لماذا لا نستخدم الفن في نقل مصاب الحسين فيتفاعل معها غير الشيعة وغير المسلمين

لا زال صوت السيدة زينب(ع) في الشام يصدح منذ 1380 سنة، “لن تمحو ذكرنا”…

وما الذِّكر سوى الرسالة الإنسانية العالمية التي جاء بها النبي محمد (ص) والأئمة(ع)، وهدفها العالم بأسره، لا مناطق محددة، ولا شعوباً دون أخرى…
وهذه الرسالة الإلهية العظيمة احتاجت إنساناً عظيماً يذود عنها ويقوِّم ما أحدث بها المارقون من اعوجاج. فكان الحسين هذا العظيم، ومعه خيرة أهل بيته فداءً لهذه الرسالة الإنسانية.
وكان لا بد لهذا العظيم من أن يأتي من يُظهر عظمة رسالته وإنسانيّتها
بطريقة حركية تخرج الحسين وعاشوراء من القمقم الذي حُبست فيه، ولو بعد ما يزيد عن الألف سنة ونيّف، وهذا ما تجلى في غير عالم وفقيه، إلى أن أتى السيد فضل الله بنظرته التجديدية الإصلاحية لطريقة طرح رسالة الإمام الحسين(ع) وعاشوراء، لا بل خط أهل البيت(ع) كله،
يقول سماحته: “أخرجوا أهل البيت إلى الهواء الطلق وسترون أنّهم يصنعون لكلّ جيل درباً جديداً وحياة جديدة وطريقاً مستقيمة”.
ويقول أيضاً: “أريد أن أقدّم خطّ أهل البيت للعالم بطريقة حضارية، لا بطريقة المتخلفين”…
لن نعيد الحديث المتكرّر عن الممارسات العاشورائية التي تحصل في العالم كلّه، وبالوسائل شتى التي بات يعرفها القاصي والداني، ولن ندخل في جدال الجواز وعدمه، ولكن لا بد من التأكيد على طرح رسالة الإمام الحسين(ع) بطريقة جديدة كما حدّدها المرجع السيد فضل الله،
وذلك عبر إدخالها إلى السينما والمسرح وإيصالها بالفن الهادف المؤثّر في النفوس، وكذلك الأدب الإنساني،
فيقول:” فنحن نعتبر أنّه إذا أردنا أن نحرّك قضيّة عاشوراء للعالم، فإنَّ علينا أن نقدّمها في إطار مسرحيّ، أو سينمائيّ، أو ما إلى ذلك، من وسائل التّعبير الحديثة كلّها” ويعقب ” من الممكن أن تعبِّر[هذه الفنون] عن المعاني الكبيرة الّتي تختزنها عاشوراء، وعن عمق المأساة فيها أكثر مما يعبِّر عنها ألف قارئ”.
نحن بحاجة للعاطفة والدمعة المؤثرة التي تفتح القلب على المأساة فينفتح العقل على الرسالة، ولكن هناك في العالم من غير المسلمين من لا يتفاعل مع طريقة مجالس العزاء أو اللطم وما شابه، فلا بدّ من تقديم رسالة الحسين(ع) إليهم بالطريقة التي تجعلهم يتفاعلون معها فينفتحوا على عظمة إنسانيتها وعالميتها، وهذا ما عبر عنه السيد فضل الله بقوله: ” خذوا الحسين في عقولكم فكراً يضيء الحق للناس”. نعم؛ النور والحق، الحسين والإنسانية، متلازمان لا يفترقان، والظلم في تحجيم أحدهما وجعله استنسابياً أو لفئة تحتكره
دون أخرى.
الرسالة الحسينية قضية بحجم العالم وبحجم الزمن كلّه، فإما أن ندخل القمقم ونُدخل معنا هذه الرسالة ونتقوقع، أو نخرجها للهواء الطلق الرحب بحجم الإنسانية، بحجم الكون… وإما أن يكون الحسين لنا وحدنا، أو يكون كما أراد الله له، الحسين(ع) للإنسان كل الإنسان…
* محمد طراف 
مدير التحرير في المركز الإسلامي الثقافي

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …