لهذه الأسباب يكنون كل هذا الحقد والعداء للفيلم الإيراني محمد رسول الله (ص)

صموئيل شخصية يهودية متطرفة تتولى في فيلم “محمد (ص)” الذي أنتجه المخرج الإيراني مجيد مجيدي ملاحقة “الطفل البشارة” الذي يولد في الليلة التي ينير فيها جبل “فاران” أي مكة، حسب ما ورد في التوراة الباب 33 من سفر التثنية، لقتله والخلاص منه ما دام لم يولد بين قبائل بني إسرائيل.

هذه الشخصية الحاقدة بسبب انتقال النبوة إلى ولد إسماعيل عليه السلام.. كانت صديقة لكبار تجار قريش وسادتهم، تشاركهم في التجارة بالبضائع والرقيق.. بالضبط كما أن كبار الصهاينة اليوم أصدقاء لحكام البلدان الخليجية وبعض الأنظمة العربية الأخرى.. شركائهم في السياسة والاقتصاد والأمن والخوف من إيران الإسلامية.

أعود إلى “فيروس” العداء والمنع والتحريم للفيلم الإيراني “محمد (ص)” والذي أصيب به حتى بعض مشايخ الأزهر بعد أن انتقلت إليهم عدوى الوهابية والسلفية من خلال بعض المشايخ والكتب والمناهج أو بواسطة المساعدات الخليجية لمصر أو عبر كوبونات الحج والعمرة المجانية والاحتفاء والرعاية الملكية والأميرية.

ولم تكن تصريحات مفتي السعودية ورئيس هيئة كبار علماء الوهابية، عبدالعزيز آل الشيخ، بحق فيلم محمد (ص) وإيران والتشيع غريبة على المطلعين بدوافع فتاوى آل الشيخ وأشباهه، والتي ظلت تراوح بين التحجر والبداوة والحقد والكراهية والطائفية وذيليتها وامتثالها لما يمليه عليه “ولاة أمره” اصدقاء قوم صموئيل المعاصرين، حتى لو تناقضت تلك الفتاوى مع أصل الدين وأساس العقيدة.. المهم أنها تسرّ أرباب نعمته آل سعود وتأمن لهم أهدافهم في استحمار أتباعهم.

وماذا تتوقع من شخص يبارك التسوية مع الصهاينة ويحرم الدعاء للمقاومة ضد العدوان الصهيوني لأن المقاومين “روافض”!.. شخص يدعو لاستقدام القوات “الصليبية” على أرض الحرمين ويفتي بجواز الاستعانة بها لإسقاط الأنظمة المسلمة التي تختلف مع ولاة أمره وأرباب نعمته.. شخص كانت فتاواه وأشباهه سنداً للإرهاب في سفك دماء العراقيين والسوريين واللبنانيين والمصريين والبحرينيين واليمنيين بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة حيناً وبالرصاص والقصف بالقنابل والصواريخ حيناً آخر.

هذا الشخص مثال للذي مسح الشيطان على وجهه وقال له: بأبي.. وجه لا يفلح!

إن التعابير التي أستخدمها المفتي السعودي لوصف الفيلم ومنتجيه وإيران، تنضح جهلاً وحقداً وكرهاً وغباءً.. وبالطبع الأغبى والأجهل منه من يأخذ بفتاواه وهرطقاته هذه.. فأذا كان الإيرانيون مجوساً ترى ممن أخذت دينك يا شيخ؟! أليس ثلاثة من الأئمة الأربعة عند السنة هم فرس “مجوس” حسب زعمك (أبو حنيفة والشافعي ومالك).. ألست تدعي أن صحيح البخاري أصحّ كتاب بعد القرآن فمن أين جاء بخاريكم؟!.. وماذا تقول في: الترمذي وإبن ماجة والنسائي والسجستاني ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة وسعيد بن جبير والليث بن سعد وربيعة الرأي وطاووس بن كيسان والبيهقي (صاحب السنن) والحسن البصري والحاكم النيسابوري والقندهاري والإيجي والجامي والكرماني والدهلوي والخسروشاهي وأبو اسحاق الشيرازي وابن خلكان والثعلبي وشهاب الدين الأصبهاني والزمخشري والطبري وغيرهم بالعشرات.. فضلاً عن أغلب مشايخ الصوفية والفلاسفة والمتكلمين الذين تجهلون علومهم وتكفرونهم؟!

هل هؤلاء من نجد والعياذ بالله؟!

ولو كنت ترى أن الشيعة فقط هم المجوس فقد كذبت وأثمت وأكدت غباءك وجهلك.. لأن الشيعة هم من شايعوا علياً وأهل بيت النبي (ص) وأتبعوهم.. فهم حزب أهل بيت النبي الذين “رفضوا” الولاء والبيعة لغيرهم.. وأميرالمؤمنين علي يا مفتي الوهابية زهرة قريش وفتاها وعالمها وأديبها ومفسرها وقاضيها وأعدلها لولاه لهلك كبار الصحابة كما يعترفون.. علي (عليه السلام) معجزة محمد (ص) التي جعلها الله فرقاناً بين الإيمان والنفاق والتي بسببها سيدخل أشياعك وأوليائك من بني أمية وأتباعهم النار.. وبئس مثوى الكافرين.

إن الحديث عن تحريم مشاهدة فيلم “محمد (ص)” لا يقوم على أي سند علمي وشرعي.. وما استدل به البعض في حديث للنبي (ص) “ان الشيطان لا يتمثل بي” أو قولهم بعدم إمكانية وجود مثيل للأنبياء والأئمة والصالحين والصحابة.. هو مجرد حق يراد به باطل ومغالطات يعرفها الجميع.. لأن المفروض مختلف بين التمثيل الفني (تلفيزيون، سينما، مسرح أو تشابيه) وبين التمثيل على أرض الواقع بقصد الإغواء وتقمص الشخصيات أو المكانة.. ثم أي ممثل ادعى أنه في مقام من يلعب دوره في فيلم أو مسلسل.. ألس هذا من “عبيط” الكلام وسفاهة الرأي؟!

لماذا كل هذا الاستغراق في بعض الآراء الفقهية التي معظمها تعبير عن ثقافة مجتمع مصدريها وقرائتهم المتأثرة بالزمان والمكان؟ أليس التوقف عندها يعد تحجراً وجموداً ما دامت من دون ثوابت العقيدة وأسس الشريعة؟

لماذا التوقف عند أشد وأسوء قراءة لما يعرف بـ”حرمة تصوير ذوات الأرواح!” والتي لو طبقنا بعضها اليوم لتوقفت الحياة لدينا وكان علينا العودة إلى الجبال والصحارى.. نعم لو عملنا بهذه الفتوى كما يراها السلفيون والوهابيون علينا أن نغلق جميع القنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية.. ونمحو من ذاكرتنا شئ اسمه الرسم أو التصوير أو الإنترنت والهواتف الذكية.. سيكون حراماً علينا تصوير حتى البعير في مهرجان “أم رقيبة”!.. فضلاً عن النحت والمجسمات والتماثيل.. ستكون كتبنا بلا صور وبيوتنا بلا لوحات، حتى الكاميرات الأمنية في الحرمين المكي والمدني يجب أن نزيلها ونحطمها لأنها تأتي المنكر.. وأين؟ في أقدس بقاع الأرض.. بأختصار نكون حتى أشد وأعنف وأسوء من “داعش” حينها، خاصة إذا طبقنا معها مكملات سلفية من فتاوى أخرى!

هذا الدين الداعشي الوهابي من حق المسلمين أن يتبرأوا منه ويهربوا من جحيمه كما هرب الطفل آيلان من دولة “داعش” الوهابية قبل أن ينتقل إلى دار السلام الأبدية، لأنهم إن التزموا بهذه التعاليم سيكونون خارج نطاق الحضارة والإنسانية.. سيكونون في عمق التوحش.. يحملون معاولهم بأيديهم ليهدموا كل نحت أو تمثال أو صورة!

والغريب أن اصحاب مثل هذه الفتاوى يصّمون وينسون تشددهم وتحجرهم وأسس عقيدتهم عندما يكون الأمر متعلقاً بإعلام حكامهم وولاة أمورهم الذين تجاوزوا في أساليبهم الإعلامية وقنواتهم التلفيزيونية كل مراتب الفسق والفجور.. من صدور وزنود وسيقان عارية إلى لقطات حميمة، شعارها “أن تنظر أكثر”!

ولماذا لم نسمع مثل هذا الضجيج بحق المسلسلات التي تناولت حياة الصحابة وأهل البيت والتي مولتها السعودية وقطر والكويت وبثتها أم بي سي وشقيقاتها… لماذا كل هذا العواء والنباح في مواجهة فيلم يعرّف العالم بحقيقة رسول السلام ونبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعدل الصورة التي أوجدها فكركم المنحط في أذهان العالم عن الإسلام.. فقط لأن منتج الفيلم من إيران؟! لانه “رافضي مجوسي!” حسب آخر التصنيفات الطائفية التي ابتدعتموها مع بني عمومتكم الصهاينة لتقسيم المسلمين وضرب بعضهم ببعض؟!

ما هو السند الشرعي الذي أنتجت السعودية على أساسه مسلسل “الحسن والحسين”.. من حيث الصورة وكشف الوجه و…إلخ، ولماذا لا يكون مثل هذا السند الشرعي الذي قال به بعض فقهاؤكم ودعاتكم ومشايخكم سنداً لأفلام ومسلسلات الآخرين أيضاً، أياً كان انتمائهم المذهبي أو الديني أو الوطني؟! وأي صحابي أفضل من سيدي شباب أهل الجنة وريحانتي رسول الله (ص).. أصحاب الكساء المطهرون المعصومون بنص آية التطهير وآية المباهلة.. الذين جعل الله مودتهم أجراً لرسول الله على تبليغ رسالته ” قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى”.. هؤلاء الذين تبطل الصلاة دون ذكرهم…؟

تقول إن الازهر وهيئة كبار علماء الوهابية السعودية تحرم كل ذلك.. اذاً الخلاف فقهي وهو بينكم أيضاً، فلماذا لا تكفرون مشايخكم هؤلاء ولا تمجسونهم وتفجرونهم؟! لماذا تتحول عندكم الخلافات الفقهية مع الشيعة وعلماء إيران إلى تكفير واتهام بالفجور وبث للكراهية.. لماذا لم تقولوا إن القرضاوي والعودة والعريفي والعوضي والقرة داغي ومن لف لفهم وثنيون فاجرون حينما أجازوا تلك الأفلام والمسلسلات مع كل إشكالاتنا على مضامينها.. لماذا الفيلم الإيراني فقط مجوسي؟!

باختصار، السبب في مايلي:

1. إستجابة لحكامهم وإصدار فتاوى سياسية تحت الطلب، لأنهم مجرد موظفين عند الأمراء والرؤساء.

2. الحقد الطائفي والتكفير لكل من يخالفهم الرأي.

3. التحجر والجمود على فهم السلف للنص الديني (القرآن والحديث) دون أي تحريك للعقل والأخذ بتحول المفاهيم وتغيير الموضوعات بسبب الزمان والمكان.

فليس عجيباً أن ينتج مثل هذا الفكر “القاعدة” و”داعش” وأن يؤدي إلى ” إسلام فوبيا” في العالم، وإلى “آيات شيطانية” ورسومات كاريكاتيرية.. لأن ما يعرفه العالم عنا هو السيف الذي نراه في علم السعودية بيد جلاديها والذي تقطع به “داعش” و”النصرة” وغيرها من مفقسات الوهابية الرقاب والأوصال.

بقلم: علاء الرضائي – قناة العالم الاخبارية

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …