ليقرّر اللبناني أهو انسان أم غنمة؟

 
سامي كليب : 
يفكر قادة القطعان في لبنان عن الشعب. هذا دأبهم منذ 70 عاما . يستنبطون دائما وسيلة ما لإبقاء الجزء الأكبر من هذا الشعب في مصاف الغنم. الآن معظمهم محشور في الزاوية ذلك أن الرئيس ميشال عون “هدد” بالإحتكام إلى الشعب لتقرير مصير القانون الانتخابي الذي يريده الناس…دب الهلع. ارتعدت فرائص أرباب المال والفساد والصفقات والإقطاع. استنفر الرعاة كل حواسهم. لا بد من إبقاء الشعب نائما. هو ينام منذ الاستقلال. هو كان قابلا بكل صنوف القهر حتى طمرته النفايات. زينوا له أن هذه هي الديمقراطية فصدّق. حصروا الوظائف الحكومية عند الرعاة فاحتاجهم الناس وسكتوا وخنعوا. لو غضب الزعيم جاعت عائلته وأعيقت مشاريعه. لو استاء الفاسد استنجد بالفاسدين الآخرين حتى ولو كانوا خصومه في السياسة لقمع الناس. لو اضطر السياسي، يمينيا كان أو يساريا، رجعيا أو تقدميا، متدينا أو علمانيا، لن يتردد في الاستنجاد بالخارج، والانبطاح أمام الخارج، وخفض سرواله للخارج، لا باس . فهو سيعود ويقوم بالشيء نفسه مع الغنم من حوله… 

يستطيع القائد اليساري مثلا أن يُبشّر 30 عاما بفكر ماركس ولينين وماو تسي تونغ، ويضع صورة تشي غيفارا وفيدل كاسترو وهو شي منه والجنرال جياب، لكن لمّا يحين موعد استحقاق انتخابي فلا بأس أن يستنجد بكل مداركه الطائفية وغرائزه المذهبية ومشاعره الدينية التي تصحو فجأة من حيث لا ينتظرها أحد …تصبح الطائفة وسيلة الاستمرار والقهر.
كل شيء مباح في الوطن المستباح. القافلة الطائفية تسير ولو كثُر النباح وبُحت الحناجر بالصياح…في وطن جزء من شعبه كان يقاوم عدو البشرية إسرائيل وجزء يسامرها ويغازلها ويفرش السجاد الأحمر لدباباتها، لا تسل كيف تُعقد الصفقات فيتم الصفح وينزل العفو من فوق ويصبح المقاوم والعميل متنافسين على المقاعد، لا بل قد يصبح المقاوم والعميل على لائحة واحدة ….

نعم يا سادة هذا هو الوطن المجروح والمشغول اليوم بغرف ماسونيي الطوائف ومشعوذي المذاهب وتجار الأديان وحراس الهيكل ، بغية إخراج شكل مقبول لقانون انتخابي مسخ كي لا يصحو الشعب …

حسنا فعل ميشال عون بالتلويح بالاستفتاء الشعبي .لعل ثمة فرصة نادرة أمام الرئيس وأمام فريقه الذي ساهم بايصاله إلى الرئاسة لأن يُسجل للتاريخ أنه في عهده انتقل المواطن من مرحلة الغنمة إلى إنسان له صوت …لا شك أن تيارات شعبية واسعة مستعدة للسير معه وإلى جانبه وخلفه إذا كان صادقا في دك صروح الطائفية العفنة وإنتاج قانون عادل للانتخابات ..

ما لم يفعل فإن حراس الهيكل الصديء سيهدمون الهيكل عليه ……ميّز الرئيس اميل لحود عهده بأنه كان عهد حماية المقاومة وحق العودة، فليكن عهد عون هو عهد الصوت الواحد للإنسان الواحد ……..

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …