كثيرا ما يستعمل الناس عبارة (عايِف التَّنْكِة) للإشارة إلىٰ الوصول إلىٰ حد الإحباط واليأس واللامبالاة،null
عايف: فهي من الفعل (عاف)، وعاف الشيء؛ أي تركه وأهمله.
يبقىٰ أن نعرف ما هي (التَّنْكِة)؟ وما علاقة عَوْفِها – أي تَرْكِها – بالشعور باليأس… ؟!null
(التَّنْكِة) لغةً هي: “اسم لصفيحة رقيقة من معدن تُطْلَىٰ بالقصدير، وتُتَّخَذ منها أوعية للسوائل أو غيرها”.
أما في المثل، فهي عبارة عن قطعة معدنية كانت تُعطىٰ لِمَنْ أنهىٰ خدمته الإلزامية في الجيش العثماني؛ ذلك لتكون بمثابة وثيقة يُبْرِزُها الشاب بحال تمّ توقيفه من قِبَل الجيش العثماني، فيثبت من خلال هذه (التَّنْكِة) أنه قد أنهىٰ الخدمة الإلزامية، وعليه يُخْلَىٰ سبيله، وإلا لو لم تكن (التَّنْكِة) بحوزته، أُعِيْدَ سَوْقُه من جديد إلىٰ (السَّفَرْ بَرْلِك)، وهي بالتركية (Seferberlik)، وتعني:النفير العام والتأهب للحرب (التعبئة) في الحرب العالمية الأولى.
ونظرا لأهمية هذه القطعة المعدنية، كان غالبا ما يُمَرِّرُ كلُّ شابٍّ خَيْطًا في ثُقْبِ (التَّنْكِة) ليتمكّن من تعليقها في رقبته، لتبقىٰ ملازمة له حيثما ذهب،
عرفنا ما هي (التَّنْكِة)، أما ما دلالة عَوْفِها أو تَرْكِها أو فلنقل خَلْعِها علىٰ اليأس والوصول إلىٰ الحضيض، فلعلكم عرفتم الرابط بين المعنيين؛ إذ لا شيء يدعو الإنسان إلىٰ أنْ يُلقي بـ(التَّنْكِة) – رغم أنها الوثيقة الوحيدة التي تُخَلِّصُهُ من الرجوع مجددا إلىٰ صفوف الخدمة الإلزامية، إلا اليأس التام وعدم الاكتراث لأيِّ شيء يصيبه حتىٰ الموت الذي قد يقع عليه جَرَّاءَ الالتحاق مجدَّدًا بالجيش العثماني اي عايف التنكة،
هذه قصة عايف التنكة ايام الحرب الاولى، والناس اليوم عايفين التنكة تبعهم.