مملكة الارهاب تحاضر بالديمقراطية 

لا شك ان تصنيف مجلس التعاون لحزب منظمة ارهابية لم يأت فجأة نتيجة ردة فعل على خطاب لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله او موقف لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، بل ياتي في سياق منسجم مع الانحراف التاريخي للمسار السياسي والتبعي لقادة الدول العربية في الخليج الفارسي وعلى رأسها مملكة الشر صاحبة التاريخ الأسود في ارتكاب افظع الجرائم الارهابية قديما وحديثا.

ومن يراقب يلاحظ ان نظام ال سعود ومنذ تنصيبه من الاستعمار على ارض الحجاز ، ينفذ الاجندة البريطانية الاميركية الاسرائيلية في التآمر على الاسلام والعرب ، فآل سعود منحوا فلسطين “لليهود المساكين” كما ورد في الرسالة الموثقة بخط الملك عبد العزيز الى البريطانيين.

 وبقي هذا التحالف تحت الطاولة وترجم في اكثر من محطة تاريخية سواء بالانحياز الى المحتل الاسرائيلي وعرابي اوسلو في شان القضية الفلسطينية، او في عدم دعم المقاومة الفلسطينية ولو برصاصة واحدة، او بالسعي الى انقاذ المحتل عبر ما اسمي بالمبادرة السعودية للتسوية بين الكيان الصهيوني والفلسطيين.

 تلا ذلك الانحياز السعودي الى العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006 ، حيث كشفت وثائق بينها ويكيليكس عن طلب السعودية من القادة الاسرائيليين بــ”سحق” حزب الله ، وكلفوا اتباعهم في لبنان بالتآمر على المواقع وارشاد الاسرائيلي الى مواقعها ، ودفعوا مفتيهم الى اصدار فتاوى تحرم علنا وعبر وسائل الإعلام دعم المقاومة في وجه العدوان الاسرائيلي. ووصل الامر بالسعودية وبعض الانظمة العربية الى الدخول في معركة مباشرة ومكشوفة في المنطقة ضد الدول الاسلامية والعربية والممانعة، ولما فشلوا في كل ذلك اظهروا التحالف والتنسيق مع الصهيانية من الخفاء الى العلن. 

وامام فشل حروب محور السعودية، العسكرية والسياسية والاقتصادية ضد حزب الله، وعجزه عن تغيير سياسة الحزب او “سحقه”، لم يعد بالامكان امام محور الشر السعودي الاسرائيلي الا ان يلجأ الى استخدام الداخل اللبناني ورقة ضغط ضد الحزب ، حتى لو ادى ذلك الى مخاطر كبيرة امنية كما اشار الى ذلك نهاد المشنوق وزير الداخلية عن تيار المستقبل الموالي للسعودية.

الا ان المؤشرات تدل على ان مفعول القرار العربي انعكس سلبا على السعودية وحلفائها اللبنانيين اولا. 

 فرئيس تيار المستقبل سعد الحريري حليف السعودية الاول في لبنان ، الذي أيد قرار العرب بإدراج حزب الله على لائحة الارهاب، اكد انه سيستمر في الحوار مع الحزب، ما يعني انه غير قادر على تجاوز الحزب كمكون لبناني اساسي، والا فكيف يحاور حليف السعودية حزب الله “الارهابي” ؟

ايضا وزير وزير الداخلية نهاد المشنوق اعترض خلال اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس على تصنيف الحزب ارهابيا، وقال ان موقفه في تونس منسق مسبقا مع رئيس الحكومة تمام سلام ومع الحريري، واضاف ” قلت كلاما مسؤولا عن اللبنانيين وعن لبنان باعتباره الدولة الاولى في المواجهة زمناً وشهداء” ورأى في ذلك مخاطر على الاستقرار ووحدة لبنان وامنه.

اما احد صقور تيار المستقبل النائب السابق احمد فتفت فرأى ، ان رأي المشنوق يمثل قسما “كبيرا” من التيار.

وهذا يعني ان هناك انقسام كبير في تيار المستقبل حيال القرار العربي، لا بل إن حلفاء السعودية الاخرين في لبنان رفضوا القرار، وقال وزير العمل عن حزب الكتائب من فريق 14 اذار سجعان قزي، ” لا نريد بعد وقف اطلاق النار في سوريا ان ينتقل اطلاق النار في لبنان، وهذا يعني حربا اهلية…” وتابع ” الدول الخليجية حرة في قراراتها ولكنها لا تلزمنا، ولوكان حزب الله ارهابيا بالنسبة لنا ، لكنا استقلنا من الحكومة او هو استقال منها”. 

ويبدو ان اللبنانيين اكثر عقلانية من السعودية ومجلس التعاون لادراكهم حجم المخاطر و التهديدات المترتبة على القرار العربي . فهم يرون : 
1- ان توصنيف حزب الله ارهابيا ، فتنة تستهدف لبنان كل لبنان، هدفها شق الصف الوطني ، وتهديد للاستقرار والامن الهشين في لبنان

2- ان تداعيات القرار ستطال اولا الفريق السعودي في لبنان، كما فعل قرار وقف الهبة السعودية للجيش اللبناني المقدرة بنحو 4 مليارات دولار، حيث اول من تضرر منه جماعة 14 اذار التي اذلت نفسها للرياض لاعادة الهبة الا ان حكام المملكة رفضوا. اما حزب الله فلم يتضرر من وقف الهبة، لانه لا يستفيد من التمويل العربي. لذا فان القرار انعكس سلبا على القواعد الشعبية لجماعة 14 اذار، وساهم في اضعاف شعبية تيار المستقبل التي تتناهشها التيارات التكفيرية والسلفية ، اكثر. وقرار وقف الهبة فضح الموقف السعودي حيال اتباعه في لبنان حيث ظهر ان الرياض تعاقب لبنان كله بزعم معاقبة حزب الله. وهذا ما لم يقره عاقل. وتجدر الاشارة هنا الى ان تيار المستقبل يعاني ازمات مالية حادة جدا دفعت سعد الحريري الى بيع بعض ممتلكاته لتغطية العجز في تياره وشركاته. 

3- امام وقف الهبة السعودية ، فان نفوذ ايران حليفة حزب الله، هو الذي سيتنامى على حساب النفوذ السعودي، لان طهران اثبتت مصداقية موقفها في دعم لبنان كل لبنان لا سيما بشأن قضية تسليح الجيش، حيث اعلن وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل بعد وقف الهبة السعودية ، ان الحكومة ستفكر في الهبة الايرانية لتسليح الجيش اللبناني بمجرد رفع الحظر عن طهران .

4- ان حزب الله بما يمتلك من امكانيات هائلة على غير صعيد، سيرد على القرار الخليجي، اولا بالسعي الى قطع نفوذها ونفوذ الدول التي اساءت له وللمقاومة واللبنانيين، عن الساحة اللبنانية، ما يعني في المقابل ان الرياض ستلجأ الى اسلوبها القديم الجديد، المتمثل باستخدام التكفيريين لتنفيذ تفجيرات في بعض المناطق اللبنانية بهدف الفتنة والتحريض والطائفي. ما يطرح السؤال هل من قرار دولي يسمح لها بذلك؟ المعتقد لا، لان القرار الدولي منذ فترة زمنية هو تأمين الاستقرار في لبنان باعتبار لبنان حاجة دولية لمتابعة قضايا المنطقة.

5- كشف القرار الخليجي عن حجم التحالف والتنسيق بين دول مجلس التعاون والكيان الصهيوني، اذا جاء تصنيف حزب الله بعد زيارة قام بها وفد من الكيان الى الرياض، بما يعني ان “التنسيق انتقل من تحت الطاولة الى فوق الطاولة” كما قال السيد حسن نصر الله. وهذا يحمل مخاطر ان يشن الاحتلال الصهيوني مغامرة عدوان جديد على لبنان، بتمويل سعودي بهدف “سحق” حزب الله.

6- القرار العربي لن يغير في موقف حزب الله وسياسته حيال السعودية وقضايا المنطقة، بل سيزيده تأكيدا على صحة هذا الموقف، ويزيده اصرارا على اكمال معركته ضد لادوات السعودية في سوريا واليمن ووالعراق والمتمثلة بالتكفيريين الارهابيين.

7- خطاب السيد نصر الله الاخير ، شكل مرحلة فاصلة في المواجهة مع السعودية ومجلس التعاون، حزب الله هو الذي يحدد افاقها. فقول السيد ان خطابه غداة العدوان السعودي على اليمن، اعظم ما انجزه في حياته، اي انه اعظم من تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ومن انتصار تموز “الالهي”، يحمل مؤسرات على ان المعركة مع مملكة الارهاب اكبر بكثير من كل ذلك والحزب على كامل الاستعداد لخوضها بجدارة وانتصار. 
اخيرا يمكن القول ان السيد نصر الله وضع نظام ال سعود في نفس المرتبة مع العدو الاسرائيلي وربما يتقدم عليه. وبالتالي ان اقدمت السعودية على اي مغامرة فسيكون مصيرها مصير الاحتلال في هزيمة عدوان تموز. والارجح اسوأ. 

وبكل الاحوال هي مملكة الارهاب وتحاضر في الديمقراطية

الإعلامي: حكم أمهز

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …