يعمد أهالي القرى المُحيطة بنهر الليطاني حالياً إلى تحضير اعتصامٍ يُطالبون فيه المسؤولين “برفع الغطاء عن المُعتدين على نهر الليطاني واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم”. لدى هؤلاء اقتناع راسخ بأن المرامل والكسّارات التي كانت تلجأ الى رمي أوساخها منذ سنوات في أسفل النهر، تحظى بدعمٍ سياسي ونفوذ سُلطوي سمح لها بالتطاول على النهر.يقول رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين إن “نسبة تلوّث النهر يجب أن لا تتعدّى 2% كي تبقى نوعاً ما “آمنة” لمُستخدمي مياهه (النهر)، لكنها وصلت في الليطاني الى 37%!”، مُشيراً الى عزم فاعليات المنطقة على تنظيم تحرّكات تندد بالواقع المأزوم.
يُحذّر عدد من الأطباء من السباحة في نهر الليطاني أو استخدام مياهه في ريّ المزروعات، وذلك بسبب كثرة الجراثيم الموجودة في المياه التي تُسبب الكثير من الأمراض، أبرزها التيفوئيد. مصدر هذا التلوّث الرئيسي مجاري الصرف الصحي وأوساخ المرامل والكسارات المنتشرة في المنطقة المُحيطة بالنهر. يقول الزين إن اتحادي بلديات جبل عامل وبنت جبيل عمدا الى تقديم شكاوى ضد ملوثي بيئة النهر الى وزارات الداخلية والبيئة والصحة والزراعة والطاقة، مُشيراً الى ضرورة تحمّل كل وزارة مسؤوليتها.
الحل يتطلب إزالة أطنان من الرمال والأوساخ من النهر
مُنذ أكثر من خمس سنوات، علا الصوت المُندّد بـ”سلوك” المرامل التي ترمي أوساخها في أسفل النهر، حيث المضخّات الرئيسية الثلاث في بلدة الطيبة، ما يؤدي الى منع ضخ المياه إلى نحو 50 بلدة جنوبية.
بحسب الأهالي، هناك ثلاث مرامل رئيسية في منطقة العيشية (قضاء النبطية)، “تتسبّب في قطع المياه عن أكثر من 200 ألف مواطن!”. يجزم معظم رؤساء بلديات المنطقة بأن “الغطاء السياسي هو مكمن الخلل”. برأيهم، ان اعتداء “النافذين” لا يقتصر على حماية أصحاب المرامل فقط، بل يتعلّق بقطع الكهرباء عن المضخّات واحتكار المياه. يقول مصدر في “مصلحة مياه الجنوب”، إن البعض يعمد إلى قطع المياه عن بعض القرى التي تضخّ إليها المياه من وادي جيلو، لريّ البساتين المحسوبة على بعض النافذين في منطقة صور”.
في أيار الماضي، دشّن رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان محطة ضخّ المياه في بنت جبيل، ضمن مشروع تأمين المياه لعدد من قرى قضاء بنت جبيل. لم يتحسّن الوضع إلا لبضعة أشهر فقط. قبل ذلك، أُطلق مشروع “تحسين فعالية مصادر المياه في جنوب لبنان وتوافرها وإدارتها” الممول من الاتحاد الأوروبي بهبة قيمتها 2.2 مليون يورو في بلدة السلطانية في بنت جبيل. سبق هذه المشاريع مبادرة قضت بإنشاء مشروع ضخم بكلفة 25 مليون دولار لتشغيل مضخات وخزانات جديدة وأنابيب كبيرة في الطيبة وشقرا وبرعشيت. لم يتحسّن الوضع بسبب استمرار عمل المرامل.
يطالب الزين “مؤسسة مياه لبنان الجنوبي” باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، “كما على البلديات التي تقع ضمن نطاقها المرامل أن توقف التراخيص”.
يقول رئيس بلدية بنت جبيل عفيف بزي إن “البلديات والأهالي استنفدوا كل الوسائل، لمحاربة الفاسدين وأصحاب المرامل، لافتاً الى أن الحل لم يعد مقتصراً على توقف عمل المرامل، بل يشمل ازالة أطنان الرمال والأوساخ من أسفل النهر، اضافة الى معالجة الخلل في تأمين الكهرباء الى مضخات المياه، لأن كل الأموال التي أنفقت على ضخ المياه لم تقابل بتحسين الكهرباء التي تتعطل دائماً وبالتالي يتوقف الضخّ”.
المصدر: الأخبار