ماذا كان الإمام الصدر ليقول للصدريين الجدد عن الشهيد شريعتي

*في ذكرى اغتياله الـ 42، شريعتي محاولات إغتيال جديدة*

بعد معاودة الهجمة المسعورة التي يشنها البعض (من المعمّمين، خاصة الذين يدّعون الانتساب لمدرسة الإمام السيد موسى الصدر) على الدكتور علي شريعتي وفكره؛ وذلك عبر مواقع التواصل رأينا أنّه من المفيد أن نعيد نشر كلام الإمام المغيّب السيد موسى الصدر حول الدكتور شريعتي، سيما وأنّ الإمام الصدر كان على معرفة كاملة ولصيقة ووثيقة بشريعتي ووالده العلامة الشيخ محمد تقي شريعتي، علنا بهذا نجِبّ ألسنة الأفّاكين من جهة وأفواه المتاجرين بالدين من جهة ثانية.. أو الذين يصنعون بطولات وهمية على أسماء الشرفاء ويمارسون فرحة “الأهبل” بهوس مرضي عقيم.

فهل ستكفِّرون الإمام الصدر مثلاً..؟

أو أنكم تفهمون الإسلام أكثر من الإمام الصدر,,؟! أم أنكم تعرفون شريعتي أكثر منه؟؟!!! أم أنّ جهادكم وتضحياتكم أكبر من تضحياتهما ..؟؟!!*

*الكلام الوارد هنا هو في الأصل تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، 1 تموز 1977. وبصوته إذ يتحدث فيه عن خصال وعلم وجهاد وإخلاص وتضحيات الدكتور علي شريعتي.. والرابط المرفق هو للموقع الرسمي لمركز الإمام الصدر، والذي يديره نجله الصديق العزيز السيد صدر الدين موسى الصدر “حفظه الله”*

/ محمد حسين بزّي /

بسم الله الرحمن الرحيم

…. كان لنا صديق، زميل، قائد من قادة الفكر الإسلامي، هو الدكتور علي شريعتي، توفي في هذه الفترة الأخيرة. وفي “أمل ورسالة” التي ستطبع إن شاء الله بعد يوم أو يومين أو ثلاثة له نعي وصورة. والعدد القادم من الجريدة سيخصص له بإذن الله. أحببت أن أنقل للإخوان، صورة عن هذا الرجل، وألقي بهذه المناسبة ضوءًا على البعد العالمي لحركتنا. الدكتور علي شريعتي، أبوه رجل دين غير معمم، اسمه الشيخ محمد تقي شريعتي، وهو رجل فاضل أسس مؤسسة في خراسان اسم المؤسسة “مجمع الأبحاث القرآنية”، وأنا ألقيتُ محاضرات هناك، قبل عشر سنوات تقريبًا. الدكتور شريعتي، وهو إيراني، قروي من قرية مازينان، قرب كوير يعني الصحراء في إيران، تخرَّج من جامعة السوربون واختصاصه علم الاجتماع الديني. وعاد إلى إيران وكان يعطي دروسًا في جامعة خراسان، ثم في جامعة طهران، ثم تحول إلى داعية ديني؛ له أكثر من 150 كتاب. كتبه، محاضراته في الواقع، محاضراته أربع ساعات، خمس ساعات، ست ساعات، سبع ساعات ارتجال، تُسجَّل وتُطبع. أديب شامخ، فكره إسلامي، فكر نضالي منفتح. إسلاميته وطبقيته وموقف رجال الدين لم تجعل من دعوة الدكتور شريعتي، دعوة محافظة رجعية يمينية كما هو التقليد. إن الدعوة الإسلامية تعتبر في كثير من الأوساط دعوة محافظة على الأقل. دعوة الدكتور شريعتي للإسلام دعوة تقدمية ثورية نضالية، أو ما نسميه نحن دائمًا في اجتماعاتنا دعوة حركية، وليست دعوة مؤسسية. يعني ليس الإسلام دكانة يجب أن نحتفظ بمكاسبه، ونأخذ لأجله من الناس، ونسخِّر الناس لخدمته، كما حصل بالنسبة للمؤسسات الدينية. المؤسسات الدينية اليوم، لها أموالها، ولها أوقافها، ولها رجالها، ولها شؤونها وبروتوكولاتها، ولها خصوماتها، ولقاءاتها، ولها مكاسبها. تمامًا مثل الاتحاد السوفياتي أو الصين، بعدما تحوَّلا إلى دول، ونسيا كونهما حركة انقلابية عالمية. فبدآ يفكران بالاحتفاظ بمكاسبهما، ولأجل الاحتفاظ بهذه المكاسب، يجب التحالف حتى مع الشيطان، أو مع نصف الشيطان، أو مع ربع الشيطان بالتالي. فترى أن الصين الشيوعية اليوم تلتقي مع القوى اليمينية في العالم للاحتفاظ بمكاسبها وللمنافسة مع الاتحاد السوفياتي. الاتحاد السوفياتي نفس الشيء.

إذًا، أحيانًا كثيرة حركة إنسانية، في مرحلة من المراحل تتحول إلى مؤسسة، متى؟ عندما تشيخ. الحركة في بدايتها شابة، ناشطة، متحركة، تخيف، تقتحم، تتقدم، إلى أن تنتهي أنفاس المؤسسين، فتشيخ، وتفكر أن تحفظ رأسها، لا تصطدم مع الناس، تتحالف مع هنا وهنا تفكر بالاحتفاظ بالمكاسب. الدكتور شريعتي في أحد كتبه، يقول: في فرنسا، رحت أشتري مجلة “Jeune Afrique” فوجدت أن الأمن الفرنسي قد جمع جميع نسخ هذه مجلة الفتية الإفريقية. قلت في نفسي: يا سبحان الله! فرنسا، معقل الحريات، مركز جميع أنواع الدعوات من الشيوعية المتطرفة إلى التروتسكية، إلى غير ذلك، إلى اليمين إلى الوجدانية والوجودية، وكل أنواع الفكر… كيف فرنسا هذه تخاف من جريدة “Jeune Afrique” فتجمعها؟ السبب أن هذه مجلة شابة، حركة جديدة تقتحم وتخيف، بينما الحركات الأخرى كادت أن تتحول إلى مؤسسات لها جهدها طبعًا.

الدكتور شريعتي، كان أحد قادة الفكر الإسلامي في العالم. أفكاره قيِّمة جدًا، وكان يحضر درسه الأسبوعي، حوالي ستة آلاف طالب وطالبة جامعيين أو متخرجين في مؤسسة معينة باسم “النادي الحسيني للإرشاد”. طبعًا حُورِب من قبل الحكم في إيران، وحُورِب أيضًا من قبل مجموعة من رجال الدين الذين يعتبرون الإسلام محتكرًا لهم، ومن حقهم وميراثهم، وهم وحدهم يفهمون الدين، ولا يحق لأحد أن يفهم غيرهم. هذا الرجل بالفعل كان مصدر الإلهام ومصدر التفكير والعطاء لكثير من الحركات الإسلامية، من جملتها حركتنا. ونحن سنحاول بإذن الله، بالإضافة إلى العدد القادم من “أمل ورسالة” أن نخصص عددًا نلخص فيه أفكاره ثم نطبع أو نترجم أفكاره وكتبه ومحاضراته حسب التيسير وفي حدود الإمكان في لبنان، بإذن الله.

بدون شك، إن التيار الذي كان يحترم ويكرّم الدكتور شريعتي، كان تيارًا ساحقًا، تقريبًا الشبيبة المسلمة في إيران، وغالبًا جعلوا التيار الإسلامي في إيران أقوى من التيارات الحزبية الأخرى. يعني الجامعة كانت بيدهم والتأثير الإسلامي كان عميقًا في المجتمع الإيراني، حتى إن الشيوعيين استسلموا للحكم، وبقيت الحركة الإسلامية تقاوم وتدافع وتناضل. الدكتور شريعتي، من خسائر الفكر الإسلامي، والفكر الحركي، يعني الفكر النضالي المعتمد على الإيمان بالله. ولذلك نحن نعتبره فقيدنا وخسارتنا، ونكرمه في هذا اليوم، يوم علي، مولاه ومولانا، ونبعث إلى روحه أيضًا، ثواب الفاتحة.

*الصورة للإمام الصدر يصلي على جثمان شريعتي في السيدة زينب (ع) دمشق

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …