يستقبل المسلم ضيفه ، قائلاً : “لقد زارنا النبي” !
والمسيحي يستقبله ، قائلاً : “لقد زارنا المسيح” !
وعندما يدخل زائر ما أحد البيوت الهندية ، يضئ له أهل البيت مصباحاً ، تكريماً له ، وترحيباً به ، وشعارهم : “الضيف لا يختلف كثيراً عن الإله” !
وأمام هذه التعبيرات الملأى بمشاعر الود والضيافة ، نجد الكثير ممن يتجاهل أهمية ، وعظمة هذه الابواب المفتوحة !
لنشتكي بعد ذلك ، من أن العائلات في أيامنا هذه ، آخذة فـي التباعد ، والتبدد ، وأواصرها تتفكك !
ونتباكى على أهل الوطن والخبز ، وقد افترقوا كما افترق يوماً البحر الأحمر !
ولأن الناس اعداء ما جهلوا ، فما نراه في عالمنا اليوم : “ليس صراع حضارات ، وإنما صدام جهالات” .. على حد تعبير الأمير أغاخان !
فعندما تنقصنا القدرة على معرفة وفهم الآخرين ، ينطفيء كل احساس بالمعاني المشتركة ، وتظهر مواقف متباعدة متنابذة ، تضرم في القلب شعارات الكبرياء والتفرقة ، والاعتزال والنًفرة ، مفرزة التطرّف والمتطرفين ، ويصبح دين الآخـر شيء غريب يجب اجتنابه ، وفضحه ، بل كراهيته .
فهل من الحـق والصواب ، أن نظل ساكنين اجسامنا ، بعيدين عن معجزة الحوار ، ومعرفة الآخـر ؛ فنخسر شركاؤنا على ارضنا المتصاغرة ، ونخسر ذكرياتنا ، التي هي حارسة لجميع اشيائنا الثمينة ؟!..
لنتزاور ـ إذن ـ ، ونتبادل الحب دون أي تحفظ ، أو ندم .
لنتزاوركجيران واقرباء في بيوتنا المضيافة ؛ فنستعيد معاً ذكرياتنا الجميلة ، وكأنها كتب مشوّقة يطيب الغوص فيها . وما أسهل أن يستهل أحدنا كلامه بالآتي : ” هل تذكر ذاك الشيء ؟”.. وإذ ذاك يتعاون الكل في إعادة الماضي !
لنتزاور في أماكننا المقدسة : في المسجد ، وفي الكنيسة ، وفي الاديرة .. وهي مسئولية مدارسنا ، ومعاهدنا ، وجامعاتنا ، وكـل الوزارات ، والهيئات ، وارباب الأعمـال ؛ فدورالصـلاة ، والتعبّد ، والتهجّد ، تلامس ارواحنا ، وتعطينا احساساً بالسماء ، وتذكرنا بأن هناك شيئاً خاصاً يجمعنا !
عندما تزور شخصا فأنت تعبر عن احترامك لنفسك وإنسانيك أولا قبل أن تعبر عن احترامك لهذا الإنسان الذي هو أخوك في الإنسانية والإجتماع. الإنسان حيوان إجتماعي فماذا يبقى منه إن هو أسقط الإجتماع من قاموسه.
التزاور ، سيعيدنا لتاريخنا الأقدم ، وها هو عرس اخوّتنا ينتظرنا داخلنا ، فنبتهج ، ونترنم بقول العالم كيبلنج : “لا حدود ، لا قومية ، لا أصل ، يبقى لها قيمة عندما شخصان يتقابلان” !…