن يسدد لي قرشاً واحداً، حينها أمكست بعصا من السنديان الأخضر كانت مرمية على الأرض وضربته بها على أسفل الجمجمة من الجهة اليسرى فوقع أرضا وبدأت الدماء تنزف من أذنيه وأنفه وفمه وبدأ يرتجف.. تهيبت المشهد، حاولت إنعاشه برش الماء على وجهه لكن من دون جدوى، وما هي الا دقائق قليلة حتى لفظ آخر أنفاسه وفارق الحياة”.
ويضيف الجاني في روايته: “عندما وقعت الجريمة كانت الساعة بلغت الخامسة مساء، تركت جثة “راغب” في الحديقة تحت الشجرة، وصبيحة اليوم التالي حضرت مع “يوسف” قبل شروق الشمس، وقمنا بحفر حفرة في المكان، لفينا الجثة بشرشف وألصقناها بـ”السكوتش” ورميناها في الحفرة وألقينا التراب فوقها، كنت أنوي إخبار إدارة الجامعة بتفاصيل الجريمة لكنّ “يوسف” نصحني بعدم البوح بالأمر لأي كان لأن مصيري سيكون السجن إن لم يكن الاعدام”.
انتقلت دورية من المفرزة برفقة المتهم إلى حرم الجامعة، حيث دلّ على موقع الجثة، بدأت عملية الحفرة فعثر على شرشف بداخله عظام على عمق ستين سنتمترا. وبمعاينة الطبيب الشرعي للجثة، تبين أنها أصبحت متحللة وغير واضحة المعالم وهي تعود لشاب في العشرين من عمره، عليها آثار رضة قوية على مؤخرة الجمجمة أدت إلى كسر في قاعدتها ولنزيف حاد، وقد أكدت فحوص الحمض النووي أنها جثة المغدور.
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي هنري الخوري، أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة مدة عشرين سنة بالمتهم “سعد. م”، والسجن سنة واحدة لرفيقه “يوسف” وحفظت حق الجهة المدعية بالمطالبة بحقوقها المدنية أمام المراجع القضائية المختصّة.
(“لبنان 24”)
الوسوممباشر
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …