المتابع لأحداث جنيف البارحة تمتزج عنده مشهديات من القوة والعنفوان مع مشهديات من التخاذل والإنبطاح والإستسلام الى ما هو دون التلاشي مضافا إليها مشهديات الحرباء المتلونة التي تنتظر انتهاء الإحتفال حتى تعلن انتماءها للأقوى. ذلك دون أن نغفل مشهدية الذئب المتلبس لبس الحمل والباحث عن احتساب الأرباح في حرب بين أفراد ليسوا بالنسبة اليه الا عبيدا يخدمون مصالحه.
الأمريكي الذئب الذي لا تساوي عنده سوريا من بابها الى محرابها سوى مدى الأخطار التي تشكلها للكيان وكمية الأموال التي ترسلها السعودية وقطر ردا على موقفه، اكتفى البارحة برمي شتيمة واحدة لا غير وجلس يراقب “العبيد” من حوله. الأوروبيون لم يختلفوا كثيراً لا بل لا داعي لذكرهم طالما أنهم ممن يرون في الأمريكي أستاذا يقلدونه في كل تحركاته ويخشون غضبه.
ما هو أرذل كان في موقف مملوكيات البترودولار. مومياءات اعتمرت بالعباءة العربية وجلست ترقص كغصن شجرة كينا يهتز تحت قدم بوم في في فيلم رعب خيالي. هؤلاء لم يقولوا جديدا. تذاكوا بتوجيه تهم هم أولى بها. وزعوا ألقابا في الفخامة والزعامة ظنا منهم أنهم مالكوا مصير البشر. هكذا أطلوا علينا في اطلالة لا قيمة لها سوى أنها أكدت المعروف من إجرام وتخلف وعهر نظام عربي رسمي أكل عليه الدهر وشرب وسقطت معظم اركانه ولم يبق منها الا فتاة فتحت قبوره التي لا تلبث أن تقفل لتطوي معها صفحات من التخلف والرعونة.
المشهدية المقرفة كانت في اصحاب اللاموقف والذين ابتسموا للجميع وكادوا يصفقون للجميع. هؤلاء يصح فيهم القول العامي “كثرة ونتنة”.
نفايات الجلسة ظهرت جلية في وجوه لا تمثل نفسها مثلها مثل البالون الذي يؤتى به الى الإحتفال ليوهم به الناس انه الأكبر مع الحقيقة المعروفة أنه فارغ المحتوى وعديم القيمة إنما هو من ضرورات الديكور. هكذا ظهرت ما سميت بالمعارضة.
أما الإستثناء في مشهديات البارحة فكان في الهرم الممانع الذي تكسرت عند أقدامه كل المشاريع لأكثر من سنتين حتى الآن.
روسيا رسمت خارطة الطريق، إيران كانت الحاضر الأكبر بقيمتها النووية وموقعها الجديد بين الأمم والتي كانت حاضرة في كلمات الفريق المعادي وان لم تكن جالسة الى الطاولة. سوريا بأسودها ومعلمها طوعت الأستاذ الدولي وحولته تلميذا لم يكن باستطاعته الا الإذعان لمشيئة المعلم. المعلم قال كلمة الدولة وشرحها وفصلها وضبط خواتيمها واعلن مواضيع النقاش. غداً لن يبق أمام المعلم الا الصوص الجربان الذي عمل جاهدا على قراءة نص هزيل مكتوب فكيف به وهو يناقش المعلم!؟ أما الحزب فكانت مكانته محفوظة من العدو قبل الصديق وكفى.
جلسة البارحة اختصرت المشهد على الأرض. دول العالم انقضت على سوريا الا ان النتيجة كانت بصمود وصلابة أسطوريين مدعومة بشعب وإقليم ودولة كبيرة حرة مكنتها من أن تقف وتبقى.
ويبقى السؤال هل يسمح لسوريا بإعلان النصر السياسي والديبلوماسي بعد النصر العسكري والشعبي. الأيام القادمة كفيلة بالجواب على هذا السؤال.
نضال