عماد مرمل
تاريخ المقال: 12-03-2014 02:24 AM
مع فشل لجنة صياغة البيان الوزاري في جلستها العاشرة بالتوافق على مسألة المقاومة، بدت مشاعر الرئيس نبيه بري تتأرجح بين الغضب.. والقرف.
لم يتصور رئيس المجلس أن المقاومة، في بلد لا يزال جزء من أرضه محتلا ويواجه خطراً اسرائيلياً مستمراً، يمكن ان تكون موضع خلاف وانقسام الى هذا الحد، لاسيما انها تنتمي برأيه الى فئة البديهيات.
ويقول بري لـ«السفير» إن «ما يثار من اعتراضات على بند المقاومة في البيان الوزاري، بات يقارب حد المهزلة، ومن يظن أنه يستطيع تحت ضغط الوقت والمهل الزمنية أن ينتزع منا تنازلات في أمور تخص صميم المقاومة هو واهم، وقد سبق لي أن أكدت أننا لن نفرّط بحرف واحد من هذه الكلمة الذهبية».
ويضيف رئيس المجلس: «إذا كانت لدى البعض حساسيات حيال أشخاص او قيادات في المقاومة، فعليه ان يعرف أن المقاومة هي خط واستمرارية، وأنه يجب النظر اليها على هذا الاساس».
ويتابع: «قلتم إنكم لا تريدون ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، علماً أنكم انتم من اخترعها أصلا، فقلنا على راسنا، ولكن مع الإبقاء على حق اللبنانيين في مقاومة أي احتلال أو اعتداء اسرائيلي. نحن سايرناكم، والمفروض أن تسايرونا، وأن تعلموا أن مرونتنا تقف عند حدود ثوابت راسخة، لا يمكننا التنازل عنها».
وماذا عن مطالبة قوى «14آذار» بأن تكون المقاومة تحت إشراف الدولة أو مرتبطة بمرجعيتها؟
يجيب بري: «هل يدرك هؤلاء خطورة ما يدعون اليه؟ هل يريدون أن يعطوا اسرائيل الفرصة لتهاجم مؤسسات الدولة ومقرّاتها بذريعة الرد على المقاومة؟ ألا يدركون أن وضع المقاومة في حضن الدولة يعني أن كلاهما طار؟ أكثر من ذلك، أنا أقول إنه لو طلبت المقاومة أن تتخلى عن هامش استقلاليتها، لكان من واجب الدولة أن ترفض طلبها، علماً أنه ليس صحيحا أن المقاومة لا تراعي حسابات الدولة واعتباراتها، بل هي تُحسن قراءة الواقع والتعامل معه، وأنا اسأل: الا يوجد التزام بالقرار 1701؟».
ويضيف: «هؤلاء الذين يرفعون شعار ربط المقاومة بمرجعية الدولة.. هل هم على قدر هذا التحدي وهذه المسؤولية؟ وبكلام أوضح: هنّي قدّو لهيدا الحكي؟ وكيف يُصرف هذا الكلام ما دام أن حصول الجيش اللبناني على صاروخ متطور يتطلب مفاوضات دولية؟ إن الدولة التي يُطلب منها تحمّل هذه الأعباء والمسؤوليات في مواجهة اسرائيل يجب أن تملك قوة موازية لقوة المقاومة أو تتفوق عليها، فهل هذا هو واقع الحال؟».
ويتابع رئيس المجلس: «لا أريد أن أنبش قبور الماضي، لكن الدولة هي التي جاءت بالاحتلال الاسرائيلي الى لبنان بفعل مقولة قوة لبنان في ضعفه، وقصر بعبدا الذي هو رمز هذه الدولة استباحه الاسرائيليون بعدما وصلوا الى بيروت واحتلّوا أول عاصمة عربية، اما المقاومة فهي التي حررت الارض، وهؤلاء الذين ينتقدونها الآن من داخل الدولة هم في الواقع مدينون لها، لأنه لولاها لما أتيحت الفرصة لإعادة بناء الدولة».
ويلفت بري الانتباه الى أنه «إذا كانت الحكومة هي حكومة المصلحة الوطنية، فإن هذه المصلحة تحديدا تستوجب عدم التفريط بالمقاومة مع الحفاظ على خصوصيتها وهامش الحركة لديها، مشددا على أنه حتى لو كان المقاومون قطّاع طرق، وهم ليسوا كذلك، فعلى الدولة أن تحتضنهم».
ورداً على القول بأن المقاومة فئوية والمطلوب وضع حد لـ«خصخصتها»، يلفت بري الانتباه الى أن «هذه المقاومة مرّت في مراحل عدة: من الفلسطينيين الى أحزاب الشيوعي والقومي السوري الاجتماعي والبعث، وصولا الى حركة أمل وحزب الله. وبالتالي فهي مسار طويل عابر للطوائف والمذاهب. وحتى لو سلّمنا بأنها أصبحت لاحقاً شيعية، فأين المشكلة في ذلك ما دامت تخدم لبنان؟ لأنني مقتنع بأنه إذا كانت الطائفة في خدمة الموطن فإنها تصبح وطنية، أما إذا كانت تُوظف الوطن لمصلحتها فإنها تصبح طائفية».
ويشدد رئيس المجلس على أن «لبنان هو البلد الوحيد الذي لا يزال قادرا، ضمن العالم العربي، على مواجهة الخطر الاسرائيلي بفضل مقاومته، وللتأكد من ذلك ما عليكم سوى إلقاء نظرة سريعة على أوضاع سوريا ومصر والعراق وليبيا والسودان وغيرها، حيث الاضطرابات الداخلية وموجة الارهاب تُضعف المجتمعات وتستنزف الجيوش، بشكل لا يريح سوى اسرائيل»، ملاحظا انه «تبين ان المطلوب من الربيع العربي المفترض ضرب أي قدرة على المقاومة».
وبرغم امتعاض بري الشديد من إخفاق لجنة صياغة البيان الوزاري في حسم بند المقاومة، إلا ان ذلك لم يمنعه من الإشادة بدور الرئيس تمام سلام «الذي هو رجل مستقيم، وأدار جلسات اللجنة بتوازن»، معتبرا ان «ابن هذا البيت العريق لا يمكن ان يكون ضد المقاومة».
وينبه الى ان «المهلة المتاحة امام الحكومة لإنجاز مشروع البيان الوزاري تنتهي منتصف ليل الاثنين المقبل، ويجب بذل كل الجهود لإنجازه ضمن الوقت المتبقي». لافتا الانتباه الى انه «إذا انقضت المهلة من دون تحقيق ذلك، فانني سابلغ رئيس الجمهورية صباح الثلاثاء بأن الحكومة من وجهة نظري باتت بحكم المستقيلة، ويجب الدعوة الى إجراء استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، وفي حال لم يوافقني رئيس الجمهورية الرأي، عليه ان يتحمل مسؤولية موقفه».
ويؤكد بري «ان مهلة الثلاثين يوما لوضع البيان الوزاري هي مهلة إسقاط لا حثّ، وإلا ما قيمة المهل الأخرى الموجودة في الدستور؟». مشيرا الى أن «الحالات الواردة في المادة 69 والتي تُعد بموجبها الحكومة ساقطة، تنطبق على الحكومة التي تكون قائمة، لا تلك التي تكون في طور التكوين».
وكان الرئيس بري التقى أمس، رئيس «المجلس العام الماروني» الوزير السابق وديع الخازن الذي نقل عن بري أمله في «ان تكون التحولات في المواقف والإجراءات الإقليمية محفزاً جديداً دافعا لوجوب امتثال الحكومة امام المجلس النيابي بأسرع وقت كي نذهب جميعا الى التحضير لانتخابات رئيس جمهورية جديد في الموعد المحدد في الدستور».
المصدر: السفير
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …