غالب قنديل – الارتباك الذي طغى على سلوك الإدارة الأميركية بعد إعلان الرئيس أوباما اعتزامه قيادة عدوان على سوريا يلخص حقيقة التوازنات التي فرضتها منظومة المقاومة في المنطقة.
أولا: الذي حصل بكلمة هو انتصار لسوريا لأنها نجحت بقيادة الرئيس بشار الأسد بتأكيد إرادة المقاومة والصمود وباستعداد الشعب المقاوم والجيش العربي السوري لدحر العدوان الاستعماري ومواصلة القتال ضد عملاء الناتو وعصابات التكفير على الأرض السورية وبكل تأكيد فإن الحسابات الأميركية والغربية تأثرت وبقوة بما يرتبه هذا الموقف القومي والوطني الشجاع من تبعات على حلف العدوان الاستعماري وأدواته في المنطقة وخصوصا على الكيان الصهيوني وكذلك فإن تلك الحسابات تمحورت حول الموقف الإيراني المشرف بدعم سوريا وباعتبار العدوان عليها عدوانا على منظومة المقاومة في المنطقة يستتبع ردا حازما وشاملا على قوس يمتد من مضيق هرمز إلى حوض المتوسط لكل ما في هذا القوس من شبكة مصالح لأميركا والغرب وللحكومات العميلة والكيان الصهيوني ضمنا.
أما المقاومة اللبنانية فقد ظل صمتها الرادع عنصرا حاسما في حساب الكلفة لدى الدوائر الصهيونية والأميركية معا.
ثانيا: إن الانسحاب البريطاني من حلف العدوان لم يكن السبب الوحيد خلف تحول تهديدات أوباما إلى مهزلة راقصة فكذلك تلاحق انسحاب المتورطين في حلف العدوان والأقوى دلالة كان موقف الحكومة الكندية المقطورة تاريخيا خلف واشنطن لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية، إضافة إلى بعض حكومات أوروبا التي استشعرت خطر تفاقم كارثتها الاقتصادية من مغامرة أوباما ضد سوريا بسبب تلك الحسابات الإستراتيجية والعسكرية وفي ظل الأزمة الخانقة التي تطبق على دول الغرب الصناعي في حين حضرت بتأثيرها نوعيا في موازين الخسائر أجواء الرأي العام في الولايات المتحدة ودول الغرب بعدما برهنت الاستطلاعات العاجلة للرأي على أن غالبية ساحقة ما تزال تعارض حروب العدوان والاستعمار بعد الهزائم والتبعات التي خلفها احتلال العراق وأفغانستان وانهزام الحلف الغربي الاستعماري الإسرائيلي في لبنان وفلسطين ولابد من التنويه بموقف الفاتيكان الرفض للعدوان من حيث انعكاسه المعنوي والسياسي.
ثالثا: مما لا شك فيه انه في المستوى السياسي والدبلوماسي تأكد ثبات الموقعين الروسي والصيني في تعطيل الهيمنة الأميركية على الأمم المتحدة بقوة الفيتو دون أن يرقى فعل هاتين القوتين إلى مستوى إسقاط الهيمنة الأحادية فقد تجرأت الولايات المتحدة مرة جديدة على إعلان اعتزامها شن حرب من خارج مجلس الأمن وبتحالف تقوده مباشرة وهي بذلك أعلنت إدارة الظهر لجميع المحاولات الروسية الهادفة إلى تأسيس معادلات جديدة في الواقع الدولي .
ما حصل ناتج حصرا عن فعل قوى المقاومة في الشرق العربي أي إيران وسوريا وحزب الله وانتصاراتها المتراكمة منذ حرب تموز 2006 التي كانت قوة الدفع الحاسمة لاستنهاض القدرات الروسية والصينية على المسرح العالمي بعد أكثر من عشرين عاما من الانكفاء والتكيف مع السياسة الأميركية الفاجرة والعدوانية في كل أنحاء الكرة الأرضية.
طبعا لم تطلب سوريا من أحد أن يقاتل عنها ولم نكن نفترض أن روسيا قد تدفع العالم إلى حافة الحرب العالمية الشاملة لكن ما أظهرته المواجهة التي حسمتها سوريا وحلفاؤها في منظومة المقاومة يؤكد أن الجهد الروسي والصيني في الواقع الدولي يحتاج إلى المزيد من المبادرات الهجومية لتغيير ما يسمى بالنظام العالمي الذي تقوده أميركا والانجاز السياسي المهم الذي حققته هذه المواجهة يشكل رصيدا ينبغي أن يلفت إليه القادة الروس والصينيون ومجموعة البريكس مجتمع ليطوروا مبادراتهم بجرأة أعلى وبالشراكة مع كتلة المقاومة المشرقية.
رابعا: ان أهم ما ندعو إليه اليوم هو تصرف كتلة المقاومة على أساس ان العدوان ما يزال خطرا قائما وان تظهير عناصر القوة وخصوصا تركيز الردع في مجابهة العدوان على الكيان الصهيوني ما زال فعلا حاسما لا بد منه وبالتوازي يجب ان تسخر كل الطاقات والإمكانات لنصرة الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني في سحق عصابات العملاء والتكفيريين على الأرض السورية.
ان الارتباك الغربي والأميركي خصوصا يرتبط عضويا بما عاشته إسرائيل من هلع وخوف وقلق إزاء ما بينته التفاعلات والأحداث من تركيز الردع المرتقب على كيان العدو وحيث ظهرت في هذا الاختبار حقيقة ان إسرائيل تعيش حالة من الاهتراء والعجز أمام خطر انهمار عشرات الاف الصواريخ السورية واللبنانية والإيرانية وقد أظهرت التفاعلات في قلب الكيان الصهيوني المعنى الحقيقي لعبارة بيت العنكبوت التي أبدعها السيد حسن نصرالله في خطاب بنت جبيل الشهير بعد التحرير عام 2000 فالتقارير الإسرائيلية بينت ان 80% من الصهاينة بدون ملاجئ وان أقنعة الغازات السامة بعضها متعفن منذ ربع قرن وكمياتها ليست متوفرة بصورة كافية بينما صرح قادة عسكريون كبار جهارا انهم خائفون من مفاجآت حزب الله وسوريا وعاجزون عن مواجهة ما ستطرحه الحرب على سوريا من تحديات اذا ما انتقلت منظومة المقاومة إلى الهجوم الشامل على الكيان الصهيوني الذي جزم المقاومون في المنطقة بان وجوده سيكون على المحك في أي حرب تستهدف سوريا ولبنان وإيران معا أم بالمفرد
الوسومسوريا
شاهد أيضاً
في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)
قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …