مذبحة جبل محسن

تعرض السلم الأهلي والحوار اللبناني – اللبناني لانتكاسة كبيرة تضع البلد على منحدر أمني خطير، بعدما استهدف تفجيران انتحاريان، مساء اليوم، مقهى في منطقة جبل محسن في طرابلس، أدّيا إلى استشهاد تسعة أشخاص، وإصابة العشرات بجروح. وقد تبيّن أن الانتحاري الأول يدعى طه سمير خيال (مواليد 1994) من سمان منطقة المنكوبين المحاذية لجبل محسن، فيما يرجّح أن يكون الانتحاري الثاني هو بلال محمد مرعيان الملقب بـ”أبو ابراهيم” (مواليد 1986) من المنطقة نفسها.
وأفاد مراسل “السفير” في طرابلس غسان ريفي بأنّ الانتحاريين كانا يخططان لاستهداف مقهى “أبو عمران” في جبل محسن المحاذي لمنطقة المنكوبين، والذي يرتاده ما لا يقل عن مئتي شخص عادة من جبل محسن وبعض مناطق طرابلس. وكان الهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الإصابات وذلك من خلال اقتحام أحد الإنتحاريين لمقهى “أبو عمران” المكتظ، على أن يقوم الثاني بتفجير نفسه بمن تجمعوا نتيجة الانفجار الأول. وعند السابعة والدقيقة الـ35 مساءً، دخل أحد الانتحاريين إلى المنطقة التي تعرف بمنطقة “المقاهي” وأخطأ في المقهى المستهدف وفجر نفسه في مقهى “الأشقر” الذي يبعد أمتار عدة عن المقهى المطلوب استهدافه. وأدى الخطأ في الانفجار الأول إلى ارتباك الانتحاري الثاني، الذي سارع بعد سبع دقائق وبمجرد تجمّع الناس، إلى الدخول بينهم، لكنه وقبل تفجير نفسه اشتبه به أحد المواطنين الذين استشهدوا ويدعى عيسى خضور فرمّاه أرضاً وألقى بجسده عليه، ما أدى إلى التخفيف من عصف الانفجار. ويقول عدد من الشهود إن الشهيد خضّور ضحى بنفسه لإنقاذ العشرات من المواطنين الذين صودف وجودهم في المنطقة. وعلى الفور، ضرب الجيش طوقاً أمنياً حول المكان خصوصاً مع ورود معلومات بأن جزءاً من الحزام الناسف الذي استخدمه الانتحاري الثاني لم ينفجر. وعمل الخبير العسكري على رفعه من مكانه. من ناحية ثانية، دهمت مخابرات الجيش منزلي الانتحاريين، وأوقفت والد الانتحاري طه خيال في منزله في المنكوبين. وذكرت معلومات أن خيال غادر منزل عائلته قبل ثلاثة أشهر، والتحق بمجموعات تكفيرية، وكان ينوي الذهاب إلى سوريا للقتال. وأعلنت “جبهة النصرة” عبر “تويتر” مسؤوليتها عن التفجير.
وعلى الفور، فرض الجيش طوقاً أمنياً حول المقهى، ومنع الصحافيين من الاقتراب إلى موقع التفجير. فيما طلب وزير الصحة من جميع المستشفيات استقبال المصابين بسبب التفجير، ومعالجتهم على نفقة الوزارة.
ونقل سبعة شهداء إلى مستشفى “السيدة” في زغرتا، وشهيدان إلى مستشفى “طرابلس الحكومي”، فيما تعود جثتان للانتحاريين، وأصيب عشرات الأشخاص بجروح، أربعة منهم إصابتهم خطيرة.
إلى ذلك، أصدر محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا قراراً بناء على توجيهات وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، منَع فيه التجوّل في منطقة جبل محسن ومحيطها، هذه الليلة ولغاية الساعة السابعة من صباح الغد.
من جهة أخرى، يعقد مجلس الأمن الفرعي في طرابلس صباح الأحد، اجتماعاً لمتابعة الوضع الأمني في المدنية، فيما تولّت الشرطة العسكرية والأدلة الجنائية التحقيق في مسرح الجريمة.
بدورها، أعلنت قيادة الجيش، في بيان، “استهداف أحد المقاهي في منطقة جبل محسن بتفجير انتحاري، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوف المواطنين”.
وتابع البيان: “على الأثر، توجهت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على عزل المنطقة المستهدفة، كما حضر عدد من الخبراء العسكريين الذين باشروا الكشف على موقع الانفجار لتحديد حجمه وملابساته، فيما تولت الشرطة العسكرية التحقيق لكشف هوية الفاعلين”.
من جهته، كلّف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الشرطة العسكرية والأدلة الجنائية إجراء التحقيقات الأولية في ما حصل في مقهى عمران في جبل محسن. كما كلف الطبيب الشرعي إجراء فحوص الحمض النووي للأشلاء التي عثر عليها داخل المقهى.
يذكر أن المحقق العدلي في جريمتي تفجير مسجدي السلام والتقوى القاضي آلاء الخطيب استدعت علي عيد إلى جلسة استجواب اليوم بصفة مدعى عليه.
بدوره، قال أمين عام “الحزب العربي الديموقراطي” إن تفاصيل التفجير لم تتكشّف بعد، مشيراً إلى أن التوقيت مشبوه خاصة بعد المذكرة الجديدة في حق علي عيد.
ورأى في اتصال مع قناة “الجديد” أن الحوار بين “حزب الله” و”المستقبل” لن يؤدي إلى حل كل مشاكل البلد، مؤكداً أن الحزب “كان يعرف أنه سيكون هدفاً بسبب مواقفنا”.

(الوكالة الوطنية للإعلام، موقع السفير)

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …