مجالس البقوسة

يحمل الواحد منا حقيبته ويهاجر الى بلاد بعيدة طلباً للأمن والأمان والحياة الكريمة له ولأبنائه. ومن عاداتنا أن نأخذ عاداتنا وتقاليدنا ولاسيما وطننا في العقل والقلب الى حيث نذهب. فتجدنا نتكتل ونأنس ببعضنا البعض في أوطاننا الجديدة إلى حد أننا ننشئ أحياء هي صور مصغرة عن ما تركنا عليه قرانا يوم ارتحلنا.

نجد في مغترباتنا طيب العيش والأمن والأمان. نعمل ونرسل اولادنا الى أطيب المدارس. منا من يحصل الوفير من المال ومنا من يحصل العلم وما الى ذلك وكله في كنف دول وحكومات من العالم الأول والتي تساوينا بمواطنيها ان من حيث الحقوق والواجبات.

في ظل هذا الرخاء يفتقد العديد من أبناء الجيل الأول لجانب يعرف في قرانا بالوجاهة أو الصف الأول أو كبير القوم وهو مقام يحل ويربط في قرانا النائية تلك ان كان في التواسط مع زعيم او مسؤول لتوظيف شخص او لتزفيت طريق او لإجراء مصالحة أو لطلب يد عروس وما شابه. وكلها أمور لا تعني الكثير لأبناء الجيلين الثاني والثالث سواء منهم من ما زال في الوطن او من ولد وعاش في المغترب.

في ظل هذه الحاجة المعتادة يطل عليك بين الحين والآخر أسماء لمجالس وتكتلات تحت عناوين مختلفة وكبيرة يصرف عليها المال الدعائي الترويجي دون أن يكون لهذه التكتلات الصفة التمثيلية الجامعة ودون أن تقدم برامج وتطلعات يمكن ان تشكل نواة لعمل عام يخدم المغتربين ويوحد كلمتهم.

فتخرج عليك بين ألفينة والأخرى مجموعات كفقاعة الصابون لتقول لك “بقوسة” أنا التكتل والتجمع الذي يمثل شريحة من المغتربين ودون استشارتهم. تحدث الضجة، من الناس من لا يأبه، منهم من يرضى ومنهم من يعترض. يرتفع الصوت ثم يخمد فيُنسى. … لقد بات الأمر معتاداً.

حبذا لو نوفر الجهد والمال ونتوجه الى ما هذه الجاليات بحاجة إليه وفيه أمثلة:
– كيف نحمي أبنائنا من خطر المخدرات
– كيف ننمي الجانب الأخلاقي والتربوي حتى نكون مفخرة بين الجاليات
– كيف نظهر ونشجع المميزين والناجحين من أبنائنا
– كيف نساهم في انخراط جاليتنا اكثر في المجتمع المضيف
– كيف يمكن ان ننقل بعضا من هذا الرخاء الى بلدنا الأم
– كيف نقدم مثالا في التعاون والتعاضد ونكران الذات وذوبان الكل في سبيل نجاح أهداف سامية نحددها ونعمل من أجلها…

يطول الكلام ومع المودة والإحترام لكل المبادرات التي نتمنى أن تكون بمستوى التحدي والمسؤولية.

Bintjubayl.com

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …