للطيور دواعشها وعلى عينك يا دولة

“داعشي” الطيور ذاك الذي يظهره فيديو تم التداول به عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس بنموذج نادر لحالة وحيدة شاذة بين البشر، بل ثمّة عناصر عديدة يضمّها التنظيم اللبناني المنحرف، يحمّل إرهابييه ومنذ أعوام صورهم على هذه المواقع ويتناقلونها بفخر عارضين المجازر التي يرتكبونها بحق الطيور والطبيعة والإنسان أو بالأحرى الكوكب وباختصار… الحياة. ومن يبالي في ظل هذه الظروف بتقصير الدولة وتغاضيها عن ذبح الطيور إذا كان التقصير في ملاحقة من يذبحون جيشها واقعاً، غير أن التنبيه لما يحصل ولفت النظر إليه واجب وسط تكرر ظاهرة عرض الصيادين لمجازرهم والمفاخرة بها علانية على مدى أعوام دون ملاحقة قانونية لهم سواء كانت ظروفنا الأمنية ضاغطة كما اليوم أم لا، رغم وضوح النصوص القانونية في هذا المجال.

أوضح رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد لـ”النهار” أن “المشكلة ليست في النصوص القانونية فقانون الصيد موجود منذ العام 2004 ومواده واضحة غير أن المشكلة تكمن في قرار رسمي جذري وحاسم يمنع الصيد العشوائي والدولة وحدها مسؤولة عن هذا التقصير”.
ولفت أبي راشد إلى أن في لبنان 400 نوع من الطيور “منها ما ينضم إلى أنواع الطيور المهاجرة ومنها ما يعيش في لبنان، يحدد القانون هذه الأنواع ويسمح فقط بصيد 14 نوعاً منها، كما يحدد الأعداد التي يجوز للصياد اصطيادها من كل نوع وإذا ضبط معه أكثر من 5 طيور مثلا من نوع محدد يعاقبه القانون”. وتوقف عند الفيديو بالقول “إن هذا الصياد خالف القانون أولا لأنه مارس الصيد رغم أنه ممنوع حاليا إذ لم يعلن رسميا عن افتتاح موسم الصيد، وثانيا لأنه اصطاد طائر “الصفيري” وهو من الأنواع الممنوع صيدها، وثالثا لأنه عرضها على أغطية السيارات في حين أن القانون يمنع عرض الطيور على السيارات، هذا من دون أن نغفل طبعا أنه اصطاد أعداداً هائلة من كل الأنواع ودون ضوابط تطال الكمية والنوع وهذه مجزرة بيئية”.

وحمّل أبي راشد وزارة البيئة “مسؤولية ما يحصل من فلتان، فعليها أن تتخذ قراراً حاسماً، ما يحصل حاليا أن الصيد ممنوع غير أن الدولة لا تلاحق ما يقع من مخالفات ولا تعاقب المخالفين، فإما أن تتخذ قراراً فعلياً بالمنع وإما أن تفتتح رسمياً موسم الصيد وتتأكد من أن الجميع يلتزم القانون”. كما انتقد وزارة الداخلية والبلديات مطالباً “بوجوب وضع حاجز للقوى الأمنية في ضهر البيدر ليصادر بنادق الصيد ويوقف هذه المجازر، ولا يتطلب الأمر أكثر من حاجز واحد فقط لا أفهم لماذا هذا التقصير والإهمال المتعمد”.

وأكد أبي راشد أن ما يحصل “ليس مجرد مخالفة عابرة للقوانين، بل ضرب للنظام الطبيعي والإيكولوجي، فهذه الطيور معرّضة للإنقراض وهي تلعب دوراً في تحقيق التوازن الطبيعي في أوروبا وأفريقيا وعملها يتخطى المنطقة ليطال الكوكب. ولهذا السبب تدفع الدول الأوروبية أموالاً طائلة من أجل تكاثرها وحمايتها وقد وجهوا أكثر من رسالة إلى لبنان في هذا المجال مشتكين مما يحصل هنا وأنا لا أستبعد أن تتقدم الدول الأوروبية بشكوى لدى مجلس الأمن ضد لبنان لأن دولتنا غير آبهة بهذا الموضوع. حتى اليوم لا نفهم لماذا تهمل الدولة ملاحقة المجرمين الذين يقتلون آلاف الطيور التي لا تؤكل بهدف التسلية”.

النهار

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …