حسان الزين
AM 01:56 2014-09-29
عاد المطر.
عاد ويُرجّح أنّه سيُغرِق طرقاً ويسدّ أنفاقاً ويكشِف ورشاً مفخّخة بالزعبرة والتقاعس يعمل متعهِّدوها مدعومين بلا حسيب ولا رقيب، وبلا اكتراث بالمواطنين ومصالحهم.
عاد المطر وستنهمر “خيرات السماء” على الرؤوس العارية لملايين البشر في هذه الأرض الضيّقة، ولا ضامِنَ لنا أنّنا حين نفتح الحنفيّات لنغسل أيدينا ووجوهنا سنجد ماءً.
كأنَّ المطر عاد فجأة، وإن انتظرناه طويلاً.
عاد الماء المجّاني وسيذهب كذلك. ولنصلِّ أن يذهب كذلك، بلا خسائر، وبلا كلفة، وبلا ضرائب، وبلا مصائب مائيّة وكهربائيّة وبشريّة.
عاد المطر ولم نستعد له، كما لو أنّنا لا نعرف أنه سيعود في موعده السنوي. ولم ننظف مجروراً لندعه يمر بسلام. ولم نهيّئ له خزّاناً، ونحن عطاش ومتّسخين بالعرق والوحل.
كأنّه فصلٌ في شاشة عملاقة، ونحن نشاهد. نشاهد فحسب. نحن مجرّد مشاهدين.
ومثلما يدهمنا كلُّ شيء: الإرهاب، العنف، الفلتان الأمني، الفراغ السياسي، البؤس الممدد له، الغضب الأهلي والسبات المواطني، ها هو الشتاء أمر واقع. أمر واقع. وكأنّنا في هذا البلد الذي (كنّا) نتغنّى بمناخه وجغرافيّته وجمالهما، نحوّل الطقس والفصول لعنة. جعلنا الصيف جفافاً وعطشاً وتجارة سوداء علنيّة، ونجعل الشتاء غرقاً وهدراً وموسماً آخر للتطنيش ونشر الغسيل المتّسخ وقد بات كثيراً كثيراً.
السفير